الكاتبة الشابة لانا الشحود

#ذكريات_أيلول

صباحيّة أيلوليّة صفراء
قطرات النّدى تنزلق على زجاج نافذتي
لم أرسم قلباً واسمك يتوسّطه أو ماشابه
اكتفيتُ فقط
بالهدوء
الصّمت
السّكينة
أراقب ..
عجائز شجرتنا تشيخ ..تَجعدّت بشرتها شاهدةً على عراكاتنا الّتي زادت على عمرِها عمراً
سكون اللّيل أسفل عينيها نتيجة سهرنا بعد هجرك متحدّثين عنك
انحناءات عمودها الفقريّ تعباً من حمولاتنا الّتي رميناها على عاتقها
نُحولها ، ضعفها ، رجفانها
خطى نسماتٍ خريفيّة كانت كفيلة ب تساقطها من أغصانها على مقعدنا
الّذي باتت خشباته العتيقة مقبرةً لضحايا حبّنا
صوت هارب من مذياعي شاركني مراسم التّشييع قائلاً
(ورقو الأصفر شهر أيلول تحت الشّبابيك
ذكّرني و ورقو دهب مشغول ذكّرني فيك)

من بين حشد الغيوم في السّماء تنساب واحدة إلى مكان الدّفن بثوبها الرّمادي المرصّع بقطرات المطر تحتضن الجثّث بهشاشتها
مع قبلة جبين كئيبة
تغادر المكان بخطوات ثابتة على أطراف أصابعها كي لا ألتفت لها
لكن !! رأيتها
كانت تحمل ملامحك على متنها
ركضت مهرولة نحوها وقلبي يسبق قدماي
لأختطفك منها
أمسكتها بكلتا يداي
لكنها لاذت بالفرار
كفَّاكِ صغيران ياطفلتي (كم رددّت هذي العبارة على مسمعي)
اليوم تأكدّت من صحّتها فلم أتمكّن من الحصول على ملامحك كاملة
لا بأس ، لنرى مابحوذتي
عينك اليمنى
حاجبك الأيسر
أنفك
وبضع من أسنانك
سأتولّى الأمر ..
دخلتُ حجرتي ..
فتحتُ دفتر مذكّراتي على الصّفحة البيضاء الأخيرة المتبقيّة منه
الآن سأطبع ملامحك عليها وأعوّض المفقود بأشياء تشبهها
عينك اليمنى ..وفي الطّرف المقابل صَدَفة أهديتني إيّاها الصّيف الفائت
ذات الهدوء وشعور الطمأنينة يُحدثان داخلي
حاجبك الأيسر ..خصلة من شعري اقتصصتها بعد آخر لقاء بيننا سأنسج حاجبك الأيمن بها
أنفك ..
القليل من أسنانك سأضع مكان الغائب وريقات الأقحوان الّتي انتشلتها من قلب زهورها باحثةً عن جوابي لسؤالين
أيحبني؟؟
لايحبني؟؟
أيضاً هي ضحايا حبّنا
بقي ثغرك .. سأرسمه بالقلم الذي نقشنا به أسمائنا على جسد تلك الشّجرة
وألونه بنبيذ آخر موعد بيننا ولم نشربه
لقد انتهيت
انطفأت شموع اللّهفة داخلي
وارتوى عطشي بالشّوق لرؤيتك
أغلقتُ دفتر مذكّراتي ودفنته مع أوراق شجرتنا المتساقطة
ليعاود صوت فيروز الهرب من المذياع ويكمل
(رجع أيلول وانت بعيد
بغيمة حزينة قمرها وحيد)