شبكة سورية الحدث


انفجار بيروت.. قربان لشبح الركود الاقتصادي..

انفجار بيروت.. قربان لشبح الركود الاقتصادي..

خاص – سورية الحدث
بقلم محمد الحلبي 

عقودٌ مرت والدول الكبرى تستخدم الحرب الباردة ضد الدول الفقيرة ودول العالم الثالث كي تنهكها اقتصادياً وتخضعها لسيطرتها..ولا شك أن هذه الحروب تحتاج إلى نفسٍ طويل، وخطط مستقبلية تناسب كل مرحلة، لكن فجأة توقف الاقتصاد بكل دول العالم، وظهر ما لم يكن بالحسبان عندما اجتاح العالم فيروس كورونا الذي غير الكثير من قواعد اللعبة، وأوقف دوران عجلة الاقتصاد العالمي، وسواء كان هذا الفيروس من فعل الطبيعة، أو من فعل المختبرات فبإمكاننا القول أن السحر انقلب على الساحر، وأصبح أمراً واقعاً لا مفر منه, وبات من الصعب السيطرة عليه، ليدخل العالم ككل في دوامة الركود الاقتصادي في ظاهرة لم يعهدها العالم من قبل, حيث راحت معدلات التضخم تضرب أرقاماً قياسية, مع اختلاف ظلالها في كل بلد حسب إمكانياته, لكن بالمجل توقفت جميع النشاطات الاقتصادية من نقل وسياحة وصناعة...إلخ, وبدأت مرحلة جديدة من البحث عن الضوء في آخر النفق للخروج من هذه الحالة التي عمت البلاد, كان ذلك قبل انفجار بيروت الذي يعتبر نقطة تحول في الاقتصاد العالمي, والمحرك الذي سيدفع عجلة المياه الراكدة التي يقبع عليها الركود الاقتصادي العالمي, وحتى إن كان الانفجار عن غير قصد, أو كان مفتعلاً فالنتيجة واحدة, وهي تحريك الأموال واستثمارها كنقطة بداية لتحريك الحياة الاقتصادية الراكدة..
حكاية من كان يا ما كان
قبل الخوض في تحليل انفجار بيروت سأورد هذه الحكاية..
دخل تاجر إحدى المدن التي تعاني من ركودٍ اقتصاديٍ حاد ونزل في أحد فنادقها, ودفع أجرة ليلة واحدة لصاحب الفندق, حمل صاحب الفندق المال وأسرع إلى البقال ليفي دينه, والبقال حمل بدوره المال وذهب إلى الطبيب ودفع له أجرته عن عمليةٍ جراحية كان قد أجراها له بالدين أيضاً.. الطبيب ذهب إلى اللحام وسدد ما عليه من ذممٍ مالية متراكمة.. واللحام بدوره حمل المال وأعطاه لصاحب ملهىً ليلي كان يسهر عنده كسدادٍ لدينه, ليذهب هذا الأخير إلى صاحب الفندق ويعطيه المال مقابل ثمن ليلة حمراء قضاها مع غانية في إحدى غرف الفندق, قبل أن ينزل التاجر ويعتذر لصاحب الفندق عن عدم مقدرته على المكوث في الفندق بسبب رداءته, فأعاد صاحب الفندق المال للتاجر..
المال دار في المدينة وخرج منها, لكنه قضى على أزمة الديون والركود الاقتصادي الذي تهاني منه, رغم أن المال قد عاد إلى صاحبه, وبإمكاننا إسقاط هذه القصة على واقعنا ومنها انفجار مرفأ بيروت..
قراءات في العمق
قدرت الخسائر الأولية الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت بـ15 مليار دولار, وعلى الفور اجتمعت الدول المانحة وجمعت 250 مليون دولار كمساعدة أولية للبنان, وهي تشبه المبلغ الذي دفعه التاجر لصاحب الفندق, فالعملية بالمجمل لا تعدو كونها نوع من المقايضة – وللتنويه فقط لو قدم هذا المبلغ لسورية لقضى على أزمة الدين الداخلي حسب الإحصاءات الأخيرة – أما الأموال التي ستقدم لاحقاً فهي مجرد استثمارات ستحرك عجلة الاقتصاد في الدول الكبرى التي سيكون لها الحصى الأكبر من إعادة إعمار المرفأ, وطبعاً لن يغيب عن الدول الداعمة أن لبنان لا يملك أية أموال لسداد هذه الديون لا على المدى القريب ولا البعيد, فكيف سيسدد لبنان ثمن إعادة إعمار المرفأ، هذا هو السؤال؟!.. وما الذي يغري هذه الدول بإعادة الإعمار في بلدٍ فقير؟!.. وماذا لو حدث هذا الانفجار في بلدٍ آخر؟ هل كانت تلك الدول ستسارع إلى دعمه كما فعلت مع الحالة اللبنانية..
نقطة نظام
الاستعمار لم يغادر المنطقة, فبعد أن نهب وسرق مقدراتها في العراق وسورية وغيرها من الدول, بدأ يبحث عن استثمار لتلك الأموال التي يسرقها يومياً, أما دول الخليج فهي تحت السيطرة ودون أي مجهود..
انفجار بيروت سيحرك اليد العاملة في الدول النامية, وسيحرك معامل الحديد والاسمنت في الدول الكبرى, وستقاد العملية من خلف الستار لمصالح الدول التي سارعت إلى تقديم المساعدة لإعادة اعمار المرفأ, وإن كان لا بد من سؤال يسأل هنا, فالأجدر بنا أن نسأل أين هو الهدف القادم لتحريك الاقتصاد العالمي لتعويض ما خسره من جائحة كورونا.. الجواب برسم الأيام القادمة, وإن غداً لناظره قريب..

التاريخ - 2020-08-18 8:37 AM المشاهدات 999

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا