شبكة سورية الحدث


إنجاز أول عملية زرع نقي عظم غيري لطفل في سورية بمشفى تشرين العسكري

إنجاز أول عملية زرع نقي عظم غيري لطفل في سورية بمشفى تشرين العسكري

سنوات الحرب الإرهابية التي مرت على سورية وجائحة كورونا وما خلفته من صعوبات وتحديات على مستوى الكوادر الطبية التي تواجه الوباء وتقف في خط الدفاع الأول لم تثن أصحاب الخبرات الكفوءة عن تقديم إنجازات طبية نوعية وعلمية تخدم المرضى وتعطي أملاً بالشفاء ومنها نجاح أول عملية “زرع نقي عظم غيري” لطفل في سورية وذلك في مشفى تشرين العسكري بدمشق.

الطفل تيم شدود ذو الأربع سنوات كان يعاني مرض “فقر دم لا مصنع” حصل على أمله بالشفاء من أخته لين “5 سنوات ونصف” التي تبرعت بالخلايا الجذعية له وفق ما تحدث الدكتور سليمان سليمان رئيس قسم زرع النقي واختصاصي أمراض دم وزرع نقي

وعن خطوات سير العملية أوضح الدكتور سليمان أنها بدأت بدراسة حالة المتبرعة (أخت المريض) الأمر الذي مثل تحدياً كبيراً تم تجاوزه بفضل كفاءة الأطباء والفنيين إذ إنها طفلة صغيرة في حين أن الجهاز الذي تمت جلسة قطف الخلايا منه معد لاستخلاص هذه الخلايا من البالغين لكن بفضل الدراسة المعمقة والمتابعة والفحوص المخبرية والسريرية الدقيقة التي أجريت مع الدكتور أمجد اسمندر المتابع لحالة الطفل والمتبرعة حصل الكادر الطبي على كمية جيدة جداً “حوالي 20 مليون خلية للكيلوغرام ثم تم أخذ 10 ملايين خلية وتسريبها للمريض” مبيناً أن الجزء المتبقي تم حفظه في “وحدة التجميد الغريسة” وفيها يتم تجميد وحفظ الفائض من الخلايا الجذعية في حال عودة المرض مستقبلاً ويمكن حفظها لـ 10 سنوات دون أن يحصل لها شيء أبداً.

وبيّن الدكتور سليمان أن الطريقة التي جرى اتباعها للتبرع كانت عبر جهاز قطف الدم المحيطي “البريزينيوس” وتعد من أحدث الطرق وأقلها آثاراً جانبية كما أن نتائجها على المدى البعيد أفضل من غيرها ولا تؤثر أبداً في صحة المتبرع لافتاً إلى أن القطف الجراحي أو القطف من النقي وليس من الدم المحيطي يعاني المتبرع فيه من مشاكل العمل الجراحي كالألم.

وحسب الدكتور سليمان فقد سبق سحب الخلايا الجذعية من المتبرعة البدء مع الطفل تيم قبل 3 أشهر بما يعرف بعملية “تشعيع مشتقات الدم” وذلك وفق جهاز خاص موجود بالمشفى وتهدف خطوة التشعيع لتخفيف وتقليل حدوث رفض الطُعم لدى المريض حيث يتم قتل الخلايا اللمفاوية لافتاً إلى أن الطفل كان يعتمد على نقل الدم قبل سبعة إلى ثمانية أشهر من وصوله إلى المشفى حيث كانت تنقل له مشتقات دم غير مشعة وبمجرد ترشيحه لعملية زرع النقي فالواجب نقل مشتقات دم مشعة حصراً للمريض وفق ما يوصى به عالمياً.

وذكر الدكتور سليمان أنه بتاريخ الـ 30 من تموز الماضي تم تخريج الطفل دون أي أعراض سريرية مع عودة عناصر الدم ووظائف الكلية والكبد لوضعها الطبيعي مع تزويده بخطة مراجعة للمشفى بمعدل زيارتين أسبوعياً ليتم تقييمه سريرياً ومخبرياً حتى الوصول لمدة شهر من الزرع وهي المدة الأولى لتقييم النجاح إذ أنه بتاريخ الـ 9 من آب الجاري أظهرت الفحوص أن 92 بالمئة من الخلايا الموجودة عند الطفل تيم هي من خلايا المتبرعة أخته لين ما يثبت نجاح العملية.

ونوّه الدكتور سليمان بتفاني الكادر الطبي والإداري في المشفى بمتابعة الحالة مشدداً على أن إنجاز عملية الزرع للطفل يبشر بأمل كبير لتوسيع مجال العمل وسط رعاية مباشرة من إدارة الخدمات الطبية التي اهتمت بتأهيل كادر طبي وتمريضي في إيطاليا منذ افتتاح القسم عام 2008 لافتاً إلى أن البدايات كانت بإشراف فريق طبي إيطالي ولدينا اليوم كادر طبي وتمريضي وفني بخبرات وطنية متميزة أنجز الكثير من عمليات زرع النقي الذاتي والغيري وصولاً إلى سنة 2012 وتوقف عمل القسم بسبب الجرائم الإرهابية التي تعرض لها المشفى لحين إعادة تأهيله وانطلاقه عام 2019 حيث أنجزنا 18 عملية زرع نقي.

الدكتورة بلسم ميهوب اختصاصية أطفال ومتعمقة بمجال أمراض الدم وزرع النقي عند الأطفال من إيطاليا قالت: “الطفل مشخص طبياً بفقر دم لا مصنع ومعتمد على نقل مشتقات الدم بشكل دوري للصفيحات والكريات الحمر وجميع خلايا الدم لديه ناقصة وكانت الحالة شديدة ومجرب معها العلاج بمثبطات المناعة دون استجابة فهو استطباب يتطلب زرع النقي في حال وجود شقيق مطابق” مضيفة: “تم قبول الطفل بقسم الزرع ضمن غرفة خاصة مفلترة وإجراءات عزل كاملة مع الأدوية حيث كانت البداية مع أدوية وقائية وتم تغيير العلاج حسب تطور الحالة والاختلاطات التي يمكن أن تحدث أثناء الزرع” واصفة إياها بأنها كانت مرحلة شديدة الخطورة وتتطلب مراقبة لصيقة ومبينة أن ما عانى منه الطفل بعد الزرع تمثل فقط بإنتان فطري وحمى بقيت لسبعة أيام تم التعامل معهما حسب البروتوكولات الطبية.

ورأت الدكتورة ميهوب أن خصوصية هذه التجربة الرائدة ونجاحها بنسب كبيرة مدعاة للفخر إذ ان زرع النقي في سورية أصبح ضرورة للأطفال ويفتح آفاقاً وآمالاً جديدة لهم بالشفاء كما في حالات أمراض التلاسيميا وفقر الدم المنجلي وفقر الدم اللامصنع وثمة الكثير من الأورام تستدعي زرع نقي ذاتي أو غيري.

وحسب الدكتورة ميهوب فالتوصيات لذوي الطفل كانت العزل الصارم سواء ضمن القسم حيث بقي 27 يوماً بعزل كامل وبقي معه والده فقط دون أي اختلاط مع أحد من الخارج والتزام جميع العناصر باللباس الواقي والإجراءات الاحترازية وعند تخريجه في المنزل أيضاً تم عزله حرصاً على سلامته.

بدورها أوضحت الفنية المخبرية وعد خير بك التي ساهمت في جلسة قطف الخلايا الجذعية من المتبرعة أن العمل استمر قرابة أربع ساعات والمتبرعة كانت واعية أثناءها وحالتها سليمة ولم تعان أي آثار جانبية مؤكدة أهمية الإنجاز كونه نجاحاً جديداً يضاف إلى نجاحات قسم أمراض الدم فيما نوهت الفنية المخبرية هبة عوض بأهمية الأجهزة الحديثة المتوافرة التي أمنت كمية صفيحات دموية مفلترة ومشعة احتاجها المريض.

الفرحة والفخر بإنجاز طبي نوعي رافقه فرحة أهل بسلامة ابنهم حيث صرح بلال شدود والد الطفل لـ سانا وهو يعانق ابنه: “بفضل الله وجهود الكادر الطبي والتمريضي تمت العملية بنجاح والتحسن ملحوظ وواضح وهو شيء كنا نحلم به بعد معاناة مع المرض” أما والدته السيدة إباء فذكرت أنه بالتواصل مع الأطباء بمشفى تشرين تم ترشيح تيم لعملية زرع نقي عظم أما أخته لين فقد عملنا على تهيئتها نفسياً نظراً لصغر سنها وذلك بالتشجيع والدعم لمساعدة أخيها معربة عن شكرها وامتنانها لكامل الكادر الطبي والتمريضي في المشفى.

 

التاريخ - 2020-08-29 5:18 PM المشاهدات 1640

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا