تلفظ الأسواق الشعبية في محافظة طرطوس اليوم أنفاسها الأخيرة بعد أن حققت في بدايتها انطلاقة ناجحة وواثقة واستطاعت أن تكسب ثقة المستهلك من ناحية النوعية والجودة والسعر وخاصة أن المنتجات تأتي مباشرة من المنتج إلى المستهلك, ولكن يوماً بعد يوم تراجع زخم هذه الأسواق وتراجع الإقبال عليها من قبل المستهلكين وبات قاصدوها لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة وبدأت الخسائر تتراكم على البائعين, فترك العديد منهم هذا السوق ومن بقي يحاول أن يقاوم مدة أطول عسى تتحسن الأحوال .
على أرض الواقع
ولمتابعة واقع حال الأسواق الشعبية على أرض الواقع التقت (تشرين ) من بقي من الباعة في سوق بانياس, ومنهم سهيل سليمان الذي اشتكى من الواقع المرير الذي وصل إليه السوق اليوم , فمع بداية السوق كان يبيع المواد الغذائية (السمانة ) بربح قليل, ولكن يوماً بعد يوم لم يعد هذا السوق يلقى إقبالاً من المستهلكين, فاضطررت لاستبدال البضاعة بحقائب مدرسية وبأسعار مناسبة جداً ولكن بقي الحال على ما هو عليه وخلال هذا الشهر لم تتجاوز المبيعات عندي /5000/ ليرة .
ويؤكد البائع حسن علي رابعة أن السوق الشعبي في بانياس على وشك الإغلاق نهائياً بسبب الإهمال الكبير من قبل مجلس المدينة الذي أهمل السوق في الفترة الأخيرة , ما تسبب بترك الباعة للسوق ونحن سوف نلحق بهم وخاصة بعد أن بدأ مجلس المدينة بمطالبتنا بأجرة شهرية تبلغ ( 15 ) ألف ليرة, في حال استمررنا بالعمل في السوق الشعبي وفي هذا مخالفة صريحة للتعليمات وخاصة أن مبيعاتنا اليومية منخفضة جداً وتمر بعض الأيام لا نبيع شيئاً .
من جهته أشار البائع منير سمعول إلى تراخي البلدية في الفترة الأخيرة وإهمالها الكبير للسوق الشعبي, فعدم وجود حارس للسوق -كما قال- أدى لسرقة بضاعتنا, فقد سرق الميزان وصندوقين من الذرة والحامض, ما أوقعني في خسارة كبيرة تجاوزت /15/ ألف ليرة .
وأجمع كل من التقيناهم من الباعة على تراجع الإقبال على هذا السوق ووجود «البسطات» المرخصة وغير المرخصة التي تبيع بأسعار منخفضة والتي نافست خلالها السوق, وقد طالبنا بإلزامها بالبيع في السوق الشعبي لكن مطالبنا لم تلقَ أذناً صاغية عند مجلس المدينة ونحن اليوم نقاوم للبقاء في السوق لأنه لا يوجد لدينا مصدر رزق آخر نسد به رمق أطفالنا .
حقق الهدف منه
من جهته قال المهندس بشار حمزة- رئيس مجلس مدينة بانياس: إن السوق الشعبي في مدينة بانياس انطلق بشكل جيد وكان من الأسواق المميزة على مستوى المحافظة وحققنا الهدف الرئيسي من إنشاء هذا السوق وهو كسر الأسعار وتخفيف الأعباء على المواطنين، ولايزال السوق الشعبي في مدينة بانياس مميزاً, ونحن كمجلس نحاول وبأقصى جهد تأمين المواد الموجودة في السوق بأقل الاسعار بالتعاون مع الرابطة الفلاحية والسورية للتجارة ، كذلك نعمل على تعقيم السوق الشعبي مرتين على الأقل في الأسبوع ، أما فيما يخص «البسطات» فهو موضوع آخر، وهي ممنوعة في السوق الشعبي لأنها لا تحقق الغاية المرجوة من السوق ونحن نتعامل معها بحزم قدر الإمكان، أما ما يقال عن فرض أجور على المزارعين, فهذا منفي بشكل قاطع ولكن سوق بانياس كبير ويوجد فيه ١٦٠ محلاً تجارياً ، تقدم بعض المواطنين لاستئجار محلات و قمنا بدراستها والفائدة منها لكونها ترفد مجلسنا بإيرادات مالية جيدة ولكن لم نتخذ قراراً بهذا الشأن ، أما فيما يخص حراسة السوق الشعبي فهناك مجموعة من الحراس مفروزون إلى السوق ويعملون بالتناوب وبشكل يومي من الساعة الثانية ظهراً وحتى الساعة الثامنة صباحاً.
اتحاد الفلاحين ينسحب
لم تقتصر الخسائر الكبيرة على المزارع أو التاجر في الأسواق الشعبية, بل طال محال اتحاد الفلاحين في تلك الأسواق الذي مني هو الآخر بخسائر كبيرة ولم يعد بمقدوره تحملها, ويعزو رئيس اتحاد فلاحي طرطوس- مضر أسعد هذه الخسائر إلى سوء تعامل البلديات مع الأسواق الشعبية وكذلك سوء الإدارة من قبل مديري الأسواق في كل مدينة على الرغم من الدعم الكبير المقدم من قبل محافظ طرطوس وبكل أشكاله لنجاح هذه الأسواق وتحقيق الغاية المرجوة منها وهي وصول المنتجات للمستهلك مباشرة من المنتج وبأسعار مناسبة, وهذا الشيء لم يتحقق والاتحاد لم يعد قادراً على تحمل الخسائر والنتيجة الطبيعية الانسحاب من الأسواق الشعبية في كل المناطق .
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا