حظرت السلطات المصرية، عبر تعميم رسمي، وأوامر مباشرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منح السوريين المقيمين في مصر، تراخيص لمحال تجارية يملكونها، من دون الحصول على موافقة أمنية.
وتداولت وسائل إعلام مصرية التعميم الصادر عن وزارة التنمية المحلية، ورد فيه “تلاحظ قيام رعايا الجالية السورية اللاجئين في البلاد، بافتتاح سلسلة للمحلات التي يملكونها خلال فترة قصيرة من بدء النشاط على الرغم مما كانوا يعانوه من ضعف مواردهم المالية في بداية إقامتهم بمصر”.
وتابع التعميم “ثم تظهر عليهم آثار الثراء فجأة فيقومون بشراء المحلات التجارية ذات المواقع المهمة من مالكيها بمبالغ كبيرة غير معلوم مصدرها، حيث أن هناك بعض التقديرات تشير إلى قيام دولة قطر بتمويلهم من خلال جماعة الإخوان المسلمين ليكون كيان اقتصادي جديد للجماعة يمكنهم من المشاركة تمويل أنشطتهم المحظورة داخل وخارج مصر”.
وشدد البيان على “عدم إصدار أي تراخيص جديدة لمحلات تجارية يملكها سوريون أو يشاركون في شركات تملكها إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية وموافاتنا ببيان أسماء السوريين الحاصلين على تراخيص”.
مجموعة من السوريين المقيمين في دولة مصر أوضحوا، تعقيباً على القرار الأخير، وفوجئ بعضهم بالتهم الموجهة إليهم حول التمويل القطري عبر تنظيم “الإخوان المسلمين”، وأظهروا بعض طرق الحصول على الأموال بعد فترة من دخول البلاد، وأثر القرار الأخير على مجرى أعمالهم هناك.
الأيادي السورية في مصر باهظة الثمن
أوضح عدد من السوريين في مصر، أن “العامل السوري، أو صاحب المشروع السوري، يقدم السلعة أو الخدمة بسعر أغلى من مقابله المصري، وبجوده عالية”.
وأرجع السوريون تلك الميزة، إلى السبب في تكوين ربح كبير بعد فترة عمل قصيرة في مصر، لا تماثلها أي دولة أخرى بذلك، ومثالاً على ذلك، صحن الفول المصري يقدم بالمجمل بسعر 5 جنيه فقط، بينما صحن الفول السوري يصل سعره إلى 25 جنيه مصري”.
ولا يتقصر ارتفاع سعر المهارات السورية في الطعام فقط، بل كذلك في مختلف المجالات المهنية، والتقنية، والتجارية وغيرها.
تبادل الأموال دون تحويلها عبر الطرق الرسمية
وأوضحت مجموعة من الجالية السورية في مصر، لتلفزيون الخبر، أن “تبادل الأموال يتم عن طريق التجمعات السورية في مصر، عوضاً عن تحويلها من وإلى سوريا”.
وذكروا أنه “بدلاً من تحويل المبلغ الممنوع إدخاله مع أي سوري إلى مصر (متجاوزاً 2000 دولار) يتم تبادلها مع أحد السوريين الموجودين في مصر، وإيصالها لآخرين في سوريا، لضمان عدم الخسارة في عمليات التحويل التي باتت مرتفعة الكلفة على الطرفين في سوريا ومصر.
وشاعت هذه الطريقة بين السوريين لاسيما من لهم عائلات داخل سوريا، وليست على مستوى مصر فقط، بل استخدمت من قبل اللاجئين في البلاد العربية والغربية كذلك.
التجمعات السورية رفعت من سعر العقارات التجارية
كما تقوم كل جالية في العالم، حين تتواجد في بلد اغتراب، تراها تتجمع في شارع أو حي ما سواء سكني، أو تجاري.
وكانت روجت الأفلام الأمريكية لسنوات طويلة، لأحياء الصينيين في الولايات المتحدة، وأخرى للإيطاليين والمكسيكيين وغيرهم، وعرفت عربياً بمخيمات اللجوء الفلسطينية على وجه الخصوص.
واتبع السوريون كما غيرهم من الجاليات الأجنبية في بلد ما، سياسة التقارب أو التجمع، فبات السوري، وفقاً لسوريين في مصر، “يقدمون سعراً عالياً للتاجر المصري، مقابل عقار ما، يقارب فيه جاره التاجر السوري، وبالتالي تنتج أسواقاً سورية متنوعة بأشكالها التجارية”.
ويفسر ذلك المبالغ الباهظة التي اشترى فيها السوريون، إما من دخلهم المتراكم خلال سنوات بقائهم في مصر، أو بالتبادل ما بين السوريين في سوريا ومصر للمبالغ المالية، دون الحاجة إلى تحويلها، ثم استثمارها في مشاريع أو عقارات أو استثمار آخر.
عقبات قرار عدم منح التراخيص للجالية السورية
شرحت مجموعة من السوريين في مصر، عواقب القرار الأخير، وتأثيره على الجالية السورية، وأعمالها، وتجارتها، خاصة بعد الاتهام الموجه بتمويل مشاريع “إخوان مسلمون”.
وقالوا إن “القرار يحول دون قدرة المقيم بإقامة سياحية مؤقتة مغادرة مصر نهائياً، وفي حال قرر مغادرة البلاد، لا يمكنه العودة إليها مجدداً، إلا بموافقة أمنية مقابل مبالغ مالية تدفع وبالتالي لا يمكن الحصول على إقامة مستثمر أو تاجر”.
إضافة إلى “عدم ضمان اللاجئ السوري البقاء في مصر بالرغم من عمله في مشروعه، بعد إصدار القرار الأخير، وبذلك يشكل وجوده حالة من عدم الاستقرار، حتى وإن كان يقوم بأي مشروع”.
وتابعوا أنه “في حال تشابك العمل في مصر، مع عمل في بلد آخر، حتى لو لفترة محدودة، لا يمكن للسوري حالياً السفر أو العودة أو الاستفادة من أي عرض عمل في خارج البلاد، وما ينتج عنه من ضرر لمصلحة السوري الاقتصادية والمادية”.
ويمنع القرار تقريباً قيام اللاجئ السوري في مصر بأي مشروع تجاري، أو مهني، أو استثمار أمواله في أي عمل كان، مما يؤدي إلى عرقله مشاريعه التي كان يبني عليها سابقاً.
وكانت مصر تشكل وجهة للاجئين السوريين خلال سنوات الحرب، ووصل عددهم وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر إلى 131000 لاجئ، وفرضت السلطات المصرية منذ عام 2013، تأشيرة دخول “فيزا” على كل سوري قادم إليها.
واشتهر السوريون في مصر، بنجاح مشاريعهم التجارية، التي نمت في عدة مجالات، أهمها مجال الأطعمة، وإدخال بعض المأكولات السورية إلى المائدة المصرية، بجودة تصنيعها، وطيب مذاقها، حتى غدوا جزءاً من النسيج المصري، وانصهروا فيه، متوافقين مع طيبة شعبه، وحبه للشعب السوري، وما يقدمه في مصر.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا