سورية الحدث الإخبارية-السويداء- معين حمد العماطوري
اثنان لا يجاملان في الموقف والمبدأ والسلوك والمسلك، ولا يحسبان للرأي العام أي كان في رفضه وقبوله لتصرفهما، ولا إلى النتيجة والناتج في الحياة، وهما الأرض وما تنتجه من خيرات وثمار وإنتاج يجعل العالم يعيش بسعادة وأمن وأمان وترسم على أوجه أفراد المجتمع بفئاته وأطيافه دون الفرق بينهم البهجة وتمنح الصحة والعافية ولا تبخل بعطائها مهما جنى الإنسان عليها بفعله السلبي، وفعل الأرض وعملها فطري وتلقائي، والثاني الطفولة التي لا تعرف المجاملة والكذب والنفاق الاجتماعي بغاية ما أو مكسب ما، بل تعبر بصدق وعفوية مطلقة ما تقوم به من سلوك إنساني وأخلاقي ونابع من نفس زكية دون دوافع أو مؤثرات خارجية..
الطفل يوسف حسين مقلد الذي لم يبلغ من العمر عقده الأول ران بعينه نحو إشادة مشفى الشفاء الخيري المعنى بمعالجة السرطان، والذي يتم إشادته وبنائه حالياً جاءه ونظر إلى ما يقوم به العاملين من عمل شاق في رفع مواد البناء من اسمنت وحديد وغيرها من مستلزمات العمل، وهذا المشفى يقع فوق مرتفع من التل يعرف بمنطقة التل الأحمر الواقع للشرق من قرية مصاد بالسويداء، ولجنة البناء كانت قد أعلنت قبل أيام قليلة أنها ستعمل على إجراء صبة لإحدى القواعد فيه والبالغة 1300 متر الأمر الذي دفع بالطفل يوسف حسين مقلد أن يتعرف اكثر وهو لا يدرك أحياناً ما يريد إلا ما يرغب القيام به دون أي تأثير خارجي على عمله وانعكاس فعله...
المفاجأة في العمل والتعبير أن الطفل أصر على والده استلاف مبلغ والذي تجاوز حد الوصف والذهاب به إلى المشفى، ليقدمه تبرعاً ويساهم ويشارك في بناءه كواحد من أعمدته التي لابد للتاريخ أن يستذكر يوماً أن طفلاً ساهم بفطرته ودون مجاملة في بناء جزء منه وهو القائم اصلاً على التبرعات، وربما كرسالة إنسانية للعالم اجمع داخليا وخارجيا..
والده الذي فيه من براءة الطفولة وخيرها استجاب لطلبه وقام بمنحه مبلغاً كبيراً حوالي نصف مليون ليرة سورية وذهب معه إلى مقر العمل، وحين وصل ورأى الطفل ما رأى من عمل واسُتقبل كشخص من عمر متقدم، انفجر بما يطمح به نحو المستقبل وعبر عن ذاته وصرح أنه سوف يعمل ليصبح طبيباً ويعمل في هذا المستشفى ويقدم خدماته لمرضى السرطان...
لعل هذا الموقف المؤثر يدفعنا إلى أسئلة متنوعة ومختلفة، إذا كان طفلاً قد تأثر في صورة ومشهد خبري وبادر بتقديم مبلغاً متبرعاً به لصالح مشفى السرطان، وهناك شخصيات دخلت آذانهم الصماء مرات ومرات عن المشفى وأعماله وانعكاسه الإيجابي على الوضع الصحي في السويداء، ويدعون الحفظ والصيانة والانتماء للجبل وأهله بعبارات الكرامة والقيم والأخلاق، وهم ينفقون في سهرة واحدة متواضعة ما يعادل اضعاف مضاعفه ما استلفه الطفل من مصروفه لسنوات، لكن الفرق أنه ذاك قدمها لمعالجة ومحاولة الشفاء ورسم ابتسامة بريئة على شفاه مرضى السرطان، وذلك يعمل لنشر مرض السرطان بنشره ثقافة الفقر والسرقة والتخريب الاخلاقي والأمراض الاجتماعية الناتج عنها ضياع أجيال قادمة، وما يعكس بعمله وفعله زيادة عدد المحتاجين والفقراء لينفق على ملذاته الخاصة ما يريد..
والأهم كيف يمكن لنا المقارنة بين شخصيات تملك من الثروات وتتبرع بقصد الرقي والارتقاء بأرواحها السامية يقينا أن الحسنة تكسب المرء أضعاف مضاعفة من ارتقاء الروحي والسمو الأخلاقي...وبين أناس يحاولون العمل على الاستعراض بأشكاله وألوانه وأطيافه المتنوعة، دون أن يشعرون بجائع أو مريض وقلبهم يخلو من الإنسانية التي فرضها الحق في الخلق بين الناس...
لقد قدم الطفل يوسف حسين مقلد درساً لمن يريد أن يرى الحق واضحاً وجلياً ...ولمن أراد العمل الإنساني التطوعي عملاً يرتقي به أدبا وقيماً وسلوكاً ومسلكاً وقدم درساً أن الحسنة بعشرة اضعافها والله يضاعف ذلك....
بوركت يا يوسف وأن مساهمتك ستكون عنوان لمن أراد السمع وهو شهيد...في مشروعكم مشروع مشفى الشفاء الخيري بالسويداء.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا