المستجدات الطارئة على الساحة الليبية والتعقيد الحاصل على المشهد السياسي مع اقتراب موعد الإنتخابات العامة، أصبح يُنذر بخطر مضاعف يحدّق في البلاد وفي مستقبلها واستقرارها، حيث تحاول الآن العديد من القوى الداخلية والخارجية عرقلة الإنتخابات خوفاً من وصول شخصيات معادية لهم إلى كرسي الرئاسة.
حيث تعمل الولايات المتحدة الأمريكية الآن بقيادة الرئيس جو بايدن، جاهدة لإثبات وجودها في ليبيا، خصوصاً وأن الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، غضت نظرها عما يحدث في الدولة الغينة بالثروات النفطية.
ومع احتدام الصراع الخفي بين القوى الغربية في البلاد، وتعنّت تركيا وتجاهلها لمطالب مجلس الأمن بسحب قواتها ومرتزقتها من الغرب الليبي، وتمسّك فرنسا بالإنتخابات للإبقاء على شخصيات ستسمح بوصول شركاتها النفطية لتحل محل الشركات الإيطالية، نرى بأن أمريكا قد اتخذت مساراً آخر لاقتطاع حصة لها من مقدرات ليبيا.
حيث أشار الباحث والمحلل السياسي محمد سليم، إلى أن واشنطن وضعت خطة لاستدراج المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي (قوات شرق ليبيا)، لارتكاب خطأ تستطيع من خلاله التدخل عسكرياً في البلاد لمجابهته.
وأضاف المحلل السياسي، أن المشير يحظى بسمعة سيئة في الأوساط الغربية، بسبب الحملة الإعلامية التي شنتها جماعة الإخوان المسلمين عليه أثناء حرب طرابلس، والتي كان الهدف منها إظهاره بمظهر مشير الحرب والمجرم الذي شنّ عدواناً على السلطة المدنية في ليبيا.
وأكد سليم، أن الولايات وبعد انسحابها المخيب من أفغانستان، وحجم الخراب الذي خلفته في البلاد بعد 20 سنة من العدوان المأساوي، تريد حجب نظر وسائل الإعلام عن هذا الفشل والخسارة الفادحة، بالدخول إلى ليبيا، التي تعاني من فوضى وانقسام سياسي وحرب أهلية منذ 10 سنوات.
ويرى سليم بان اختيار ليبيا ليس محض صدفة، بل لكونها الأنسب من عدة نواحي، فتتمتع ليبيا بثروات نفطية كبيرة، كما أن موقعها الإستراتيجي على ساحل المتوسط وشمال إفريقيا، قد يسمح لها بالتحكم بالهجرة غير الشرعية التي تؤرق مضجع الحكومات الأوروبية.
ويشير سليم أيضاً، بأن تحقيق واشنطن انتصاراً على المشير حفتر ليس بالأمر الصعب، وهدفها الأساسي، استعادة سمعتها أمام الرأي العام العالمي كدولة عظمى تحمي السلم والأمن والديمقراطية، بالرغم من أن الواقع يحكي عكس ذلك.
ولا ينفي المحلل السياسي احتمالية أن تدخل القوات الأمريكية إلى ليبيا لنسف مشاريع أنقرة في القارة السمراء، خصوصاً وأنها مؤخراً بدأت تتعالى على واشنطن وتبني قوة لها في المنطقة على حساب دول حلف الناتو.
الجدير بالذكر أنه عام 2011 تذبذب الموقف الأمريكي حيال ما يدور في الشارع الليبي، فمع خروج الشعب على نظام معمر القذافي انقسم التقييم الأمريكي إزاء هذا التطور للأوضاع إلى قسمين: قسم يرى بأن ليبيا تستحق الوقوف معها وتعتبر القذافي مشكلة، وتزعم هذا الرأي الخارجية الأمريكية، وقسم آخر يرى أن الأراضي الليبية أرض خصبة للجماعات المسلحة وأن القذافي خير من يجيد ترويضهم والتعامل معهم، وتزعمه البنتاغون والسي أي إيه.
وأمام الخيارين وبعد تفكير طويل، استقر الرئيس السابق أوباما على الأخذ بموقف الخارجية وأعلن دخول بلاده في المعركة، الأمر الذي انتهى بمقتل القذافي ودخول البلاد في فوضى سلاح عارمة.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا