شبكة سورية الحدث


ذاكرة فارغة بقلم رغد زين الدين

ذاكرة فارغة بقلم رغد زين الدين

وُلدتُ بِـذاكرةٍ فارغة..
جلدي خالٍ من الخطيئة و قدماي حافيتان..
تعلَّمتُ التّعثُر قبل المشي..بَقيتُ مُتعثّرةً بِـخُطىً شبه ثابتة.
تعلَّمتُ البُكاء قبل الكلام..و لازلت أبكي كُلّما عجِزْتُ عن إخراج الحروف..تِلكَ التي تأتي على هيئة جملٍ في اللحظات المُناسبة.
تعلَّمتُ الألم قبل الراحة..و حتى هذهِ اللحظات مِقدارُ الألم الذي مررتُ بهِ يُظاهي أيّام راحتي منذُ صرختي الأولى في وجهِ أُمي.
الذاكرة بدأت تَمتلِأُ تدريجيّاً.. وبدأت تتلوثُ في الحياة..وهكذا مراحِلُ السّعادة لا تبدو واضِحة تماماً.
أصبَحتْ ذاكِرة محشوّة كـالدُمية و رأسٌ كـصِندوقٍ قديم أحمِلهُ معي بمَا يحويهِ خوفاً من التّخلي..
 لا شجاعةً تُذكر في ملامحي حتى الآن..
و لا زِلتُ احتفظُ بـالكثير من الذي يجبُ التّخلي عنه.
لَبِستُ حذائي لِأنجو .. خَشيتُ على أقدامي من الأرض ..ونسيتُ أنَّ الضررَ يُصيبُ جلدي مِن الداخل يُفتتُ مخابِئ الحياةِ في شراييني..
تخيّلتُ نفسي على حافّةِ الهاوية..في كلِّ لحظةِ نشوةٍ كانت تنتهي بـالسُّقوط ومع هذا كنت أصمِدُ بدون سبب أُلبّي نداء الطّبيعةِ بـالبقاء..!
خُلِقتُ بِجسدٍ مُحنّط منذ أجيال..
جسدٌ يُصارع الأهوال لأجلِ اللاشئ..
لا تَقلْ لي حياةً أُخرى..هي نفس الحياة بِأوجهٍ كثيرة .. كُلّه مع الوقت سيزول .
 في كلِّ مرّة نفس التّكرار المُمل ..دمٌ و عظمٌ و جلد، و ذاكرة فارغة تمتَلِئ تدريجيّاً بـالأشياء القاتلة..تَستلِذُ بالحبِّ كما الخمر كما الرّقص..و لكن هذا لا يكفي..!
تُحاوِلُ أن تُشوّهَ الأمر بِـأسماء جديدة و أحداث مُتغيّرةِ البداية و تعودُ ذاتها في النهاية..
وهذا ليس سهلاً كما تعتقِد!
أنا أنسلِخُ في كُلِّ خلوةٍ أهرُب إليها .. أُبدِلُ روحي البائِسة بـابتسامةٍ زائِفة و أجوبةٍ كاذبة و مشاعرٍ مُتغيّرة و أُدرِك مع الوقت أنَّ:
"الإنسان نتاجُ خلواتِه"
فأكون بعد كُلِّ مرّةٍ شخصاً لا أعرِفُه سِوى في الشّكل..
أنا لا أتوب عن المحاولةِ يا إلهي..أوقِف هذا الإنسلاخ ..
شُقَّ السّماء و انشُلني .. 
أنا لا أجرؤ على الحياة.
#رغد زين الدين.

التاريخ - 2021-09-10 1:59 PM المشاهدات 421

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا