أنانيةُ الحياة
أنتظرك ريثما تأتين ياقهوتي.
من زُجاجِ المقهى أنظرُ للعالم الخارجيِّ المُمتلئ بشتَى مشاعرِ الحياةِ، فمنهم من يموت وهو على قيد الحياة والذي على قيد الحياة سيموتُ حتماً.
ذلك العجوز الذي يَمدُّ يديْهِ للمارّة؛ لِترى القِطع النقديّة الحديّدة تتناثرُ كوابلٍ من المطر؛ هُم يعلمون أنْ تِلك القُطع لاتستطيع أن تُكسيهِ حِذائاً،وهو يعلم أنهُم ينتظرونَ كاميرات التصوير لِتلتقط لهُم صوراً وُهُم يذرفون أموالهم بِحق الفُقراءِ.
أما عن هؤلاء الذين يذهبونَ لأفران الخبزِ ليذهب بهم الحال عِدّةُ ساعاتٍ وهم يقفون؛ لينتظرونَ دورُهم، آتياً ذلك الرجل ذو البطنِ المُكرّشة ليترجل من عَربيّتهِ الفخمة، ليصرخُ بوجه الشُرطي مُنظم الدور آمراً عليهِ أن يُنظم الدور ولا تعم الفوضى بينما هو يدخُل بين الحشود ويخرُج حاملاً بيديهِ ربطتين للخبز على الأقل، ليبقى عامةُ الشعب بإنتظار دورِهم.
طِفلٌ صدأتْ روحهُ مِن الداخل ينتظرُ أبيهِ ليأتي حاملاً معهُ الألعاب والحلوى هكذا تَعُودَ الأطفال لِروتين أبيهم، لكنهُ عادَ مُحطماً رقماً قياسياً من القهرِ والمذلة أما عن الحلوى فقد نُسيت في هذا المنزل؛ وأما عن البهجة والسرور يبقى كلامُ الأمِ المعسولِ عن الصّبرِ والدعاء لله بالفرج.
أمّا أنا الذي يَهمُّ حاملاً قلمهُ وأوراقهُ أُسطِرُ أوجاعي وآلامي تِجاه خيبةً لكن النظر لهؤلاء الناس يبقيني أتذكرُ مِثالاً : “اللي يشوف مصيبة غيره تهون عليه مصيبتهُ”
ليأتي النادل مُقدماً لي قهوتي ذات الملامح السمراء بقلبٍ أبيض، أنانيةٌ تُجبرني على تنظيف الطاولة لِتُفسح المجال لِنفسها لِتُبعد تلك الأوراق بريحً عاتية لِتقتلع ماضياً يائساً وتُبقيَني مُتأمّلاً بقادمٍ أفضل.
يونس المحمد
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا