أعلنت الجهات الحكومية المعنية بالبطاقة الذكية بأنها تستهدف أولاً إدارة توزيع المواد المطلوبة، والتخلص من الطوابير، وضمان حصول المواطنين على حصصهم من المواد بكرامة وقت تطبيقها، غير أن واقع الحال لم يأت بالنتيجة المطلوبة على مدار سنوات من التطبيق القاصر، إن لم نقل الفاشل للبطاقة، واستثمار ذكاءها المفترض في خدمة تجار الأزمة والمهربين وغيرهم.
واستغل موزعي المازوت قرار الوزارة تخفيض كمية الدفعات، إلى 50 لترا للدفعة الواحدة، لتحديد أماكن وقوف معينة لمركباتهم، ودعوة المستفيدين للحضور وتعبئة كمية المادة في عبوات (بيدونات)، ما كبد عشرات الأسر مبالغ إضافية لشراء (البيدونات)، فيما عدا تكاليف سيارات الأجرة، فضلاً عن وجود شريحة واسعة من كبار السن تعاني صعوبة في الانتقال وحمل الكميات، ونقلها، علماً أن جميع مشاكل توافر المادة، وتأمينها في الأوقات المطلوبة لم يتم تحقيقها.
ولم يكتف أصحاب سيارات التوزيع بعدم إيصال المادة للمنازل، بل عمدوا إلى تحديد مواعيد للمستفيدين، ودعوتهم لتعبئة المادة خلال وقت معين في منطقة محددة غالباً ما يتأخر صاحب الصهريج، بينما ينتظره عشرات المواطنين في طابور، لينهي عمله خلال وقت قصير ويغادر، بينما حدد بعضهم أوقات توزيع المادة على المواطنين بما لا يزيد على ثلاث ساعات، مهددين بإلغاء حصة المواطن في حال التأخير، وزوال حقه في الحصول على المادة.
وتظهر الصورة المرفقة بالمادة تعمد موزع مازوت دعوة مواطنين لاستلام حصصهم من المادة واضطرارهم للاصطفاف في طوابير بانتظار وصول موزع المازوت وذلك في منطقة التجارة يوم الاثنين الماضي، حيث يستغل الموزعون حاجة المواطن لفرض شروطهم وساعات التوزيع التي تلائمهم متجاهلين التعليمات والنظم التي تحددها الجهات المعنية.
وفي الوقت الذي رفض فيه مصدر في وزارة النفط هذه الممارسات، مطالباً المستفيدين بالشكوى، لإلغاء ترخيص الموزع في حال عدم التزامه بالقانون، استغرب مواطنون تعمد طمس أي مظهر حضاري، وإشاعة الأساليب البدائية في التعامل مع المواطنين، والسماح بإعادة البلاد إلى مراحل سابقة من مظاهر المعاناة، والبيدونات، والطوابير، من خلال تحكم شريحة غير واعية إلا لمصالحها، وتوفير بعض ليترات المازوت للسيارات، بمصير المواطنين وحصصهم، متساءلين عن سبب تشغيل سيارات التوزيع في حال عدم وصولها لمساكن المواطنين، في الوقت الذي من الأجدى توزيع الحصص على المواطنين عبر محطات الوقود مع احتفاظهم بالمادة لفترة أطول، وبقاءها في الخدمة على مدار اليوم.
كما أكد بعضهم، أن موزعين يشترطون على المواطنين دفع 600 ليرة سورية ثمناً لليتر الواحد قبل التعبئة، على الرغم من عدم قيامهم بالخدمة المطلوبة وإيصال المادة إلى المكان المطلوب، مستغربين السماح للموزعين بإبقاء المادة يوماً كاملاً في سياراتهم بعد وصول الرسالة، بحجة عدم تعبئة المادة، وتخوفهم من استبدالها، خصوصاً مع وجود أكثر من ثلاثة أنواع من المازوت في البلاد حالياً، وفقاً للسوق السوداء، ولكل نوعية سعرها الذي يتوافق مع جودتها.
ومن جانبه، أكد مصدر في وزارة النفط “للبعث” على أن القانون يلزم الموزع بإيصال المادة إلى مساكن المواطنين، ولم يحصل أي تعديل على آلية التوزيع، لافتاً إلى أن الوزارة عدلت كميات التوزيع في كل دفعة للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة ولم يتم أي تعديل على آلية التوزيع، مطالباً المستفيدين المتضررين بالشكوى على الموزعين غير الملتزمين.
وأوضح المصدر، أن الوزارة تستجيب بشكل مباشر للشكوى، ويتم شطب ترخيص الموزع وحرمانه من الحصول على المادة، لافتا إلى أن الوزارة تنحاز للمواطن في حال منطقية الشكوى.
وبين المصدر أن إيهام الموزعين للمستفيدين بزوال فرصتهم بالتعبئة غير دقيق، وأن مدة الحصول على المادة تستمر حتى يومين أو ثلاثة أيام، وحتى انتهاء الموزع من الكمية المستلمة وتوزيعها لأصحابها، فضلاً عن تدوير اسم المستفيد في حال عدم استلام المادة، ليعود إلى الدور بعد مرور خمسة أيام مع الاحتفاظ بأقدميته.
واعتبر المصدر أن أي تلاعب بتغيير نوعية المادة، أو التلاعب بالكيل، أو طلب مبالغ إضافية يعتبر من المخالفات الجسيمة، مطالباً المستفيدين بمعرفة حقوقهم، وأن حصصهم تأتي عن طريق الوزارة، ولا منة لأحد عليهم، وأن عمل موزع المادة هو إيصالها لهم، مع تبادل التعامل بكامل الاحترام من الطرفين.
وقال المصدر إن موزعين يشكون باستمرار صعوبة توزيع المادة على المنازل، واضطرارهم للانطلاق، ما حدا بالعديد من المواطنين لتقدير المسألة، غير أن وقوف الموزع في منطقة بعيدة، أو غير ملائمة، أمر غير مبرر.
وفي المقابل، يبيع موزعو المازوت كميات حرة بأسعار تصل إلى 4000 ليرة سورية لليتر الواحد، وبالكمية التي يطلبها المستهلك، ما يبين حجم التلاعب بالكيل، للحصول على كميات إضافية من المادة للتجارة بها في السوق السوداء.
والجدير بالذكر، أنه وفقاً للسعر الجديد لمادة المازوت والمحدد ب 500 ليرة سورية لليتر الواحد، تبلغ حصة الموزع منها 20 ليرة سورية عن كل ليتر، المبلغ الذي لا يعد مجدياً لأصحاب السيارات، خصوصاً مع متطلبات الوقوف للتعبئة، والتوزيع، والإجراءات المتعلقة بتخليص الكميات الموزعة وتصفير الأجهزة، مع تواجد ما يزيد على ثلاثة عمال في السيارة.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا