سورية الحدث الإخبارية
مرحباً ماضيَّ،أَتذكُرينني؟،مرَّ وقتٌ طويل..
أكتبُ لكِ اليومَ لِأُخبِركِ عن أنا الجديد...
لقد تَغيَّرتُ كثيراً،بِتُّ شخصاً مُختلِفاً لدرجةِ أنَّنِي لم أَعُد أعرِفُ نفسِي،تخلَّيتُ عن مَبادئِي وأَطباعِي،صِرتُ شخصاً عصبياً كثيرُ الانفعَالِ حتَّى على الأُمورِ التّافهة ثُمَّ أندمُ على ذلك،شخصاً لَئِيماً لا يكادُ يَضحكُ إلَّا تصنُّعاً ،عبوساً ويَستَوطِنُ السوادُ أسفلَ عينيَّ،وفاقِداً الثقةَ بِالآخرين حتى أوشكتُ على غَسلِ الماءِ قَبل شُربِه ،ما عُدتُّ أحبُّ النقاشَ أو لا أُفضِّلُ الخَوضَ فيه وأُكثِرُ من قولِ جُملةِ "أنت على حَق" واضِعاً حدَّاً لنقاشٍ مُحتمل،صِرتُ لا أتكَلَّمُ إلَّا لِلضَرورة،أُفكِّرُ مليَّاً بالكلماتِ المُختَصرةِ قبلَ النُّطقِ بها ثمَّ أتلَعثمُ رُغمَ ذلكَ كَطفلٍ نسيَ ما يَقول،أظنُّنِي أنسى كيف أَتكلَّم ،أو أنَّ فوضايَ تَتَحرَّرُ وتُقيدُ لسانيَ الطَّليقَ سابِقاً..
يَقتُلنِي التَّفكِير،أُفكِّرُ بالأشياءِ الّتي حدثَتْ والّتي ستحدُث ،والمُمكِنةِ الحُدُوثِ أيضاً ،وماذا لو حدثت حقَّاً ...
ما عُدتُّ ذلك الشَّخصَ الدَّقِيقَ المُنظَّم عاشقُ الكَمال،لم يَعد مظهري وتَصفيفةُ شَعرِي من أَولويَّاتِي ،الآن أُفضِّلُ الثياب الواسعة والألوان الداكنة ،وشَعريَ الفَوضويّ،
أفقدُ شغفِي بكُلِّ شيء،وشهيَّتِي ثُمَّ وزني أيضاً ،لا أهتمُّ بغذائِي،حتى طبقي المُفضَّل لم يعد مُفضَّلاً ،وأكثِرُ من تناوُلِ السُّكَّر رغبةً منِّي رُبَّما بتخفيف علقَمِ الحياة.
تقول خُرافةٌ أنَّه إذا شعرَ المرءُ بِبُرودٍ في أصابعه كان هُناكَ من يشتاقُه،حَسناً ..أصابِعي تتجمَّد،لكنَّنِي لا أظنُّكِ أنتِ،أظنُّها أُمِّي البعيدة...
أنهيتُ مُؤخَّرا مُعظمَ علاقاتي وأُنهِيَ ما تبقَّى منها،وأيقنتُ أنَّ الصَّادِقَ فقط من يبقىٰ.
تُؤلمُني رُوحِي وتَستنكِرُنِي ذاتيَ المُنفصِمة،بِتُّ شخصاً مُنغلِقاً يَجِدُ راحتهُ في الظَّلام ونَشوَتُهُ في العِزلة فاقدُ الأمَل،ووحيداً،لا أصدِقاء لا أحبَّاء ولا حتَّى عائلة...
أُطيلُ السَّهرَ في كلِّ ليلةٍ ثم أفترِشُ عِزلتي وأَتوسَّدُ كآبتي وأَحتضِنُها ثُمَّ أتلحَّفُ وَحدتِي وأنام مُتمنِّياً أن تكونَ آخرَ ليلةٍ،أَصحُو لِأجدُنِي ما زِلت حيَّاً ،جسَدٌ حيّ بِرُوحٍ مُحطَّمة ،انهضُ وأنفضُ رُكامهُا،وأعودُ لِأحيَا جسداً بِلا رُوح...
محمد قتيبة عبدالفتاح
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا