شبكة سورية الحدث


ألم..أسئلة..بحث..كتاب..بقلم غزل حاتم

ألم..أسئلة..بحث..كتاب..بقلم غزل حاتم

" ألم..أسئلة..بحث..كتاب..وميض يُمهد لجلسة شفاء بين يدي الله"
أُحبُّ التسوّلَ في الشوراعِ الهادئةِ لأنّها تحاولُ تجريدي مني، رُبّما عندها لن يكون لديّ اسم أو تعريف، أحبّ الدّقائقَ الّتي أقضيها غير مُكترثةٍ بالعاطفةِ الخاضعةِ غير المشروعة، رُبّما الضياعُ في العالم ليسَ بسجن و التحرّر من أفكارِك ليسَ بإثم و لكن هل من المُمكن التماس السّلام؟، هل نخوض التجارب فعلاً أم أنّ التجارب تُخاض داخل تلبسنا لمُعتقل الفكر في عالم لا تدري إنْ كانت روحك سجينةً فيه أم أنّها حُرّةً مُخيّرة؟ هل سأصلُ يوماً إلى التجرّد مني أم سأبقى داخل فُقاعة الظّن بأنّ أفكاراً محدّدةً تتلبسني؟، هذه الأسئلة لا تُسبب الصُّداع إنّما أسباب هذه الأسئلة هي من تُسبب الصُّداع.
لا تستهويني أجوبةٌ مُختصرةٌ على مقدار السؤال، و لا أُحبّ الأجوبة الّتي تقودني إلى أسئلةٍ أكثر تعقيداً....لربّما أجوبة تخبرني بأنّ الحزنَ مُجرّدَ وهمٍ و لكن مهلاً هكذا سأصل إلى موجةٍ جديدةٍ من الأسئلة، هل الدّموع أوهام تقودني نحو الهاوية؟ ،أهي خديعة الحقيقة غير المفهومة؟، أليستْ الدّموع استجابةً لوجعٍ سواءً كان نفسياً أم جسديّاً، إذاً لماذا توجد صدمات مُوجِعة نقف عندها عاجزين عن البُكاء ،هل هو فكرة مُبتذلة ابتكرها الجُبناء؟.
تمّهل قليلاً لا أُريد إجابات، أُريد أنْ أصل إلى يقينٍ تامٍّ بأنّ وجعي وَهم لا أُريد التنازل لهاجسٍ لئيمٍ كهذا، كانت محاولاتي كثيرةٌ و سُبلي أكثر أعبر كُلّ سبيلٍ بإيقاعٍ مُختلفٍ و لكن إيقاع التسولِ كان بفضلِ رجلٍ حكيمٍ أهداني كتاباً و بضعةَ أوراقٍ آملاً أن أجد نفسي فيهما... فرحتُ أرتمي بين أحضان الكتبِ كطفلةٍ مُشردةٍ تبني من آلافِ الكتبِ بيتاً لها، أهربُ من جحيمِ العالمِ إلى طيّاتِ الكُتبِ لأقترن مع مُعجزةِ أبطالها و أدفن هشاشتي بين ضلوعِ روايةٍ تجرّع أبطالها من نفسِ الكأس مُسدلين السّتائرَ عن أجوبة الأسئلة غير المنطقيّة، فأنقذُ نفسي من قوايّ الخائرةِ المُستقتلةِ في البحثِ عن أجوبةٍ أو ربّما عن كتفٍ ثابتٍ، وجدتُ أفكاري بين السّطور آمنتُ حينها بأذرُعِ الكتب و بكتفها الثابتِ رغم ثقل خيباتهِ، و هل هذا المزيج سيقودني نحو ذاتي الحقيقية؟.
أجلسُ قرب المِدفأة أُصارع شرودي الّذي أعادني إلى ماضٍ يتمحور حول هديةِ ذلك الحكيم و الآن أصبح بيني و بين حلّ عقدتي خيط رفيع مُشبَع بالوجع ،أستيقظ من شرودي على نبضاتِ قلبي المُتسارعة، إنَّ لهيب المدفأة لا يُدفئ قلبي...الخيط لايزال مُبهماً و كسرة الرّوح لا تجبرُها العمليات..حسناً لأكتب على الأقل لازالت الأوراقُ بالرغم من صقيعِ أفكارها تخترق جُدران قفصي الصّدريّ مغلّفةً قلبي بحرارةِ دفئها القارسِ، سأجدُ ضالتي بين رُكامٍ مُتناثرٍ من عنفوانِ مأساةٍ يرقدُ في غياهبِ نصٍّ يبحثُ عن السّلام في مُقلتَي قارئ يخترق تلك المأساة ليصلَ إلى جفونٍ جعلتها جُزيئات من الركونِ الأزليِّ المحمّلِ بالبكاء تميلُ فاقدةً توازن سطورِها، فهل من قارئٍ يجيد اكتشاف ذراتٍ قادرةٍ على إعادةِ استقامةِ و توازنِ تلك السّطور؟، هل من قُبطانٍ غاصَ في خبايا الكونِ أنْ يُنقذَ غريقاً من استماتةٍ وصلتْ حدّ عنقِهِ محاولةً خنقهُ بدماءِ الآمالِ المقتولةِ الّتي شكلتْ مقبرةً لها في صدرِه؟، هل لبراعةِ جراحٍ أن تنعشَ روحاً ستجتازُ من الموتِ مثواها الأخير؟ أو هل من الممكن قتل ذاكرة الرّوح بعمليات و مُضادات دون تشخيص ماهيّة الوجع الّذي ساعدَ على انقباضها بهذا الشكل؟.
الكُتب تُصححُ فكرةً و تبترُ جزءاً ضعيفاً من خلاياك المُسرطنة قبل احتلالها الكاملِ، و ربّما ترشد عقلك نحو طريقِ الصّواب، و تبقى عملية الإنعاش...من ذا الّذي سيُجازف برحلةِ الموتِ إلى المثوى الأخيرِ لسحبِ جسدٍ حيٍّ و روح تُناضلُ سكراتٍ مُطوّلةً محاولةً النجاة من الرضوخِ الكاملِ؟، من ذا الّذي سيُجازف لإبطال مغنطةِ مغناطيس الموت الّذي يجذبُني...يجذبُ قطعةَ الحديدِ الّتي تنصهر باستمرار جراءَ الأشلاءِ الراضخةِ للجذبِ دون أدنى محاولة حتّى لتبديل الأقطاب؟.
إنّني أنتمي للعالم بكلّ جُزيئاتي إنّني سجينةُ العالم، فقط الإله قادر على تبديلِ جزءٍ من العالمِ لتحريري من سلاسلِ العبوديةِ و الرضوخ، رسائِلي إلى الله هي طوقُ نجاتي الوحيد.
برقَ وميضُ أملٍ من بينِ أكوامِ الكُتبِ الّتي استنزفتها حدّ الثمالة وجهني نحو الله و هو امتناني العظيم بعد تذكّري لقول والدي الصّلاة بالحروفِ.. بالكلمات..ِ بالسّجودِ و بكلّ أشكالها هي المكان الأنسب لترميمِ روحك.
إذاً لأحمل ذراتي إلى آخر محاولة و هي التيممُ من أجل الّصلاة..ها أنا أصلُ إلى مرحلةِ السّجود و عندها أصبح ساكنةً، تُرى هل استسلمت روحي أم أنّها تعدّد لخالقي سُبلَ المقاومةِ الّتي اتبعتها مناجيّةً تحريرها؟، يا صديقي لقد غفوتُ بين يديّ الله و عندما استيقظتُ كانَ قد نجاني من سكراتِ الوجعِ المُتبقية، لم يكُنْ الأمر بتلكَ الصعوبة إنّهُ استشفاء من فكرةٍ مُبتذلةٍ بعدَ استفشائها و هي أنّك ستبقى سجين أفكارك المَسمومة إلى الأبد.
يا صديقي نحنُ أبناء الهزائم، قلوبنا تذرف الآهات و أناملُنا تخطُ السّلامَ في ظلِّ الخوف و ذروةِ الأسى، و لكنّ رسائلي إلى الله كانت ضالتي المفقودة منذُ البداية، التجرّد الحقيقي من الذات هو اللحظة الّتي تقرّر فيها اللّجوء إلى الله لحلّ عقدتكَ دون الرضوخ لسجنِ أفكارك أو سخافة أسئلتك أو التسوّل في الشّوراع باحثاً عن ذاتك.


| غزل حاتم|

التاريخ - 2021-12-19 8:26 PM المشاهدات 2556

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا