سورية الحدث الإخبارية
أيُعقَل أنَّ ما نقومُ بدفنهِ في أحضانِ اللّاوعي، قد يعودُ بين دمعةٍ و هباء؟
ليعاوِدَ خَلقَ المأساة من رحمٍ كان قد شاخَ و أعياهُ الدنفُ و الوباء؟
أيُعقَلُ أنَّ ما نقوم بطمرهِ بين أجنحة اللّاوعي، قد يعودُ بين خيبةٍ و عزاء؟
ليعاودَ أسرَ البهجةِ و الرّاحة و الهناء!
و اعتقالهم سبايا سُجناء!
بتهمةِ الحُبِّ رجماً حتى الموتِ و الفناء؟
دوّامةٌ من أفكارٍ لم تلبَث أن ازدادت تأجُّجاً و اتِّقاداً، فهو القلبُ الذي أُجهِضَت السّكينةُ من رحمِ جوارحهِ مع كلِّ ذرّةِ ترابٍ توضَّأت بمسكِ طهارة الفُقدان و عظمتهِ!
هوَ أنيسُ الخسارةِ و أليفُ الوداع و خليلُ الرَّحيل،
هو الهاربُ في خِتام كلّ عشيّةٍ من هزيمةٍ إلى قنوطٍ و من فشلٍ إلى إحباط
ليقعَ رهينةً بينَ يَدي غِلظة الوداع مساءَ كلّ اشتياق!
فيعتصر أفكارهُ زارعاً الوساوسَ في عروقِ كيانهِ، جاعلاً منها أعاصيرَ هائجة تهاجمُ ما تبقّى في جسدهِ من أطلالِ روحٍ مبعثرة هُنا و هُناك، و تسحقُ أشلاءَ جوارحٍ تُقارعُ على شفير جسدٍ هرمٍ اغتصب الشّيبُ أطرفَ منوالهِ!
يركضُ و يركضُ!
فيركضُ خلفَهُ الرَّحيل!
يُسقطهُ ثَّم يرفعهُ.. ثمَّ يسقطهُ مجدّداً
فيرميه!
و باضطّرامِ الذِّكرى و تَلظِّي الماضي..يكتويه!
لا يكفُّ عن محاولاتِ الهربِ مُناجياً إيّاه
" لَستُ أهمُّ بالفِرارِ إذ لَستَ تُفلتُ يَدي!"
إلّا أنَّهُ وَ رغمَ كُلِّ المُناورات التي تستطيعُ إليها نَفسهُ، ها هو ذا وَ بفضلها.. يقفُ وجهاً لوجهٍ مع كابوسٍ لَم يلبث أن ازدادَ سعيراً!
و كأنَّما يتوعَّدُهُ بألّا يُفلِتَ يدهُ أبداً
و بنيران الفُراق المُلتهبة.. يصطليه!
برداً و سلاماً..ها هو ذا يرفعهُ وَ يُعيدُ خَلقَهُ من جَديد
ليعيدَ التَّلاعُبَ بتكوينهِ كَدُمىً خُيوطها تعلو و تدنو على خشبةِ مسرحٍ مُقفرٍ بلا جمهور..
مُستمتعاً بلذّة الثَّأر الكَوني و القَصاص الوجودي
مُنتقماً لِحضرة وجودهِ المُستعصي
برداً و سلاماً.. ها هو ذا يلذع حروف ذاكرته الطّاعنة في السنِّ و يستهزئ بلحظة ولادة الإنسانيّة المستغيثة من رحم جفنه الرّاجف الباكي كليلةٍ قمريّة باردة في زمهرير كانون لا بزوغَ محتمل لفجرها..
ثُمَّ يَنعيه!
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
بقلم د.نتالي دليلة
••مُقتَبَس من رواية••
••ميرينا لا ترى الضَّوء••
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا