شبكة سورية الحدث


تسعين خطوة..بقلم بلقيس حيدر

تسعين خطوة..بقلم بلقيس حيدر

سورية الحدث

 

تسعين خطوة 

ودربٍ.... بمعشوقي حظى وتفرّدا
ويبدو كأنّ الدّربَ - لا فاتني - اهتدى

تملّكني التّدليهُ حتّى تبعتُهُ
وحين فقدتُ الرُّشدَ أبصرتُ مُرشدا

وفقدُ النُّهى في العشقِ يُهدي مضلُّهُ
إذا العينُ كُفّتْ أبصرَ القلبُ أبعدا

رأيتُ بعيني.. كيفَ أشرقَ حيُّنا
بعزِّ ظلامِ الليلِ فجرا تقلّدا

وكيف استحالَ القَفْرُ مرجا و واحةً
وكيف اكتسى بالزّهرِ ما كان أجردا

برفّةِ عينٍ .. أنجبَ البدرُ بُكرةً
وألفُ هزارٍ في المدينة غرّدا

كأنّ عصا موسى تميسُ بكفّهِ
فتُحدِثُ إعجازا وتُبدِعُ فرقدا

ولا غروَ أنْ تُهدي الشّموسُ ضياءَها
ولا شكَّ أنَّ الماءَ يخلقُ موردا

ولو مرَّ محبوبي قبالةَ مُشركٍ
لسبّحَ بسم الله ... حتّى تشهّدا

ولو أنّه أصغى لعينيهِ جاحدٌ
لقالَ عرفتُ اللهَ مذْ كنتُ مُلحِدا

أراقبُهُ ما زالَ يخطو بتؤدةٍ
وأرقبُ كيفَ الرّوحُ تختالُ في المدى

أ تمشي الورى في الدربِ مشيةَ قاتلي
وتتقنُ هذا السِّحرَ سهلا مُعقّدا !؟

وكم نظرتْ عيني ابتكاراً وفتنةً !
ومثلكَ لم تلمحْ من الحسنِ مشهدا 

تباركَ ربٌّ صاغَ فيكَ هدايتي
وبصّرَ هذي النّفسَ حبّا لتسجدا

وقبلكَ كانَ الجسمُ منّيَ ساجدا 
وبعدكَ صارَ الجسمُ والرّوحُ سُجّدا ...

أتتركُني في الكونِ أحيا أسيرةً
وقلبي طليقٌ في جناحيكَ قد شدا ؟

عجبتُ لصيّادٍ يُخلّي فريسةً
تشهّتْ بذاكَ اللّحظِ أنْ تتصيّدا !

عجبتُ له .. إن هانَ فيه انعتاقُها
لماذا رماها بالهوى مُتعمِّدا ؟؟

على حدِّ علمي من يصيدُ غزالةً
يخافُ عليها أنْ تفرَّ وتبعدا !

وأعلمُ بالغزلانِ ترجو فرارَها
ولا تتبعُ الصّيادَ أنّى تردّدا !

لقد سلبتْ عيناه منها لبابةً
وأودتْ بها .. حتّى يفرَّ وتقعُدا

وقد يصبحُ الصّيادُ شأوَ فريسةٍ
إذا كانَ في عينِ الطّريدةِ أصيدا

ورُبَّ غزالٍ صادَ صيادَ حُسنهِ
وأوقعَهُ فيما نوى وترصّدا

أبيعُ حياتي لو يحدّقُ نظرةً
إلى الخلفِ أو يُصغي للبٍّ تأوّدا

وأفدي دروباً سارَ فيها مُعذِّبي
وما يُفتدى منها وما ليسَ يُفتدى

بنفسي حسدتُ العابرينَ بقربهِ
وغارَ بصدري ألفُ كرهٍ وعربدا

وما كنتُ قبلَ اليومِ أحسدُ كائناً
وقد صارتِ الأعضاءُ منّيَ حُسّدا

أكانَ طريقُ العشقِ يبكي لنأيهِ
أم العينُ عيني تسكبُ الدّمعَ عسجدا !؟

خطا في عروقِ القلبِ تسعينَ خطوةً
أعدّدها والنّبضُ في مهجتي صدى

وألمحُ طيفاً كادَ في العينِ يختفي
وفي الرّوحِ بادٍ إن تخفّى فقد بدا 

تجمّعَ أهلُ الحُبِّ في جامعِ الهوى
وفي معبدِ الإلهامِ حُبّي توحّدا

هو البدرُ إلّا أنَّ للبدرِ فترةً
وطوراً وأطواراً وحِيناً وموعدا 

هو البحرُ إلّا أنّ للبحرِ ثورةً
وجزراً ومدّا مُستقِراً ومُزبِدا 

هو الشّمسُ إلّا أنّ للشّمسِ غيبةً
هو الفجرُ إلّا أنَّ للفجرِ مولدا

ولكنَّ محبوبي إذا غابَ لم يغبْ
وليسَ به نقصٌ وليس لهُ مدى

بلقيس حيدر 

التاريخ - 2021-12-29 9:53 AM المشاهدات 2347

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا