شبكة سورية الحدث


ألا ترى أن الانتحار سخيفٌ؟..بقلم حسن فضل عبود

ألا ترى أن الانتحار سخيفٌ؟..بقلم حسن فضل عبود

سورية الحدث

يشغلني ذاك الشّعور شعور يتردّد بين أزقة أفكاري،ويجتاح خلايا عقلي يضرم النّار بين ضلوعي،ويرقص رقصة الموت على دقات قلبي...
يراودني في أحلامي وكالكابوس يصحيني من نومي...
حتى علمت بأن هذا الشّعور يستلذّ بعذابي،وكأنّه متعمدٌ أن يغيّر ماهيتي كي يصبح جزءاً من حياتي...
شعور رهيب كمستعمر يريد أن يستوطن داخلي،ويبني مستعمراته حتى يعلن احتلاله واستيلاءه على كياني...
أريد التخلص من ذاك الشّعور،لكن أين الطريق إليه
أما من شخصٍ يدلني؟؟
لأنتزع قلبه وأخمد النار بداخلي،علّني أرتاح قليلاً من عذابي هذا...
وهنا عقدت العزم من جديد للمحاولة والمحاربة لطرد المستعمر اللعين،ولكنّها باءَت بفشل ذريع مزّق ثنايا روحي...
أيقنت أنّه لا جدوى من كل هذا لأني أضعف من أن أجابه هذا المحتل وحدي...
بعد تلك الانهزامات ،وفشلي في انتشاله من عقلي أعلنت انهزامي ورفعت يدي ملوّحاً برايتي البيضاء مسلّماً أمري لله...
ها أنا اليوم في التّاسع عشر من ديسمبر أكتب أخر كلماتي مودّعاً قلمي و أوراقي قبل رحيلي...
لطالما كان هو الحل للتخلص من كل الّذي يدور في مخيّلتي القذرة...
لم أكن أريد يوماً أن تنتهي حياتي هكذا،لكن تبّاً لجسدي الّذي لم يعد قادراً على تحمّل مثل هذه الصعاب...
والآن أقف على حافّة الهاوية لألقي بنفسي قاتلاً معي ذاك المغتصب...
لماذا الآن؟!!
وبهذه اللحظة!!
 تذكّرت كلامها لي عندما قالت..

_اصبر إن الله لغفور رحيم بعباده الصالحين،وما هذا إلّا اختبار لصبرك وإيمانك به...
حكّم عقلك،واضبط مشاعرك،ولا تتسرّع بأحكامك،ولا تكن متهوّراً بأفعالك...
أنظر حولك فكّر في أنّك تمتلك عائلة،فكّر في أن الله يحبّك ولم يذقك برد اليتم وقذارة الوحدة،
أنت لم تولد مشوّه لم يحرق وجهك بمادة كيميائيّة يمكنك النّظر للمرآة دون أن تفزع وتقشعرّ وتنهار...

+صحيح أنني لم أذق مرارة أي شي ممّا ذكرتيه،لكن عرفت طعم التنمّر من العامة على شيء يحصل لي وهو خارج إرادتي،عرفت طعم الموت عدّة مرات وأنا مستلقٍ على سريري فاقد الوعي لا أستطع الحراك ولا أستطيع محاربته والصمود أمامه،تجنّبت الخروج من مخدعي بسبب نظرات النّاس من حولي الّتي تملؤها الشّفقة والحزن على ما أنا عليه...

_ألم تلاحظ أنّك لم تدعني أكمل كلامي؟
في النّهاية أنت لا تغسل كليتيك كلّ صباح،و دماؤك نظيفة وكبدك غير ملوّث،في النهاية أنت تستطيع أن تسمع صوت المطر والرعد ،وتسطيع سماع صوت نفسك وأنت تصرخ بينما هذا ما يتمناه طفل أبكم في عيد مولده للمرّة العاشرة،أنت لا تتعرض للتعنيف والأستحقار، لم تذُوق لوعة الأستبداد والظّلم ،ولست عبداً وأنت تعرف مذاق الحريّة جيّداً.
والآن ألا ترى أن الانتحار سخيفٌ؟

حسن فضل عبود.
2021/12/19

التاريخ - 2022-01-08 10:40 AM المشاهدات 596

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا