سورية الحدث
مرحباً أُمّي؛ أُمّ كلثوم، أُمّ الدّنيا وأمّ العُشّاق، أمّ الوحيدين في اللّيل، وأُمّنا كُلَّنا، لعلَّكِ ياستِّي، وياسِتّ الكُلّ، غَنَّيتي كثيراً عن الحُبّ، وتَغَنّيتي كثيراً بالشّوق، أودُّ أن أسألكِ عنه؛ لَعَلَّكِ كُنتي ماهرةً في ضغط skip لهذا الشّعور، فالشّوْقُ اليوم، يُلاعبني؛ هذا الحقير يظُنُّ أنّي في مباراة، ويريد أن نلعب كلاسيكو، وإن لم ألعب يعتبرني خاسراً، أستَحْلِفُكِ بالله؛ أهذا عدلٌ؟ ماذا عن لَيْلِ البُعْد؟ شُموعٌ تُضيءُ عَتْمتي، ضريبتها الذوبان، وتَذْويبُ روحي المُتأهّبة شوقاً، بعد أن هَزَمَني الشّوق، أذابتني شَمعتي، وأَبْكَتْني آهاتُكِ ياستّ!
ماذا عن البَعيد عني؟ تقول لي أنّها تُحبُّ "عبد الحليم"، فأعتذرُ منكِ، هذا هو سبب استماعي لِـ"حليم" في الآونة الأخيرة؛ لكن بعد سماع: أهواك، زيّ الهوا ياحبيبي، قارئة الفنجان، والكثير...؛ عُدْتُ مُحترقاً لهذه الأغنية، محتاراً من هذا الشّعور الذي وُضع في صدورنا، يقول "كاظم الساهر": فَضَعْ بصدري واحداً غَيرهُ، يكونُ في مساحة الدنيا! يتحدَّث هنا عن القلب، وأنَّه لم يعُدْ يحتمل كلّ هذا العذاب، يطلبُ من الإله قلباً آخراً؛ لكن هذا لن يحدث ياستّ، ولو حَدثَ؛ لَمَا كُنّا سمعنا آهاتكِ، أتعلمين! طريقة طرحي طفوليّة جدّاً، أعترفُ بهذا، الشّوق لا يمكن أن نعمل له akip؛ لرُبّما _وإن كنت مازوخيّاً_ أحببت هذا الشّعور، بسلبيّاته أيضاً، أُعبِّرُ عنه بالكتابة، وأشعر أنّني أختنقُ لهفةً؛ لكنَّ هذا يجعلني صاحب لفهةٍ أكبر على دمشقَ، وهذا يجعلُ حَلَبَ ودمشقَ متقاربتين أكثرَ فأكثر؛ لَرُبَّما نكسرُ قاعدة المناطقيّة الغبيّة بين هاتين المدينتين؛ لعلّنا نكون مُلهِمين أكثر لأبناء هاتين المدينتين، ونحوّلُ جميع الهتافات التي ترجِّح كفّة هذه على تلك؛ بالحُبّ! فالحُبّ يصنعُ المُستحيل، و "سيرةُ الحبّ" تُثبتُ كلامي ياستّ!
ماذا عن افتتاح الأغنية؟ "نسيت النّوم وأحلامه"؛ أكتب هذا النّص مُتناسياً أحلامي وأيّامي، مُتناسياً عملي الباكر بعد ساعات، أنام في خيالي أكثر من نومي في غُرفتي، أمس نسيتُ العَشاء، وأنَّ معدتي فارغة؛ لِمجرَّد أنَّ الشَّوق قرَّر اختباري، وأخذَني الحديث معها، وغفوت فجأةً!
لعلّنا ياستّ خاسرونَ دائماً مع الشّوق، وفي الحبّ خسارتنا تبدو فوزاً، يقول محمود درويش: "لاهدفَ لدينا إلّا الهَزيمة في حروبك، فانتصر!"..
وأخيراً، "بَخافْ عليكْ، وبَخافْ تنساني!" ياستّ، أنا لستُ خائفاً، وإنّما تخطَّيت مرحلة الخوف؛إنَّه التّعلُّق، وما أجملهُ من تّعلُّقٍ أحسدُ نفسي عليه وأذكر جُملتك: "عيون كانت بتحسدني على حبّ"؛ (لن أكملَ بقيّة الشَّطر وسَأتركه جميلاً هكذا)؛ فالخوفُ يكون بفقدانِ إحداهنَّ بغرضِ البُعد، التَّردُّد، طريقة الكلام، لا لا ياستِّي، أنا ضامنٌ جدّاً؛ لعلَّ فكرتي تصلُ إذا شبَّهتُ نفسي "بالأبِ الرُّوحيّ"، أو "بِتوماس شيلبي" في صفقاتهم! .. لكنّي لازلتُ أخاف يا ستّ!.. أخافُ عليها من كلّ شيء؛ من الضَّياع، من المرض، من رفقةِ السُّوء، من الحَرب، من الغِذاء، من ضغوط الحياة، من نسماتِ الهواء حتّى!
أخاف كثيراً أن تنامَ قلقةً ذات يوم، وأدعو دوماً أن يأخذ الإله من راحتي ويحوّلها لكيانها، من صحّتي ومن سعادتي؛ فليأخذ الإله روحي ومن عمري لها؛ لعلّكِ ياستّ نسيتي سؤالاً مهمّاً في هذه الأغنية، أقترحُه لكِ الآن: "لماذا تتركيني"؟
ليث كفرناوي
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا