سورية الحدث
تعتبرُ المقاطعةُ من الأسلحةِ النّاعمة للشّعوب، والتي تعبّر من خلالها عن رفضها لسياسات الدّولة التي تقاطع بضائعها. مثلاً: "الولايات المتحدة" قاطعَ العربُ بضائعها بدءًا من السّيارات ووصولًا إلى الجبنة في عام 2000 خلال انتفاضة الأقصى ودعم واشنطن اللا منتهي لكيان الاحتلال الإسرائيلي خلالها، وفي هذه المقاطعة خسرت الشّركات الأميركيّة الخاصّة والعامّة؛ ما دفعها لتضغط على الإدارة الأميركيّة للتّراجع عن دعم إسرائيل العلنيّ والخضوعِ لمطالبِ الشّعب الفلسطينيّ المنتفض.
مفهوم "المقاطعة" استمرّ مع الشّعب العربيّ وبرز بشكل واحد في عام 2006 عندما شنّت حملة لمقاطعة البضائع الدنماركية والنّرويجيّة احتجاجًا على رسوم كاريكاتوريّة ضدّ النّبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، وبعد أن كانت هذه الدّول ترفض سحبَ الرّسوم، أجبرتها المقاطعةُ على وقفها.
المقاطعة يجب أن تكون مبنيّة على أسس صحيحة وواضحة بهدف تحقيقِ النّتائج المرجوّة منها، أي إنّها لا يجب أن تكون اعتباطيّة وانفعاليّة ومشتّتة، لأنّها ستكون عرضة للفشل، والنّقاط الرّئيسيّة لنجاح عمليات المقاطعة هي: أولاً وحدة الهدف؛ أي أن يكون لها هدف واحد وواضح بدون تشتّت.
ثانيًا المدّة؛ أي أن تكون مقرونة بمدّة معيّنة ولا تكون مفتوحة؛ لأنّ الشّارع كلّما طالَت فترة شعاراته كلما بردت انتفاضته.
ثالثًا التّصعيد في المقاطعة؛ أي أن تكون مقاطعة متدرجة بهدف تصعيد الضّغط على الدّولة التي تمت مقاطعة بضائِعها ومنع أي طريقة من قبلها للالتفاف على المقاطعين.
جميع ما سبق هي من مهمّات المثقّف والأكاديميّ، الذي يستطيع تمهيدَ الأرضيّة للشّارع لدفعه نحو المقاطعة، ونحن في سورية بهذه المرحلة تحديداً نحتاج لحملة مقاطعة حقيقيّة من قبل الشّارع السّوري ضد المنتجات الأميركيّة والتّركيّة وحتّى الغربيّة سواء داخل سورية أو خارجها، وبهذه الطّريقة سنكون قد شكلنا آلة ضغط حقيقيّة ضدّ الشّركات الغربيّة والأميركيّة؛ لإجبارِها على الانسحابِ من الأراضي السّوريّة، وإزالة الضّغوط الاقتصاديّة التي فَتكت بالشّارع السّوريّ وأثّرت على حياتِه، فمن المعيب أن يموت مواطنٌ سوريّ لأنّه لا يمتلكُ ثمنَ العلاج، وآخر يحمل هاتف آيفون من إنتاج شركة أميركيّة.
المقاطعة مبدأ وقضيّة ووطنيّة، وهي من مهام المثقّف والأكاديميّ الذي تقعُ عليه مسؤوليّة شرح أهمّيتها للشّارع.
نور سليمان
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا