كتب مدير التحرير..
عندما يدعم بعض الناس الفساد ويصبح حقاً للفاسد...
سورية الحدث - محمد الحلبي
لم أستطع أن أنهي أعمالي قبل الساعة الحادية عشرة ليلاً.. وأنا أعلم صعوبة المواصلات في هذا الوقت، وصلت إلى جانب وكالة سانا فوجدت ميكرو خط صحنايا_نهر_عيشة وهناك مقعداً فارغاً، صعدت إلى السرفيس ولم يكن السائق موجوداً.. لحظات حضر السائق بجلالة قدره واعتلى عرش القيادة، سألته السؤال المعتاد كم أجرة الراكب، ففي مثل هذا الوقت جرت العادة أن يدفع الراكب أجرة بين ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ ل.س، حسب طمع صاحب الميكرو، لكن معالي السائق طلب هذه المرة ٢٠٠٠ ل.س أجرة عن الراكب الواحد، وقبل أن أسأله لماذا ال٢٠٠٠ ل.س انبرى رجل عجوز وسأله بصوتٍ مكسور نفس السؤال الذي كنت أريد أن أسأله..
الجواب طبعاً كان كما هي العادة أيضاً.."هيك.. والي مو عاجبوا ينزل" لم أتمالك نفسي وقلت له خذ ٥٠٠ ل.س على الراكب بنفسٍ طيبة منا..
لكنه كرر جوابه بأكثر حدية وتحد.. وقال" مو عاجبك روح اشتكي وهي رقم الميكرو" ..
وفعلاً لم أكذب خبراً.. اتصلت بفرع مرور دمشق الذين أرسلوا دورية شرطة إلى المكان وسط محاولات هروب صاحب الميكرو الذي حاول الفرار من المكان لكني توقفت بوجه الميكرو لحين وصول الدورية..
الغريب بالأمر أن الناس الذين كنت تدافع عن حقوقها وقفوا إلى جانب السائق، وأنكروا أنه طلب ٢٠٠٠ ل.س أجرة عن الراكب، لا بل ادعوا أني اعتديت على السائق وقمت بشتمه والاعتداء على السرفيس أيضاً.. هنا تم استدعاء دورية شرطة من قسم القنوات، وعند نزول الضابط وسؤالي عن المشكلة شرحت له ما حدث، وكان بعض الركاب ما يزالون يدافعون عن السائق، كان ذلك قبل أن يتقدم الرجل العجوز الذي سأل السائق عن سبب تقاضيه ٢٠٠٠ ل.س عن الراكب وقال للضابط هل تسمح لي بالتحدث يا بني، فأذن له الضابط وقال له هذا الشاب على حق.. وهو لم يعتدي لا على السائق ولا على سيارته، والكل اتفق عليه بينما كان يتحدث مع شرطة المرور أن يتهموه بالاعتداء على السائق والميكرو.. سأله الضابط هل تشهد بذلك فأجاب العجوز نعم أشهد.. أما مناصري السائق فانسحبوا الواحد تلو الآخر ورفضوا أن يشهدو معه بما قالوا..
وهنا سألني الضابط هل تريد الادعاء على السائق فقلت له: لا. مشكلتنا ليست جنائية، مشكلتنا بالتسعيرة، وهنا انسحب رجال الشرطة وبقيت دورية المرور..
المخالفة هي حجز المركبة، وغرامة ١٠٠ ألف ليرة، وحجز السائق.. لكني أيضاً تنازلت عن حقي بالشكوى طالباً من السائق أن يرحم الناس، وسألته هل يقل مدخولك الشهري عن المليوني ليرة سورية من عملك على الميكرو، فقال لا..
قلت له فكيف برجل راتبه لا يتجاوز ال١٠٠ ألف ليرة ويعمل عمل آخر ليطعم أولاده خبزاً طوال الشهر؟..
لنتكاتف جميعاً، ولنعزز من ثقافة الشكوى عندما نكون على حق، فصاحب الحق سلطان..
ملاحظة: الصورة تعبيرية
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا