.
سورية الحدث : خاص – هني الحمدان
من الطبيعي وكصيرورة حياة أن تكون لدى المجتمعات طبقات، فقراء معدمون وهم بنسب كثيرة، وأغنياء يتنعمون بكل شيء، ويعيشون الحياة بحلوها فقط، وهناك طبقة يطلق عليها الوسطى، هي بمنزلة جسر بين الشريحتين، ولكن هذه الشريحة تناقصت واضمحل دورها، وخاصة في الدول النامية.
الدول عانت ويلات الحروب واشتداد الأزمات العاصفة عليها، فمثلاً في بلدنا كسورية، لم يعد شيء اسمه طبقة وسطى، أصبح هناك طبقتان فقط، فقراء وفقراء تحت خط الفقر وبنسبة عالية جداً ربما تتجاوز التسعين بالمئة، وطبقة الميسورين الأغنياء قسم بسيط منهم كان قبل الحرب، ولكن ولدت فئة قليلة خلال سنوات الحرب وما تلاها من وقت لظهور شريحة من السارقين الفاسدين الجدد،هؤلاء الذين يطلق عليهم أولاد النعمة الجدد، غبوا عملات وفساداً ومارسوا أفظع الطرق والأساليب لاستغلال كل حاجة للمواطن.
كان عند هؤلاء الأثرياء الجدد بذخ وتبذير وشهوات متأججة لكل صرعةواقتناء كل جديد، لا يستطيع الغني أن يُخفي استمتاعه بالثروة، علاماتها هي البيت والسيارة والمطاعم و الملاهي و النوادي و المهرجانات و السفر و التعليم الممتاز فكلها مظاهر للغني، ولكنها مصدر بؤس للفقير، ومع مرور الأيام وعصف الأزمات شدة، ورويداً رويداً نجد أن الفوارق باتت قاسية وبمدلولات بشعة، تأصل الفالق العميق بين من يملك ومن لا يملك وبالتدريج تتعمق الحساسيات والشعور بالتهميش والرغبة في الغضب والزجر وأشياء أخرى.
الفقر ياسادة ينهش بالعباد، وحديث الألسن اليوم لقمة العيش والخوف من الموت جوعاً، ولا تحتاج الحكومات كثيراً من الذكاء لتعلمَ أن الفقر يأتي بأحاسيس وتصرفات مؤذية اجتماعياً وله انعكاسات عاجلاً أم آجلاً، ذاك حين ينقسم المجتمع ما بين فقير وغني، فالغلاء أكل كل شيء، وحال عن تأمين أي شيء ضروري، في ظل ثبات الدخل وجنون سعر كل شيء، وكبر حجم المصاريف الأساسية.
الحكومة والقطاع الخاص لا يمتلكان القدرة لتقليم الغلاء ولرفع الأجور بالقدر الذي يساوي في المعادلة التي دوماً ترفع التكاليف وتهوي بقيمة الأجور ويبقى ميزانها غير مستو، فماذا يفعل المواطن الفقير وما الذي يخشاه؟.
لقد باعت الأسر مقتنياتها وحصصها المستحقة من مواد الدعم لشراء الخبز والطعام، عيونها تترقب المساعدات الخيرية، ولم يعد أصحاب الدكاكين يقرضون المواطن لعجز العباد عن السداد، لا نستغرب عندما نسمع إقدام رجل على دفع ابنه لترك مدرسته وتعليمه وزجه بسوق العمل بورشة إصلاحات لتأمين ثمن ربطة خبز.
هل من آمال وهل سيطول الانتظار..؟ لسان حال المواطن اليوم يقول لا أمل في أي تعاف، ولا من حلول لإعادة التوازن للخلل المجتمعي والفوارق الحادة، وحتى للنفوس الصدأة عند البعض باستغلال حاجيات العباد..
لنفكر جميعاً، كيف سنخفف من بعض الصعوبات،ولننظر بعين الرأفة لما يحصل بحال البشر، ألا يكفينا ظلم العالم وبعض دوله الإرهابية التي تتطاول علينا بشتى أنواع الإرهاب والظلم والحصار، لماذا لمن نكن أكثر قرباً لاحتياجات بعض؟، ونحد من سلبطات واستغلال البعض، فمساؤى الفقر وتبعاته قاسية جداً، لنحذرها اليوم قبل الندم غداً.
.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا