سورية الحدث - محمد الحلبي
لاتنتهي الحكايا في صباحات دمشق.. مواقف صغيرة تعكس عجرفة النفس البشرية عند البعض.. فلا كلمة الاعتذار تجبر كسر الذي كان، ولا دمعة القهر والرضا بقضاء الله ممن كسر خاطره تستطيع أن ترسم صورة الألم الذي يعتصر قلب المكسور.. نعم هي كلمة، لكنها أمضى من حد السيف..
رغم أنها مرَّت من جانبها لتجلس في المقعد الأخير إلا أن العجوز المتصابية المشغولة بتبرجها وتوزيع ابتساماتها هنا وهناك لم تنتبه لها وهي تمر من جانبها لتجلس في المقعد الأخير بعد أن أفسح لها أحدهم المجال لتجلس..
حوالي النصف ساعة وصرخ السائق معلناً وصولنا إلى وكالة سانا في البرامكة، فهمت هذه المرأة بالنزول وهي تشق طريقها بصعوبة نحو الباب الخلفي، ليتحرك الباص قبل أن يستوقفه الركاب ريثما تنزل تلك السيدة، فانهال السائق بالشتائم عليها كونها تأخرت بالنزول، وفي هذه الأثناء ولأن السائق توقف بانزعاج فقدت السيدة توزانها لتضع يدها على كتف العجوز المتصابية كونها لم تتمالك نفسها وهي أساساً لا تعرف كيف تتمالك نفسها قبل أن تنهال عليها العجوز المتصابية بكلمات التوبيخ "العمى ضربك شو عميا" ليأتي هنا الصوت المكسور الذي أدمى جميع الركاب "نعم.. آسفة أنا ضريرة"..
ورغم اعتذار العجوز المتصابية بطريقة فوقية إلا أن المشهد اختزل عجرفة ووضاعة البعض، فكلمة الاعتذار لن تجبر زجاجاً قد كسر، ولن تعيد سهماً قد أطلق من نشابته، فأصاب مقتلاً في جسدٍ أدمته جراح الأيام..
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا