الدكتور ابراهيم العدي أستاذ المحاسبة بكلية الاقتصاد بين خلال محاضرة له بجامعة دمشق عن نواحي القصور والتخلف في النظام الضريبي الحالي ، ومنها أنه ما زال يعمل بنظام الضرائب النوعية الذي تخلت عنه جميع الدول العالم وهو بحد ذاته قصور وفشل بالسياسة الضريبية فعلى سبيل المثال الطبيب الذي يمارس عمله كأستاذ جامعي في كلية الطب بجامعة دمشق ويعمل لدى الجامعة السورية الخاصة ولديه عيادة خاصة ويقوم بإجراء عمليات بعدة مشافي خاصة ولديه عقارات مؤجرة للغير إضافة لأموال في عدة مصارف ويتاجر بالعقارات و… و.. هذا يعني كل نشاط يخضع لضريبة نوعية مختلفة وبيان ضريبي خاص وبالتالي عدم القدرة على إخضاع دخل الطبيب للتصاعد الضريبي والبعد عن العدالة وتفتيت الدخل إلى دخول يؤدي إلى تفتيت الضريبة إلى ضرائب صغيرة وذات حصيلة متدنية، مع العلم أن سورية قررت إلغاء نظام الضرائب النوعية الحالي منذ أكثر من نصف قرن بصدور القانون رقم 130 لعام 1961 والمتضمن ضريبة الإيراد العام وهذا يعني أن سورية كانت مهيأة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا لإلغاء نظام الضرائب النوعية لكن يبدو وبحسب العدي هناك أصحاب مصالح من كبار التجار والصناعيين المستفيدين من الفوضى الضريبية والفساد الضريبي وعدم قدرة أو رغبة وزارة المالية على إلغائه .
ونقلت صحيفة الثورة عن العدي: إنه وبالرغم من صدور القانون رقم 24 لعام 2003 والذي اعتبرته الحكومة وزارة المالية جزء من الإصلاح الضريبي ولكن فوجئ المكلف بالضريبة ومراقب الدخل ودارس الضريبة ومدرس الضريبة بأن القانون لم يكن مدروسا بالشكل الذي يجب أن تدرس به القوانيين في أغلب دول العالم وربما بسبب عدم وجود أعضاء في مجلس الشعب يملكون المقدرات العلمية والمهنية على إصدار وفهم القوانين الضريبية ولذلك بدأت التعديلات السريعة وغير المدروسة فقد عدل القانون 24 تعديلا جوهريا بالقانون رقم 60 لعام 2004 ثم تعديلا جوهريا بإصدار القانون 41 لعام 2005 ثم القانون 51 لعام 2006 .
وأشار أن القانون 41 لعام 2005 قد نقل بعض الشركات المساهمة من ضريبة الأرباح الحقيقية إلى ضريبة الدخل المقطوع ( الجامعات الخاصة ) أي أصبحت هذه الشركات المساهمة الضخمة تحقق أرباحا كبيرة تعامل مثل أي محل صغير يبيع الفلافل ضريبيا وهذا غير موجود إلا لدينا في سورية وهنا طرح تساؤلا من المستفيد ومن المتضرر وقد تم التراجع بعد عدة سنوات عن الخطأ ..
العدي انتقد وزارة المالية واعتبرها أنها وقعت في خطأ كبير عندما فرضت ضريبة دخل على الأجور والرواتب بنسب تصاعدية تصل إلى 22% والآن أصبح أعلى معدل ضريبي 18% بدلا من 22% بينما تصل نسبة الضريبة على دخل بعض الشركات المساهمة 14% ، وبالتالي لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن تكون الضرائب على دخل العامل أي على الرواتب والأجور أعلى من الضريبة على دخل العمل ورأس المال أي الربح كما لا يجوز المساواة الضريبية بين العامل وشركة مساهمة !!
وأضاف في المحاضرة : لابد من أن يكون هناك حد أدنى معفى ثابت لكل العاملين ولكن بنفس الوقت يجب أن يكون هناك حد أقصى متحرك لكل عامل على حدة أي تشخيص الضريبة وفقا لظروف المكلف الاجتماعية والشخصية والصحية وحتى الجغرافية وهذا ليس اختراعا بل مطبق في أغلب الدول العربية والأجنبية فمثلا يكون الحد الأدنى للعامل الأعزب 50000 ألف ليرة ويضاف 25 ألف ليرة عن الزوجة وعن كل طفل من الأطفال .
وقال :إن ما يسمى بالإصلاح الضريبي يسير بعكس الاتجاه فالاتجاه الصحيح هو التوحيد الضريبي وليس التفتيت الضريبي أي التوجه نحو الضريبة العامة الموحدة على الدخل ونحو المزيد من تجميع الدخول بوعاء .
وأفرد العدي مساحة للحديث عن مشكلات الإدارة الضريبية في سورية والتي تعاني من مشكلات عديدة نذكر منها عدم وجود إدارة كفوءة وخبيرة ومؤهلة لوضع التشريعات الضريبية الجديدة وتطبيقها بكل موضوعية وشفافية لتحصيل المبالغ الضريبية المكتومة والمتحققة في القطاع الخاص وعدم القدرة على اخضاع اقتصاد الظل أو الاقتصاد الموازي والذي يشكل كحد أدنى من الاقتصاد الوطني نسبة 40% من الناتج الإجمالي ( تقديرات قبل الأزمة ) والآن يقدر بأكثر من 80% ، إضافة إلى عدم وجود مراكز للارشاد الضريبي تقدم المشورة المجانية والنوعية للمكلفين ناهيك عن ضعف التنسيق بين الدوائر المالية والدوائر الحكومية ونقص التجهيزات اللازمة .
وطرح العدي تساؤلا مفاده هل هناك عدالة ضريبية في سورية ليجيب إن النظام الضريبي السوري الحالي يبتعد عن العدالة وهناك بعض المؤشرات التي تدل على ذلك منها أن الضرائب المباشرة يمكن أن تكون عادلة لأن المشرع يستطيع تعين المكلف الذي يدفعها أما الضرائب غير المباشرة فلا يمكن أن تكون عادلة لأن عبئها يقه في النهاية على مجهول لذلك نجد أن اللجوء إلى الضرائب غير المباشرة هو مؤشر لعدم رغبة وزارة المالية وقدرتها على فرض ضرائب مباشرة فـ 60% من الإيرادات الضريبية تأتي من الضرائب والرسوم غير المباشرة ، وهناك مؤشر “أخر يتمثل بفرض رسم الانفاق الاستهلاكي على الجميع من غني وفقير أي مساواة الفقير بالغني ضريبيا ناهيك عن عدم توافر الوعي والرغبة والقدرة والإرادة للحد من تفشي ظاهرة التهرب الضريبي الذي يقدر بمئات المليارات من الليرات وعدم معالجة أسبابة وأثاره المختلفة .
وعن الحلول التي يمكن أن تساهم في حل أزمة النظام الضريبي المزمنة في سورية يقترح إلغاء نظام الضرائب النوعية الفاشل والمنتهي صلاحيته منذ عقود واستبداله بنظام ضريبي عصري كاستبدال الضريبة على الدخل بالضريبة العامة الموحدة على الدخل وضريبة المبيعات بدلا من ضريبة على الانفاق وفرض ضريبة على الثروة بمعدل 1% يكلف بها أصحاب الثروات التي تتجاوز قيمتها 500 مليون ليرة ولا يدخل في حساب الثروة الأموال المستثمرة في منشآت صناعية أو زراعية أو تجارية ، ويجب أن تكون معدلات الضريبة تصاعدية على الأشخاص ونسبية على الشركات كما يجب تخفيض المعدلات الضريبية على الرواتب والأجور والأخذ بمبدأ تشخيص الضريبة لتحقيق العدالة في التكليف إضافة إلى الغاء الإعفاءات الضريبية المتعلقة بتشجيع الاستثمار لثبوت عدم جداوها وضرورة وجود سياسة اقتصادية ومالية واضحة للدولة والحكومة وإصدار تشريعات مرنة قابلة للتطبيق والاستفادة من الأبحاث العلمية في كلية الاقتصاد والتعاون المثمر بين الجامعة والجهات الحكومية.
صحيفة الثورة
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا