بقلم محمد الحلبي
يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام و أنت الخصم والحكم
فكيف إذا كان الخصم والحكم هم الأهل.. وإن كان لهم الحق بالحفاظ على سمعة وشرف العائلة إلا أنهم يتبعون أحياناً سبلاً خاطئة تدفع أبناءهم إلى حافة الهاوية في رحلة البحث عن الخلاص من الظلم في ظل التخبط الأسري الذي تعاني منه العديد من الأسر, وغالباً ما يكون ذلك المنقذ المجهول هو ذاته من يكتب النهاية المأساوية لمن استجار به..
تفكك أسري
بين أخذٍ ورد لم يجد (أبو مروان) غير الطلاق حلاً لراحة باله من المشاكل المستعصية مع زوجته والزواج من غيرها أملاً بحياةٍ أفضل, وهنا يحظرني قول أحد الأصدقاء (تتغير الوجوه لكن الحظ واحد), هذه الجملة هي اختصار لحياة (أبي مروان) الجديدة بوجود طفلة صغيرة تدعى (هيا) هي ثمرة زواجه الأول.. كانت (هيا) في أعوامها الأولى عندما رمتها أمها في أحضان أبيها المتعبة خلاصاً من مسؤوليتها, ورغم المعاملة السيئة لـ(هيا) من قبل زوجة أبيها إلا أن أنوثتها أبت إلا أن تتفتح لتكبر تلك الوردة الصغيرة ويكثر حولها الحالمون باقتطافها, ولكن كما هو معروف أن القلب لا يمكن أن يعشق إلا شخصاً واحداً, فقد فاز قريب زوجة (أبي مروان) المدعو (نادر) بقلب (هيا) الصغير وغدا يتردد على منزلها متحيناً فرص غياب والدها لإرواء تلك الوردة التي غدت عطشى لمن يعوضها عن العذاب ونقص الحنان الذي تعاني منه, ولأن العيون كثيرة حول تلك الوردة شاع خبر تردد قريب زوجة أبيها على منزل هذا الأخير كما تستعر النار في هشيم الموقد، ليصل الخبر إلى مسامع (أبي مروان) الذي وضع حداً لـ(نادر) بمنعه من الدخول إلى منزله, وليفرض بعدها حصاراً قاسياً وصارماً على ابنته حفاظاً على سمعة العائلة.
بعد ثلاثة سنوات
مرت سنون ثلاث على تلك الحادثة وأصبحت (هيا) بحاجةٍ إلى من يملأ الفراغ في قلبها ويرضي لها غريزتها الأنثوية بإسماعها كلام الحب والغزل الذي يمكن للمرأة أن تعيش عليه بدلاً من الطعام والشراب, وقد وجدت ضالتها بأحد شبان حيِّهم, وغدت تتحين كل لحظة وكل فرصة لمحادثته بعد أن شغفها حباً فبدأت تخطط للهرب معه من منزل ذويها إلى عالم الأحلام الذي رسمه لها, وهنا عادت ألسنة الناس لتلوك بقصتها مجدداً حتى وصلت تلك الغمزات واللمزات إلى مسامع أبيها الذي فضل قمع تلك الألسن إلى الأبد بحبس ابنته في إحدى غرف المنزل ومنعها من الخروج نهائياً لتفشل قصة هربها المنتظرة..
سجن منزلي
وردت معلومات إلى رجال الأمن عن وجود فتاة مسجونة من قبل والدها, وأنها تتعرض إلى التعذيب والإهانة, فتحرك رجال الأمن إلى منزل (أبي مروان) وأخرجوا (هيا) من سجنها بحالةٍ يرثى لها ليتم نقلها إلى المستشفى حيث تلقت هناك الإسعافات اللازمة, وبعد تماثلها للشفاء أفادت أن والدها وأعمامها قاموا بضربها وحجزوا حريتها في إحدى غرف منزل أبيها, وكانوا يقدمون لها الطعام ويقومون بالاطمئنان عليها من حينٍ لآخر من أنها لا زالت على قيد الحياة, وبعد التوسع بالتحقيق معها فجرت (هيا) قنبلة من العيار الثقيل أمام أهلها عندما اعترفت أن قريب زوجة أبيها المدعو (نادر) قد قام بفض بكارتها والاعتداء عليها منذ قرابة الثلاثة أعوام, هذا الأمر دفع رجال الأمن إلى عرض (هيا) على الطبيب الشرعي والذي أكد بدوره صحة أقوالها, فتم استدعاء (نادر) الذي لم يستطع إنكار فعلته, واكتفى بقوله أنه كان قد عاشرها معاشرة الأزواج بناءً على موافقتها ورضاها وبأنه لم يجبرها على ذلك, وقد قدم هذا المذكور لاحقاً أمام هيئة المحكمة صك زواج شرعي من المدعوة (هيا), بعد أن أجبرها والدها على القبول بهذا الزواج درءاً للفضيحة، لتسقط دعوة الاعتداء الجنسي بحقه, فيما أحيل كلاً من (أبي مروان) و أشقائه إلى القضاء المختص لمحاكمتهم بجناية احتجاز حرية إنسان من غير وجه حق, مع إنزال التعذيب الجسدي والمعنوي به وذلك استناداً إلى تقرير الطبيب الشرعي المتضمن وجود سحجات وكدمات بأنحاء متفرقة في جسد المدعوة (هيا) ولزوم محاكمتهم أمام محكمة جنايات ريف دمشق..
ويذكر أن (هيا) قد قامت بإسقاط حقها الشخصي بالادعاء على والدها وأعمامها, ليبقى للحق العام الكلمة الفصل في هذه القضية..
وليبقى السؤال تائهاً بين أسطر القانون أين ومتى حرَّر المدعو (نادر) صك الزواج الشرعي؟؟! وهل حصلت المجني عليها في ذلك الصك على حقوقها, سؤال آخر ننتظر من القانون الإجابة عليه؟؟
التاريخ - 2016-01-09 5:51 PM المشاهدات 855
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا