بقلم محمد الحلبيفي قانون الحب تختلف الشرائع والقوانين وتنهار كل الاعتبارات وتذوب الفوارق الاجتماعية كلها, فلا العقل ولا المال ولا العلم له أية قيمة في ميزان الحب من أجل لحظة سعادة قد تكلفنا غالياً جداً, حتى وإن كان الثمن هو أيام حياتنا كلها.. وأنا برأيي المتواضع إذا ما جلس الحب على عرش القلب أخذ العقل إجازة مفتوحة إلى ما شاء الله..جنون الحبلم تكن قد بلغت الثامنة عشرة من عمرها عندما تعلق قلب المدعوة (ميساء) بجارهم الملقب (أبو كمال) رغم أن هذا الأخير على أبواب العقد الرابع من عمره, وهو أب لثلاثة أولاد أكبرهم يساويها في العمر تقريباً, وقد تبادر إلى مسامع أهل (ميساء) عن اهتمام المدعو (أبو كمال) بابنتهم, وأنهم كثيراً ما شاهدوها في مكتبه العقاري الكائن في نفس مكان سكنهم تحتسي القهوة عنده وضحكاتها تملأ الشارع صخباً, لكن (ميساء) كانت تكذب كل تلك الأقاويل وتقول إنها ترمي السلام على (أبو كمال) بحكم الجوار, وفي صبيحة أحد الأيام استيقظ أهل (ميساء) فلم يجدوا تلك الأخيرة في غرفتها, واعتقدوا بدايةً أنها تعرضت إلى عملية خطف, لكن سرعان ما استبعدوا هذه الفكرة باختفاء أمتعتها الشخصية معها, وقد بحث عنها أهلها مطولاً عند الأقارب والأصدقاء لكن دون جدوى, فتقدموا ببلاغ إلى رجال الأمن يفيد بتغيب ابنتهم المفاجئ عن المنزل دون سبب وجيه, لتبدأ رحلة البحث عن (ميساء) قبل أن يلاحظ شقيقها (بسام) تغيب المدعو (أبو كمال) عن مكتبه المقفل منذ تاريخ تغيب شقيقته تقريباً...وهنا ذهب (بسام) إلى مكتب (أبو كمال) وطرق الباب ففتح له ولده (كمال) فقال له أنه يريد والده لأمر مهم للغاية, فرد عليه (كمال) إن والده يملك منزلاً آخر في منطقة برزة البلد وربما يكون هناك, فذهب الاثنان إلى المنزل المنشود لكنهما لم يجدا أحداً.. وهنا قال (كمال) لـ(بسام) إن والده قد يتواجد في إحدى المزارع العائدة لهم في منطقة خان الشيح, ذهب الاثنان إلى هناك, ومنذ أن دخل (بسام) إلى المزرعة شاهد شقيقته (ميساء) بصحبة (أبو كمال) حيث قالت له إنها تزوجت من (أبو كمال) وهذه رغبتها، وهنا انقض عليها (بسام) وأوسعها ضرباً وقام بسحبها إلى سيارته مشهراً سكيناً حادة في وجه (أبو كمال) لمنعه من الاقتراب, وقد اصطحب (بسام) شقيقته إلى المنزل عنوةً وقام بضربها من جديد وشتمها حتى تدخل والدها وأبعده عنها وطلب منه أن يأخذها إلى منزل شقيقتها في منطقة الغوطة منعاً للفضيحة أمام الناس ريثما يجدوا حلاً لهذه المشكلة, وبعد أن خرج (بسام) وشقيقته من المنزل عاد هذا الأخير بعد عدّة ساعات وهو ينعت شقيقته بألفاظ بذيئة, وادعى أنها هربت منه في الطريق وأنها قالت له إنها عائدة إلى منزل زوجها..في المزرعة اتجه والد (ميساء) برفقة رجال الأمن إلى مزرعة (أبو كمال) بدلالة (بسام) وهناك نفى (أبو كمال) أن تكون (ميساء) قد عادت إليه منذ أن ذهبت مع شقيقها، وقال: إن (ميساء) زوجته شرعاً رغم أنه قد تزوجها عرفياً, وأنه مستعد لتثبيت زواجه في المحكمة الشرعية أصولاً, وقد توالت الأيام دون أن يرد أي خبر عن مكان وجود (ميساء), وظلّ اختفاءها سراً مرهوناً لقادمات الأيام... جثة مجهولةشاهد رجال الأمن بعد البلاغ الذي ورد إليهم جثةً لفتاةٍ مرميةٍ تحت الشجيرات في بساتين منطقة القزاز وعلى رأسها دماء متخثرة, كما شوهد أيضاً عدّة طعنات على رقبتها وصدرها, وقد عزا الطبيب الشرعي سبب الوفاة إلى النزيف الصاعق الناجم عن الطعنات النافذة إلى القلب, وقد قدر الطبيب الشرعي عمر الجثة المتوفاة بسبعة أيامٍ تقريباً, ولدى عرض الجثة على ذوي (ميساء) تعرفوا عليها ووجهوا أصابع الاتهام إلى المدعو (أبو كمال)، لكن هذا الأخير نفى ذلك جملةً وتفصيلاً, واتهم شقيقها (بسام) بقتلها وخصوصاً أنه كان قد هددها بالقتل سابقاً عندما أخذها من مزرعته عنوةً, وقد شهِد ناطور المزرعة على هذا الكلام, ولدى مواجهة المدعو (بسام) مع المدعو (أبو كمال) اعترف طواعيةً ودون أي جبر أو إكراه بقتل شقيقته (ميساء) دفاعاً عن الشرف, وقال: إنه بعد أن طلب منه والده اصطحاب (ميساء) إلى منزل شقيقته الأخرى انعطف إلى بساتين القزاز بسبب الشجار الذي عاد ونشب بينه وبين (ميساء) في السيارة إثر قولها له إن حياتها ملكها وحدها وهي حرّة بتصرفاتها, فما كان منه - حسب قوله - إلا أن أخرج سكيناً حادة وطعن بها شقيقته عدّة طعنات لا يعرف عددها حتى أرداها قتيلة, ومن ثم حاول إخفاء الجثة حتى يصعب العثور عليها أواكتشافها لأطول فترة ممكنة فيصعب التعرف عليها إذا ما أصابها التفسخ, وأفاد أنه لم يقم بدفن الجثة أملاً أن تنهشها الوحوش الضارية, وأنه عندما عاد إلى المنزل قال لوالديه إن (ميساء) قد هربت منه عندما توقف على إحدى الإشارات المرورية في الشارع ولم يستطع اللحاق بها, وهنا قال والد (ميساء) أنه لا علم له بأن ولده قد قتل شقيقته, وأنه لم يطلب منه قتلها أبداً وقد نصّب والد (ميساء) نفسه مدعياً شخصياً بحق المدعو (أبو كمال) بحجة أن (أبو كمال) قد غرر بابنته القاصر, فيما لم يدَّعِ ضد ولده (بسام) الذي قال عنه إنه قتل شقيقته دفاعاً عن الشرف.. وقد سلمت جثة (ميساء) إلى أهلها أصولاً ليصار إلى دفنها حسب العادات والتقاليد المتبعة.
التاريخ - 2016-02-09 2:05 PM المشاهدات 959
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا