على قلة إطلالاته الإعلامية، لا يبدو وزير الاقتصاد بحاجة لمزيد من التمرس باللغة الحكومية المتقنة في سوق البراهين على «النجاح» بأداء المهام على الوجه الأكمل، ففي إعلانه «المتصالح» عن استعداد الحكومة «دعم أجور النقل والشحن للصناعيين الراغبين في إعادة منشآتهم للوطن»، إنما يمارس طقساً حكومياً معهوداً لا يحتاج معه لأكثر من تلقف قبضة من «مونتها من الرماد» لذرها في عيوننا.
في تصريحه إياه، يمكن «للغرباء» وحدهم أن يرتابوا بما ينطوي عليه من إيحاءات بأن الحكومة التي يعهد له شؤون اقتصادها قد أدت «قسطها للعلا» في ملف إعادة الحياة إلى المنشآت الصناعية الوطنية التي آثرت البقاء داخل البلاد، ولم يتبق عليها اليوم سوى التفرغ بكامل «تسهيلاتها» لاجتذاب المنشآت «الفارة» خارجها؟!
أما نحن، ممن نتقاسم البيت، فندرك تماماً بأن تعبير «محدودية النجاح» لهو وصف مترف للفشل الحكومي الموصوف في تمكين المنشآت المتوقفة من العودة «الممكنة» للعمل، فكيف سيكون عليه الأمر حيال من غادرها؟.. نعم، لقد فشلتم - وبشكل مزر- في هذا الملف الحيوي لأيام الحرب وللخروج منها ولما بعدها، وفشلكم هذا لا يشمل بالطبع نجاحكم في ترداد الحديث عن الإنتاجية وإحلال السلع المحلية وخفض المستوردات وما إلى ذلك من ذر لرماد يبدو مخزونه لديكم عصي على النفاذ!
واختصاراً لما يمكن قوله بهذا الصدد، تجدر إحالتكم إلى تصريحات سابقة لرئيس اتحاد غرف الصناعة حول واقع المنشآت الصناعية المتوقفة بجهود حثيثة من بيروقراطية تراخيصكم الإدارية والبيئية، وما قاله لاحقاً عن «تسهيلاتكم» المزعومة وهواكم المسهب في الاستيراد الخالي من الرؤية التنموية، وهو بالمناسبة يزيد بأشواط عما قاله «مالك في الخمرة»، إذ وصل الأمر بـ«مرارته الصناعية المنتفخة» إلى حدود «تحذيركم» من الإيغال بـ«المحاربة العلنية لقطاع الأعمال الوطني» ناقلاً عن الفعاليات الاقتصادية إنها: «سنقف بقوة ضد كل من يحاول ضرب اقتصادنا من الداخل ومحاربة فعالياته الوطنية»؟!
في الأداء العملاني إزاء الواقع المحزن لملف الصناعة الوطنية، يجدر بالحكومة التأكد من أن رجال أعمال وصناعيين سوريين داخل سورية اليوم لا يستطيعون اليوم إتمام أعمالهم مع العالم تبعاً للعقوبات التي طالتهم على خلفية «سوريتهم» وهؤلاء سيكون موقعهم التنافسي ضعيف من حيث المبدأ قبالة أقرانهم ممن ينوي وزير الاقتصاد التكفل بمصاريف نقل منشآتهم عودة.
أما في التعاريف والمصطلحات، ودون جدال طويل، فيستحسن بكم كحكومة حزبية لها شعاراتها ومحدداتها الإيديولوحية، أن تستعيدوا ثقتكم بأن من غادر سورية وهي تنزف هو رجل أعمال سوري، أما من بقي فيها فهو سوري يمتهن الاقتصاد.
التاريخ - 2014-07-01 4:55 PM المشاهدات 775
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا