شبكة سورية الحدث


لبنان يكرّم الصبوحة..

لبنان يكرّم صباح الذهبيّة بالحنجرة والمكانة والشَعر الـمُتدلّي كنور يغلب الظلمة نقع على عشق التركيبة الكليّة: هيئة وصوت وحضور، وإذ نلمح صباح بعد غياب، ندرك أنّ التركيبة فريدة لا تشيخ، بعكس الجسد. الشحرورة، رغم عذابات العُمر، تتفوّق علينا بالفرح. ليست الحياة على قدر من التفهّم لتُجنِّب المرء نهاية مؤلمة. تظهر مُتخيَّلة حيث هي، تشاهد سنوات الذهب تُكرَّم، وكل ما مرّ من قهر وهناء يُستَعاد في لحظات، بل في لحظة تُنسيها كم سريعاً مضى العُمر، وكم بطيئاً تتكدّس أوجاعه. "لبنان يكرّم صباح" ("أم تي في")، حلقة قدّمتها ريما نجيم بحبّ الشحرورة والأمل بلبنان يشمخ لا يركع. الشموخ عصيّ على الشيخوخة، وكما غابات الأرز تتمسّك بالجذور وتعاند الفصل عن المجد، كذلك صباح تظهر متصلّبة في العمق، متجذّرة في الأبدية. لمحناها قليلاً، مجرّد مقتطفات من لقاء جمعها ونجيم مع الضيوف، ورغم القلّة، بدا كثيفاً حضورها متوسِّعاً في الأرجاء ممتداً كالعلاقة مع الوجود من منطق أنّه الديمومة.الشَعر ذهبي والثوب فرِحٌ، والعين تُحدِّق قاذفة من تراه بملامح العشق، كأنّ الصبّوحة تقول إنّها لولا الحب ما كانت. الأحباء من حولها يقتربون على مهل، باندفاع مُنظِّم، فثمة نور ينبغي برفقٍ أن يُلمَس. "أم تي في" حرصت على أن يظلّ النور في منأى عن قُبح الضجيج، لئلا يقترب منه محولاً روعته نكسة. إننا، في الأوطان البائسة، لا ننفكّ نجد الشائعة ملهاة نصدّقها بخفّة العقل وننشرها لمتعة في امتهان الكرامة. صوّر المخرج كميل طانيوس لؤلؤة صُنفها يشترط العناية الخاصة والحنان والحذر من التربّص والغيرة والأنانية.أوشكت ابنتها هويدا على إهدائها دمعة، وهي إن تماسكت، فلئلا تُرغِم الأم على تقبّل الهدية. ليس لائقاً بالدمع أن يسيل على خدّ يشاء بعد هذا العُمر لو يُهدهَد كالأجنّة في الأرحام وأطفال الهناء والعُشب المفعم بدفء الربيع والنسائم كالتي تهبّ من أنفاس صبية تنتظر حبيبها، ولكم انتظرت صباح الحبيب وغيرُ حبيبٍ انتظرها طويلاً.حضر دريد لحام يمجّد لحظة الوفاء ويروي ذكريات تنسال على محياه فتصيبه بشوق العودة الى الصبا. قال إنّ مهنة صباح الفرح، ونحن، بينما نستمتع بتقارير تعيدنا الى روعة الأغنية والنصّ المُمثَّل، نلاحظ أنّها دائمة الابتسام، مُشرقة الوجه رغم ضيم أصاب الروح ومصادفات هزّت البدن. نسمع "تِعلى وتتعمّر يا دار" بصوت غسان صليبا، واعترافات روميو لحود بأنه سيبقى يحبها. تصغي نجيم الى الحب يُقال في الشحرورة والرِفعة والمكانة لقامة وُصفَت بالتواضع والنفس المعطاءة. يستذكرها الياس الرحباني الساخط على مستقبل الفنان في وطنه، وليلى رستم تقول: "صباح هي الطرب". وكانت أغنيات لا تُنسى: "يا دلع يا دلع دلّع" و"رقّصني دخلك"، وما يشبه الشحرورة: "قد ما فيك نبسط بعمرك".نرضى بالقليل من صباح، من حاضرها المُتمكّن فينا كالمادة الأرشيفية، فإن أتانا بعض الصوت نابضاً باسماً كدليل الى حضور فائق ومنزلة سامية، نَقَل الينا العظمة وأتاح تشاركها. وحدها أوراق الخريف ترتجف قبل أن تتساقط، وصوت صباح كلما ارتجف حلّق. كان لا بدّ لهويدا من ذرف دمعة. حبس الدموع قهرٌ للعاطفة، فكيف بالحرارة وهي تندفع كثيفة كغصّة أو رجاء لا يشبه صلواتنا اليومية، وتُحدِث كلمات خمس من صباح الى ابنتها ("انشاالله تضلي حدّي وما تتركيني") فينا وجلاً كوجل الوحدة حين نكبر والقسوة حين نمرض.
التاريخ - 2014-07-03 2:01 PM المشاهدات 1351

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم