شبكة سورية الحدث


الشيخ جابر عيسى "لسورية الحدث" أكثر ما يعيق عملنا هو عدم مصداقية المجموعات المسلحة

حوار خاص مع الشيخ جابر عيسى رئيس هيئة المصالحة الشعبية في سورية حاوره محمد الحلبي – رولا نويساتي يعتبر ملف المصالحة الوطنية والشعبية من أهم الملفات الموجودة على طاولة الحكومة السورية، فمنذ أن اندلعت الشرارة الأولى للأحداث في البلاد عام 2011 طرح السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية مبادرة المصالحة الوطنية بين أطياف المجتمع السوري ككل، وأصدر العديد من مراسيم العفو لإعادة كل من غرر به أو حمل السلاح إلى جادة الصواب، وفعلاً تم تسوية أوضاع العديد من أبناء شعبنا وعادوا إلى حضن الوطن وانخرطوا في المجتمع المدني، في الوقت الذي لازالت لجان المصالحة الوطنية والشعبية تسعى لإخماد نيران الفتنة التي أحرقت أجزاء كبيرة من أرض الوطن ورمت العديد من أبنائه بين مخطوف ومطلوب ومفقود ومهجَّر ونازح... سورية الحدث حاولت إلقاء الضوء على عمل تلك اللجان من خلال اللقاء الذي أجرته مع الشيخ جابر عيسى رئيس هيئة المصالحة الشعبية في سورية فكان لنا معه الحوار التالي... تابعوا معنا.. أولاً – بداية هل لنا من تعريف واضح لمفهوم المصالحة الوطنية ؟ المصالحة هي منظومة اجتماعية منذ الأزل وليست مستحدثة، وخير ما قيل في المصالحة هو قول الله عز وجل.. بسم الله الرحمن الرحيم (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم, وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيم).. ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلال حربه مع المشركين عقد أكثر من مصالحة كانت الغاية منها حقن دماء البشر مهما كان اعتقادهم أو مذهبهم أو دينهم، فهو فرض من الله وسنة نبوية من الرسول صلى الله عليه وسلم.. أما على صعيد المجتمعات ومنها مجتمعنا السوري فيوجد هناك وجهاء لحل أي مشكلة تحدث، وهم المسؤولون عن حلها، وإن الحل الذي يرتئونه يصبح فرضاً على طرفي النزاع، فالمصالحة إذاً منظومة ترافق حياة الناس لحل النزاعات سواءً كانت هذه النزاعات سياسية أو اجتماعية، وهي لازمة للمجتمع، إذ أنه لا يوجد مجتمع خالٍ من النزاعات، وفي بلدنا سورية ومنذ بداية الأحداث نادى السيد الرئيس بشار الأسد بالمصالحة من جانب والقتال ضد الإرهاب من جانبٍ آخر، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يحارب المشركين ويعقد الصلح لمن يريد، فالتاريخ يعيد نفسه.. وماذا عن المصالحة الوطنية في سورية ؟ المصالحة الوطنية هي مشروع استراتيجي تم وضعه من قبل الدولة لحل الأزمة، وهذا المشروع قادر أن يحقق الحل في سورية بعد أن انقسم المجتمع إلى قسمين، قسم مع الدولة وآخر ضدها، فلذلك عمل السيد الرئيس ونادى بتشكيل اللجان الأهلية والشعبية، حتى أصبحت هذه اللجان هي الرافد لوزارة المصالحة الوطنية لتساهم بدورها في حقن الدماء وتسوية الأوضاع والمشاركة في عمليات المصالحات.. حيث تم اختيار أشخاص وشخصيات من لجان المصالحات السابقة الذين أثبتوا نجاحات خلال السنوات الماضية للاستمرار بالعمل في المصالحات وتسوية أوضاع المواطنين في حال وجود أية إشكالات في سجلاتهم العدلية والقضائية.. 2 – ما هي مهمة لجنة المصالحة الشعبية..؟ وكم هو عمرها؟ وما هي الصلاحيات المعطاة لها؟ وكم يبلغ عدد أعضاؤها؟ مهمتنا الأساسية تكمن في خدمة كل من يحمل الهوية السورية بغض النظر عن الصراع القائم على الأراضي السورية، ولذلك وضعنا نظاماً داخلياً لخدمة الوفود القادمة من المحافظات، وفي المقابل خدمة أبناء وأسر الشهداء وأسر المخطوفين وأسر الجرحى والمفقودين، ونبحث عن مخطوفي ومفقودي الجيش العربي السوري، كما نتابع ونبحث عن الموقوفين لدى الدولة لكشف مصيرهم لأهاليهم، ونتواصل مع كل من خرج من الأراضي السورية إلى الدول الأخرى للعمل على عودته وتسوية وضعه إن كان مطلوباً، وإن كان هناك عائلات تريد العودة إلى حضن الوطن فنحن نعمل مع الدولة على تجهيز أماكن لإقامتهم، وكل ذلك يتم بالتوثيق والتنسيق مع وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية.. أما عن عمر لجنة المصالحة الشعبية فقد تأسست اللجنة المركزية منذ الخطاب الأول للدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية عند بداية الأحداث في سورية عام 2011، حيث انطلقنا للعمل في سائر المحافظات السورية، وقد بلغ أعضاء اللجنة المركزية على مستوى سورية ما يقارب الألف عضو كمؤسسين، وأي مواطن يرغب بالمساهمة في هذا العمل يتم تكليفه بكتاب رسمي للعمل في مجال المصالحات الوطنية... ما هي الصلاحيات المعطاة لهذه اللجان؟ صلاحيات الأعضاء هي صلاحيات مطلقة فيما يخص حاجات المواطنين بشرط أن يكون لها توثيق ومصداقية في العمل ليتم اعتمادها مع الجهات المعنية التي تبدي تعاوناً كبيراً مع اللجان لخدمة أبناء المجتمع السوري... ثالثاً – ما هي الإنجازات التي حققتها هذه اللجان؟ وهل أصابت الأهداف التي خُطط لها؟ منذ البداية وضعنا نظاماً لعملنا من خلال هيكلة مؤسساتية، وكان عملنا يتم بأريحية أكبر، وكنا نحقق انجازات بشكلٍ أسرع، فالمسلحون كانوا من أبناء سورية والغرباء بينهم كانوا بنسب قليلة، ففي الفترة الواقعة بين عامي 2012 وحتى 2013 كانت انجازات اللجان لتسويات الأوضاع كبيرة وصلت إلى مئات الآلاف، ولكن بعد دخول الغرباء كجبهة النصرة وداعش وسيطرتهم على المسلحين السوريين انخفض معدل انجاز المصالحات، وأصبح عملنا مرهون بتقدم الجيش العربي السوري من خلال سيطرته على المناطق لنتمكن نحن بدورنا من الدخول إليها، حيث يصبح عمل لجان المصالحات أسهل.. رابعاً – كيف يتم تنظيم العمل بين اللجان والجهات المسؤولة ؟ أولاً لدينا هيكلية تبدأ من العضو في القرية ومنه إلى اللجنة الفرعية في المنطقة ومن ثم اللجنة الرئيسية في المحاقظة ومنها إلى رئاسة المبادرة في دمشق، فالعضو لديه عمل يقوم بتوثيقه لرئيس اللجنة الفرعية، وهذا بدوره يعطي الكتاب لرئيس اللجنة الرئيسية، وهذا يقوم بتوثيقه وإيصاله إلى رئاسة المبادرة التي تدرس الطلب مع السيد وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، فكلنا نساهم ونتعاون لما فيه خير الوطن.. خامساً – دعنا نقول بصراحة أن هناك تخوف أحياناً من قبل أبناء الوطن المغرر بهم وخاصةً في المناطق الساخنة، كيف يتم طمأنة هؤلاء بأن حضن الوطن يتسع لجميع أبنائه ؟ عندما نقول خوف وهاجس يجب أن نسأل ممن هذا الخوف... إن كان من مؤسسات الدولة سواءً الأمنية أو العسكرية فإن الضامن هو السيد رئيس الجمهورية العربية السورية، وما هو دون السيد الرئيس هو خاضع كمؤسسات سواءً مدنية أو عسكرية أو أمنية لتنفيذ توجيهات السيد رئيس الجمهورية، فمن بقي له كلام بعده.. سادساً – هناك مناطق محاصرة من قبل العصابات المسلحة يصعب الوصول إليها ويريد أبناؤها الخروج من سيطرة هؤلاء المسلحين.. ما هي الإجراءات المتخذة بغية خروجهم من هذه المناطق إن استعصت المصالحة ؟ حقيقةً إن الوضع السوري حالياً أصبح شأناً دولياً، أي أنه ليس ملك لأبناء سورية، فقد أصبح الوضع خاضع لإرادة دولية، ومن يمثل رأي الحكومة السورية اليوم هي روسيا وإيران والصين، وحالياً هناك طمأنة روسية على الأرض وهي قائمة لأي مواطن عربي سوري، وهي ممثل لرأي الحكومة السورية في أي مشكلة على الأرض.. سابعاً – هل هناك منظمات أخرى تعمل مع لجنة المصالحة الشعبية وما هو دورها ؟ نحن كلجان شعبية أهلية ارتباطنا بوزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، ونحن منذ بداية الأزمة في سورية وحتى اليوم كان هاجسنا حقن دماء أهلنا، ولم نرتبط بأي جهة خارج الدولة السورية، وحتى هذا التاريخ لن نرتبط مع أي منظومة دولية إلَّا الحكومة السورية، فإذا كانت القيادة السورية فرّغت لنا وزارة مخصصة لحقن دماء أهلنا وحل مشاكلنا فما الذي نريده من المنظمات الغير سورية، فجميع هذه المنظمات متآمرة على الشعب السوري ومأجورة لدول الخليج وأميركا وإسرائيل وأوروبا.. ثامناً – ما هي الملفات التي تعملون عليها حالياً ؟ حالياً نعمل على تسوية أوضاع الناس الذين يرغبون في ذلك، والعمل مع الجهات المختصة لبيان وضع جميع الموقوفين ومجهولي المصير لطمأنة أهاليهم، والتواصل مع جميع المناطق التي لا يسيطر عليها الغرباء لعودتهم إلى حضن الوطن في جميع القطاعات وفي سائر المحافظات، ونوثق ذلك مع السيد وزير العدل الذي أبدى استعداداً وتعاوناً كبيراً لكشف مصير أي مواطن يتم السؤال عنه، ونقوم حالياً بتوثيق أسماء المفقودين لدى الدولة وفق إدعاء أهاليهم، كما نقوم بتوثيق أسماء المخطوفين من أبناء الدولة لدى المجموعات المسلحة.. تاسعاً – هل هناك مصالحات مع المغرر بهم خارج حدود الوطن والذين خرجوا بطرق غير مشروعة ؟ في وقتٍ سابق سادت ثقافة أن يُقال مغرر به مع بداية الأحداث، لكن بعد استمرار الأزمة لما يقارب الست سنوات لا يمكن أن نقول عن شخص يحمل السلاح ويدمر بلده ويقتل أهله بأنه مغرر به، لكن السيد الرئيس رغم معرفته أن هذا الشخص غير مغرر به ومعتمد لتدمير بلده وقتل أهله فقد أمر بمصالحته وتسوية وضعه، ولذلك نحن جاهزون لأن نسوِّي أوضاعهم ونعيدهم إلى حضن الوطن.. وهنا قاطعناه وقلنا له أن هذا الكلام قد ينطبق على الشبان والرجال، لكن هناك نساء وأطفال وشيوخ هجِّروا أو أخرجوا إلى دول الجوار بطرق غير مشروعة.. هل تم تسوية أوضاعهم أيضاً ؟ فقال: في السنة الماضية قمنا بإعادة عدد من العائلات من لبنان إلى حمص، لكن اليوم عندما نريد جلب عائلة إلى البلاد نجد أن المسلحين قد دمروا بعض المدن والقرى برمتها، فإذا ما أردنا إعادة بعض العائلات إلى حضن الوطن فهم بحاجة إلى بيوت وخدمات من كهرباء ومياه وبنى تحتية، فكيف إذا ما علمنا أن حركة المسلحون في تلك المناطق تعيق تحركاتنا، لكن بطبيعة الحال نحن موعودون بخطة لإعادة إعمار البنى التحتية في المناطق التي حرِّرت لإعادة أهلها إليها.. عاشراً – هناك ملف بالغ الأهمية، ألا وهو ملف المفقودين والمخطوفين كيف تتم معالجة هذا الملف ؟ حقيقةً لدينا كفتي ميزان.. مخطوف مقابل موقوف، فنتواصل مع المجموعات المسلحة لمعرفة أسماء المخطوفين لديهم، وهم في المقابل يطلبون بدل هذه الأسماء موقوفين لدى الدولة، ونحن بدورنا نقوم بالوساطة في هذه المعادلة بين المجموعات المسلحة والدولة عبر الجهات المعنية حتى نصل إلى توافق بين الجهتين.. إحدى عشر – هل لديك فكرة عن عدد المخطوفين والمفقودين حتى عام 2016 ؟ كأعداد مسجلة رسمياً لا يوجد لدي فكرة، لكن باعتقادي أن ذلك موجود لدى الوزارة المختصة.. اثنا عشر – ما هي المعوقات التي تعيق عمل لجانكم ؟ لا يوجد معوقات سوى عدم مصداقية المسلحون ضمن المناطق التي يسيطرون عليها، فكل منطقة مسلحوها سوريوا الجنسية يكون التواصل معهم سهل والحلول معهم قائمة، أما تلك المناطق التي تسيطر عليها النصرة وداعش فلا يوجد مصداقية في العمل معهم، وقريباً إنشاء الله ستشهدون حلولاً على مستوى سورية ككل.. ثلاثة عشر – هناك حديث عن هدنة في شهر رمضان ما هو مدى نجاحها برأيك؟ أنتم تعلمون أن الهدنة لا بد منها لأن منظومة المصالحة وعمل المصالحة يكون بدايةً بتسوية أوضاع أشخاص – أفراد – ومن ثم مجموعات ومن ثم تسوية وضع حي أو قرية، ومن ثم نعمل على وقف القتال ومن ثم ننتقل إلى الهدنة، فهذه هي مراحل المصالحات حتى تتحقق المصالحة العامة، وحتى نستطيع الوصول إلى الهدنة لا بد من تحقيق المصالحة كاملة.. أربعة عشر – هل لنا أن نتحدث عن خطة العمل مع الحكومة السورية لدى لجانكم؟ نحن كمبادرة وضعنا خطة عمل مع الوزارة بإشراف السيد الوزير د.علي حيدر الذي كلف مدير مكتبه بالتنسيق مع جميع اللجان الأهلية لانجاز جميع القضايا بالسرعة الممكنة... الخامس عشر – سؤالنا الأخير لماذا تنجح الهدن التي تتم عن طريق لجان المصالحة الوطنية والشعبية بينما تفشل تلك التي تأتينا من الخارج؟ حقيقة أي قرار يتم اتخاذه خارج سورية يكون خاضع لمصالح الدول التي صنعته، أي أن كل دولة خارجية تعمل لمصلحة بلادها، وليس لمصلحتنا كسوريين، في حين أي قرار يصدر من أبنا شعبنا فهو لخدمة الشعب والوطن، فلذلك لا يستطيع الشعب السوري أن يقبل الهدن الخارجية كونها تتعارض مع مصلحته داخل بلاده، ولذلك يفشل كل ما يأتينا من الخارج وينجح كل ما تكون صناعته من الداخل.. كلمة أخيرة.. إن أفضل شيء لإنجاح أعمال المصالحة هو الإعلام.. فلا يوجد حالياً جانب على الأرض يكون حافزاً لإنجاح المصالحات سوى الإعلام، ففي حال وجد إعلام يظهر أعمال اللجان نجد أن الأفكار والأعمال تصل لكل أذن ولكل مواطن ولكل بيت، فبنظري المصالحة بوجود تغطية إعلامية نزيهة وشفافة تُحدث انجازاً كبيراً في أعمال اللجان.. وختاماً بارك الله بكم وبموقعكم سورية الحدث وأشكركم لأنكم تبحثون عن رؤية الجهات الأهلية التي تعمل لحقن دماء شعبنا.. فأنتم شركاء في الانجازات التي تتحقق على أرض بلدنا الحبيب, ورحم الله جميع شهداء هذا الوطن..لمشاهدة مقطع من اللقاء 
التاريخ - 2016-06-04 6:53 PM المشاهدات 3856

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا