شبكة سورية الحدث


التجارة الداخلية : الاتجاه نحو مصدر الإنتاج وإلغاء الوسيط قد يهدئ فورة الأسواق

لم تدّخر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أي إجراء من شأنه تخفيض الأسعار ومحاصرة المتلاعبين بها وخاصة للمنتجات الزراعية المحلية المصدر التي لا يرتبط سعرها إلا بارتفاع أو هبوط نسبة أطماع التجار، وربما هذا ما دفع حماية المستهلك إلى الاتجاه نحو مصدر الإنتاج مباشرة وإلغاء الوسيط بينها وبين المزارعين من خلال دعمها لمنتجاتهم وتسويقها في مراكز البيع الخاصة بها، وتجلى ذلك بمساعي الوزارة لإقامة المراكز التنموية في جميع المحافظات بالتعاون مع جهات حكومية عديدة تضمن تنفيذ هذه الخطوة التي من شأنها أن تكون دافعاً حقيقياً لإعادة المزارع إلى أرضه، ولاسيما أن الظروف القاسية التي عانى منها المواطن السوري أثبتت أن أولويات الدعم الحكومي يجب أن تتجه إلى المنتج المحلي الذي يوفر قطعاً أجنبياً ويحقق إنتاجاً يلبي حاجة السوق الداخلية.إنعاش الريفتفرض فكرة إقامة المراكز التنموية أهميتها عبر الدور الذي يمكن أن تلعبه في تفعيل دور القطاع الزراعي في عملية الإنتاج ودعم اقتصاد الأرياف السورية، ويعتبر معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب أن إقامة المراكز التنموية تعتبر خطوة إيجابية تدعم المزارعين ومنتجاتهم بمختلف أنواعها ومواسمها، إذ إنها ستعمل على تأمين مستلزمات واحتياجات المزارعين لزيادة الأراضي المزروعة والتنوع في المحاصيل الزراعية والغذائية، كما ستعمل هذه المراكز على تخزين المنتجات الزراعية وتسويقها وبيعها في صالات المؤسسة السورية للتجارة، ما سيساهم في تشجيع صغار المزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في القرى وإنعاش وتطوير الريف في كل الجغرافيا السورية.تذليل الصعوباتبعد موافقة المجلس الأعلى للتخطيط على إقامة 11 مركزاً تنموياً في الريف السوري، تعهّدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإنجاح هذا المشروع وتذليل كل الصعوبات والتحديات التي يمكن أن تحول دون إنجازه، حيث سارعت الوزارة إلى وضع الخطوط الأساسية لإنشاء المراكز وبنائها، وهنا يؤكد شعيب لـ”البعث” أن البداية ستكون في محافظة السويداء وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية، وسيتم تجهيز تلك المراكز بخطوط فرز وتوضيب لجميع أنواع الخضار والفواكه المنتجة في تلك المحافظات، بالإضافة إلى تأمين وحدات تبريد وصالات بيع تتبع للمؤسسة السورية التجارية، ويضيف شعيب: إن هذه الإجراءات ستكون بمنزلة جسر آمن بين المزارعين وصالات عرض منتجاتهم.إلغاء الوسيطمن ينظر إلى واقع الأسعار للمنتجات المحلية يعلم جيداً وجود متربّصين ينتظرون انتهاز الفرص بين الحين والآخر، إذ إن الارتفاع الكبير في أسعار المنتج المحلي لا يمكن تفسيره وربطه بارتفاع القطع الأجنبي كما كان يتم الادعاء سابقاً، حيث كشفت المراقبة الحثيثة للوزارة عن مربط الخيل في تلاعب الأسعار، وتنكشف الصورة جيداً عن الوسيط الذي يأكل جهد المزارع ويبتزّ لقمة عيش المواطن، وهنا يوضح المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة عمار محمد لـ”البعث” الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه المراكز التنموية في إلغاء دور الوسيط، حيث سيتم نقل المحاصيل الزراعية من المنتج إلى المستهلك دون وجود أي طرف ثالث، ما سيساهم في السيطرة على انفلات المتلاعبين بالأسعار وتحكّمهم بالسوق، كما أن غياب الوسيط سيعزز عمل المؤسسة في القدرة على تخفيض الأسعار بما يتناسب مع القوة الشرائية للمواطن وتوفير جميع المنتجات الغذائية والزراعية بنوعيات جيدة وأسعار مقبولة.خسائر اقتصاديةإن إلغاء عمل الوسيط بين المزارع والبائع يقلل من مجمل الأرباح التي تستنزفها عملية الوساطة، إذ ستقوم صالات المؤسسة السورية للتجارة بهذا الدور بين المنتج والمستهلك، ويضيف محمد: إن هذا الإجراء من شأنه الحفاظ على المنتجات الزراعية وتأمين بيعها بأسعار عبر منافذ بيع تلبي حاجة السوق، على أن يتم  تصدير الفائض منها، وبذلك تتم حماية المحاصيل الزراعية وخاصة الموسمية من التلف والهدر كما حصل في السنوات الأخيرة، حيث تسبّب بخسائر اقتصادية على المزارعين بشكل خاص وعلى الاقتصاد بشكل عام، وحسب محمد فإن هذه المراكز ستبشر بتحضيرات مهمة لاستقبال موسم الحمضيات القادم، بالإضافة إلى باقي المواسم كالتفاح وغيره.دعم حكوميلاقى مشروع المراكز التنموية اهتماماً كبيراً من جهات حكومية عديدة، حيث قامت بعض هذه الجهات بتقديم عدة دراسات لإنجاز هذه المراكز تتعلق بالأعمال الإنشائية والفنية والميكانيكية التي تتطلبها تلك المراكز، بالإضافة إلى تقديم دراسات حول الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع والتكاليف التقديرية لها، كما تعهّدت جميع تلك الجهات بدعم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتقديم كل ما يلزم لإنجاز هذا المشروع وإقامة تلك المراكز بأقل وقت ممكن، على أن تقوم الوزارة بتجهيز تلك المراكز بالمعدات والأجهزة اللازمة للحفاظ على المنتجات الزراعية من التلف وتحضيرها للبيع في الصالات التابعة لها.أن تأتي متأخراًلاشك أن الأولويات المطلوب تحقيقها من المراكز التنموية هو تأمين المستلزمات المتعلقة بخطوط الإنتاج لعملية التوضيب والفرز والتغليف وغيرها من التجهيزات التي تفعّل دور المراكز وتنشّط عملها، بالإضافة إلى أنها ستحقق فرص عمل مهمة لأبناء الريف في تلك المراكز، وربما يرى بعضهم أن هذه الخطوات متأخرة جداً وخاصة بعد خسائر المزارعين لمواسم زراعية كاملة بعد بذل جهود كبيرة لإنتاجها، إلا أن مقولة “أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي” تبدو مقولة حكيمة تدفعنا إلى التفاؤل بهذه المشاريع.
التاريخ - 2017-05-04 1:27 AM المشاهدات 808

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا