شبكة سورية الحدث


بسبب التضخم وفروق الأسعار واحتكار الدولة سوق التأمين … نموّ وهمي يقوده « التأمين الصحي »

بسبب التضخم وفروق الأسعار واحتكار الدولة سوق التأمين … نموّ وهمي يقوده « التأمين الصحي »
كشف تقرير هيئة الإشراف على التأمين ، أن إجمالي الأقساط في شركات التأمين الخاصة سجل نحو 9.9 مليار ل.س خلال عام 2017، محققة نسبة نمو نحو 4.1% عن إجمالي ما حققته هذه الشركات من أقساط في عام 2016، حيث سجل إجمالي الأقساط حينها 9.5 مليار ليرة سورية، وبحسب التقرير تقدّمَ التأمين الصحي على التأمين الإلزامي للسيارات محتلاً صدارة قطاع التأمين لعام 2017. أجرت الأيام تحليلاً لبيانات تقرير الهيئة اعتماداً على خبراء، لتفسير سبب ارتفاع أقساط التأمين الصحي والتأمين على الحريق، فضلاً عن التأمين على الحياة.في هذا السياق قدّم الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الدكتور علي كنعان، رؤيته التحليلية بالقول: «إن هذه الأرقام تؤكد على أن الوعي التأميني ما زال منخفضاً، وخاصة إذا قسنا نسبة أقساط قطاع التأمين إلى الناتج المحلي الإجمالي، فقد تجاوزت هذه النسبة في بعض الدول 10% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، في حين لا تتجاوز في سورية %2، أي أن التأمين ما زال في حدوده الدنيا مقارنةً مع الدول التي سبقتنا في هذا المجال، خاصة مصر والأردن».ويتابع كنعان: يعد ارتفاع إجمالي أقساط شركات التأمين الخاصة بنسبة قدرها 4.1% مؤشراً إيجابياً لأنه يتقارب مع مستويات النمو في الاقتصاد الوطني، لكن إذا ما أخذنا أسباب هذا الارتفاع فإننا سنجد أنه يعود إلى ارتفاع في قيمة أقساط التأمين الصحي بشكل أساسي، وبالتالي ليس صحياً أن هذا الناتج التأميني نما بنسبة 4.1%، فإذا حذفنا نمو قطاع التأمين الصحي يظهر لدينا أن النمو الإجمالي للتأمين لم يكن على المستوى المطلوب، بل لا يتجاوز 1% أو 2%، وهي نسبة منخفضة مقارنة مع نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار معدلات التضخم العام فربما أصبح هذا النمو سالباَ».يختم كنعان حديثة «في الأزمة المالية العالمية 2008، لوحظ بأن أولى القطاعات التي تعرّضت للإفلاس هو قطاع التأمين، لذلك قامت الحكومة الأمريكية بدعم شركات التأمين لإيقاف تعمق الأزمة، لأنه يتطلب من شركات التأمين عند حدوث صعوبات اقتصادية، التعويض على من تعرض للضرر المادي والجسدي، وقد نجحت التجربة الأمريكية بشكل مبهر، أما التأمين في سورية فلا يمكن دراسة تطور قطاع التأمين، وتقييمه إلا بعد انتهاء الحرب».يلاحظ من خلال تقرير التأمين بأن حجم التأمين الصحي وصل في عام 2017 إلى 2.9 مليار ل.س، محققاً نسبة نمو قدرها  F عن عام 2016، وهذه النسبة تعود لعدة أسباب برأي محللين اقتصاديين: «أولها هو ارتفاع أسعار خدمات التأمين وليس زيادة تلك الخدمات، فأكثر الشركات الطبية والمشافي، والمخابر والأطباء ومراكز الإيكو  والتصوير الشعاعي، رفعوا قيمة  فواتير المعاينة، وبالتالي أدى ذلك إلى ارتفاع حصة التأمين الصحي، والسبب الثاني هو قيام بعض الشركات الخاصة بتأمين موظفيها لدى شركات التأمين، وثالثاَ معدلات التضخم المرتفعة، وبالتالي ترتبط أسعار الأدوية والأجهزة والمواد الطبية بمؤشر التضخم، فكلما زاد معدل التضخم تزداد معه أقساط التأمينات الصحية، ولذلك ارتفعت أقساط تأمين القطاع الصحي بنسبة 46%، وهذه النسبة لا تعكس أي تطور في عمل القطاع».بدورها تفسر هيئة الإشراف على التأمين نمو أقساط قطاع التأمين الصحي بالقول ” بعد صدور قرار يحدد الحد الأقصى المسموح لشركة التأمين الخاصة الاكتتاب به في فرع التأمين الإلزامي للسيارات انخفضت نسبة أقساط التأمين الإلزامي لدى هذه الشركات وبالتالي تقدم فرع التأمين الصحي على الفروع الأخرى، نتيجة رغبة تلك الشركات بالحصول على أعمال جديدة وكان التوجه الأكبر نحو القطاع الصحي  للحصول على هذه الأقساط، كونه تم ربط النسبة المسموحة للشركة بالاكتتاب في التأمين الإلزامي للسيارات بنسبة إنتاج الشركات الخاصة لباقي انواع التأمين، وما ساهم بنمو قطاع التأمين الصحي أيضاً وجود زيادة في الأسعار ناجمة عن التضخم وارتفاع تكاليف الاستشفاء كزيادة أسعار الأدوية، أما فيما يتعلق بارتفاع أقساط التأمين على الحياة بنسبة حوالي 19،7%،  فتمت الإشارة الى أن هذه النسبة لا تشكل سوى زيادة بمقدار حوالي ٦٠ مليون عن العام الماضي فقط، حيث لا تزال  قيمة أقساط تأمينات الحياة في السوق السوري ضعيفة نسبياً نتيجة ضعف الوعي التأميني وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن السوري”.يظهر من خلال التقرير أن أقساط التأمين الإلزامي على السيارات، بلغت 2,5 مليار ل.س خلال 2017؛ في حين كانت في عام 2016 نحو 2.08 مليار ل.س، أي بمعدل نمو سلبي مقداره 16.8%، ويعود الأمر للقرار الذي اتخذته هيئة الإشراف على التأمين ،بالاتفاق مع المؤسسة العامة السورية  للتأمين، بأن يكون التأمين الإلزامي حكراً على المؤسسة العامة الحكومية، وتسعى الحكومة إلى حصر التأمين الإلزامي بنسبة 100% بالمؤسسة العامة، وعلى شركات التأمين الخاصة أن تبحث في عقود تأمين أخرى كالحريق، وتأمين الأضرار الأخرى الناجمة عن حوادث مختلفة.وبحسب التقرير بلغت أقساط التأمين على الحريق أقل من مليار ل.س، بنسبة نمو 13,2% مقارنة مع عام 2016، وهذا النمو طبيعي بحسب خبراء اقتصاديين، وهو يبرز عمل شركات التأمين الخاصة، فإذا حذفنا نسبة أقساط التأمين الصحي، كونه يرتبط بارتفاع الأسعار، وأقساط التأمين على السيارات كونها ترتبط بالتأمين الإلزامي، فتأمين الحريق يُظهر نموّ وتطوّر قطاع التأمين في سورية، فهذه النسبة ما زالت متدنية، يجب أن ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 10%، وهو ما يعبّر عن الحالة الراهنة للتأمين، كون قطاع التأمين يعاني من صعوبات عديدة سواء لجهة التضخم، وارتفاع الأسعار، وانخفاض مستوى الوعي التأميني، أو انخفاض مستوى الدخول لدى المواطنين، فكلما زاد مستوى الدخل كلما زاد الوعي التأميني.من جهة أخرى، يعكس ارتفاع أقساط التأمين على الحياة تطور مستوى الوعي التأميني، وبحسب الإحصائيات، نما هذا القطاع بمعدل 19.7%، وهذا يعود لمؤشرات عديدة منها الخوف من الحوادث والظروف الطارئة خلال الأزمة التي تمر بها البلاد، ما دفع أصحاب الدخول المرتفعة للتأمين على حياتهم، بغية ضمان الأسرة بعد مماتهم، أو يمكن أن يفيد الأسرة طوال فترة حياتهم. لكن ما زال التأمين دون المستوى المطلوب، لأن التأمين نشأ قبيل الأزمة بقليل (عام 2006)، وهناك شركات تأسست خلال فترة الأزمة، ودائماَ خلال فترة الأزمة لا يمكن تقييم أية أعمال. لذلك هناك عزوف من شركات التأمين، خوفاً من حدوث أضرار كبيرة.محمد الواوي 
التاريخ - 2018-04-26 7:57 PM المشاهدات 2341

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا