شبكة سورية الحدث


في جرمانا جرائم قتل… فوضـى سـلاح وفلتان أمـــــــــني أبطاله «ثرثريــون وطائفيــون»!

سورية الحدث  حدث في اللاذقية يوم الخميس أن تفاحةً سقطت من أحد شرفات المنازل على سيارة جيب سوداء «مفيّمة» فيها شاب وفتاة، فلم يقم صاحب السيارة باكتشاف الجاذبية بل نزل «صاحبها» مع كمية مناسبة من الشتائم وحمل بندقيته وأطلق مخزن من الرصاص في الهواء وباتجاه البناء «الجبهة» التي «أطلقت» التفاحة… هذا المشهد لم يعد حكراً على اللاذقية، الشهيرة بهذا النوع من «التشبيح»، بل يمكن أن تشاهده اليوم، في أي مدينة من مدن سورية خلال الحرب التي دخلت عامها الثامن. والجريمة التي حدثت في حمص الأسبوع الماضي، وكان نتيجتها قتل الأخوين مجد وعلي العلي من قبل صديقهما في تلكلخ، حدث ما هو أغرب منها في السويداء عندما قتل الابن أباه بسبب خلافات عائلية، وهذه الجرائم كلها في ازدياد، مضافاً إليها جرائم السلب والخطف وسرقة سيارات.ثرثريون وطائفيون!يقول توفيق وهو أحد سكان حي الروضة في جرمانا إن الجرائم ازدادت في جرمانا مؤخراً، لكن بدايتها كانت مع تسليم السلاح إلى بعض «الثرثرية» على حد وصفه، والذين دخلوا إلى اللجان الشعبية بحجة الدفاع عن الدولة، وحاولوا الاستفادة من وجود السلاح لمآربهم الخاصة، وهم أقل الناس الذين تواجدوا على الخطوط الأمامية، لا بل تم إلقاء القبض على 15 شخصاً منهم بتهمة السرقة، وحُكم عليهم بالسجن لمدة سنتين بين عامي 2014 و2016.يتساءل توفيق: متى سيُفتح ملف حملة السلاح غير الشرعي والانتشار الكبير للسلاح بين الناس؟! وبالتالي الحد من الجرائم المتكررة والتي أصبحت تقليداً أسبوعياً يخاف السوريون أن يتحول إلى عادة يومية، ليستيقظوا كل يوم على خبر جريمة جديدة، وكأن أخبار المعارك والشهداء لا تكفي لمزج حياتهم بالحزن وتوشيحها بالسواد.أحد سكان جرمانا «سامر ف» يؤكد لـ «لأيام» أن «الميول الدينية المتشددة ازدادت مؤخراً في كل المدن السورية، ومنها مدينة جرمانا مع ضعف الدولة وغياب القانون، فالدولة حالة أرقى من الطائفية والعشائرية، لكن يلجأ الناس للطائفية مع ضعف سيطرة الدولة على مرافق الحياة». يضيف ابن جرمانا: نحن نتراجع على المستوى الاجتماعي، وعدد المشايخ يتضاعف، فالشيخ أصبح يحمل هوية ويحتال على الخدمة العسكرية عبر السفر إلى لبنان، أما عنصر اللجان الشعبية فهو فوق القانون يطلق النار متى يحلو له، ويقف بوجه العدالة، كما حصل منذ فترة عندما جاءت دورية الأمن الجنائي للتحقيق بسرقة، في أحد أحياء جرمانا بمنطقة الجمعيات، وعندما حاولت الدورية تفتيش أحد المنازل منعهم المتهم من دخول المنزل وهددهم بالسلاح قبل أن يكتشفوا أنه عنصر في «اللجان الشعبية».قاتل عمته مختبئ في جرمانامصادر أهلية في المدينة أكدت لـ «الأيام» أن الانفلات والتراخي الأمني أصبح فوق الحد، ولم يعد يجدي السكوت عنه، فكل يوم هناك ضحايا، وآخر الجرائم التي هزّت المدينة حدثت يوم 19 أيار الجاري، عندما أقدم (محمد ط) بالتعاون مع أخيه (فواز.ط) بقتل الشاب علاء زاعور، وذلك عند مرور المغدور بسيارته في إحدى الحارات الفرعية الواصلة بين حيي البعث والقريّات بالمدينة.وبحسب مصدر في قسم شرطة جرمانا فإن المجرمَين (الوافدين من منطقة الكسوة)، تعرضا للمغدور في الساعة الرابعة فجراً، وقام (محمد ط) بكسر نافذة سيارة المغدور بسلاح أبيض ليبادر بعدها مباشرة بطعنه بالصدر، ما أدى لمقتل علاء بعد إصابته بالقلب بشكل مباشر.وأضاف المصدر أن المجرم كان متوارياً لدى أخته في الحي لأنه مطلوب بجريمة قتل عمته، لكن الجريمة الجديدة دفعت قوى الأمن لمعرفة مكانه وملاحقته، وتمكنت بالتعاون مع الحواجز العسكرية ومن خلال تعميم أوصافه، من إلقاء القبض عليه على أحد حواجز الكسوة بعد ساعات من ارتكابه الجريمة وتسليمه أصولاً لينال جزاء فعلته.رصاص «أهل الكرم»لا تخرج حالة الفوضى في حمل السلاح واستخدامه، عن الحالة العامة للفوضى التي تسود علاقات المجتمع السوري في زمن الحرب. وأصبح غريباً ألا تسمع صوت إطلاق نار بعد كل مشادة كلامية، بل من المستهجن أن تُحلّ أي ملاسنة بين شخصين «بتبويس الشوارب»، كما جرت العادة بين السوريين لحل المشاكل العابرة سابقا. وأصبح لا يهدأ بال سكان حي الروضة في جرمانا إذا لم يسمعوا إطلاق نار بعد الساعة 12 ليلا أمام مطعم «أهل الكرم». يقول أحمد وهو من سكان المدينة القدماء إنه شهد حالة إطلاق نار منذ سنتين بسبب خلاف على سندويشة فلافل، في الشارع العام، لكن اليوم تطورت الخلافات إلى مطاعم الشاورما حيث يشهد كورنيش الروضة، بشكل شبه يومي، مشاجرات أمام المطعم ويضيف: «كل مجموعة في جرمانا لها نفوذ وسيطرة، وتحاول أن تثبت سطوتها على باقي المجموعات، مما يولّد تنافرا في القوى تذهب ضحيته السكينة والطمأنينة ونفوس الطلاب والأطفال التي لم تعد تحتمل كل هذا الحزن».«ماتركس»الأمثلة عن الفوضى والعنف أكثر من أن تحصى أو تكفيها صفحة جريدة، لكن لكل حادثة أو جريمة خصوصيتها في جرمانا، ويمكن أن تتحول إلى مشهد من مشاهد أفلام «الآكشن» على شاشات السينما. فآخر جريمة حصلت في حي التربة كانت بين أحد عناصر اللجان وجاره الشرطي، ومَن شاهدها يظن أن أحداثها هاربة من أحد أجزاء فيلم «ماتركس»، ذلك أن مشاجرة بين الأطفال (ابن عنصر من اللجان الشعبية وابن جاره الشرطي) أدت إلى تدخل الآباء، وتطورت مشاجرة الأطفال إلى ملاسنة بين الكبار لتتطور إلى تلقيم الأسلحة، ثم التهديد بها، لكن عنصر اللجان بادر بأول طلقة فأصاب قدم الشرطي إلا أن الشرطي عاجله من مسدسه بعدة طلقات في الصدر، ما تسبّب بسقوط عنصر اللجان على الأرض مضرجا بدمائه، وقبل أن يسلم الروح التقط أنفاسه وأمسك بندقيته ثم أفرغ رصاصها في جسد غريمه الشرطي، ليسقطا سوياً مفارقين الحياة! في مشهد تراجيدي غير تمثيلي على الإطلاق.حال جرمانا هو حال الكثير من المدن والمناطق السورية التي لامست الحرب من جميع جوانبها، لكن ما يميز جرمانا أنها واسطة العقد، بين الغوطتين الشرقية والغربية، ومدخل أساسي وحيوي إلى كل مناطق الغوطة، ذلك أنها كانت الملجأ الأول لكل الهاربين من الحرب والنازحين، إن كان من المدن المجاورة أو المدن البعيدة. ويمثل كل شارع فيها أنموذجاً مصغراً للمجتمع السوري بكل مكوناته، من أبعد قرية في الحسكة شمالاً، وحتى أصغر قرية جنوب السويداء، مرورا بكل المحافظات السورية. وشكل هذا التنوع الديموغرافي انعكاساً واضحاً ومباشراً لكل مفارقات المجتمع السوري وتأثره بمفرزات الحرب، التي تدخل عامها الثامن وربما غير الأخير.ويبقى السؤال! متى ستتخلص مدينة جرمانا من واقعها كأحد أهم الأمثلة على تراخي القانون وفوضى السلاح في المدن السورية؟ ومتى سيصبح القانون فوق الجميع في هذه المدينة؟ وفي كل مدينة أصابتها الحرب في بنيتها وتركيبتها الاجتماعية، وعلاقات أبناءها وطريقة حياتهم؟ فلم تنفع كل مطالبات سكان جرمانا بوضع حد للمنفلتين، والمجرمين الطلقاء الذين يقلقون راحة المدينة، ولم تنفع مناشدات سكان المدينة وغيرها بتوقيف الخارجين عن القانون، في غياب من يملك إرادة تطبيق هذا القانون، حتى بعد سقوط الضحايا على مذبح الفوضى، وقتل الأبرياء على أيدي الأشقياء. وطالما لم يتم اتخاذ القرار بتطبيق القانون على قطّاع الطرق فلن تتوقف الجرائم والأحداث المؤسفة، التي يودّع في نهايتها الأهل أبناءهم، والزوجات أزواجهن والأطفال آباءهم.فوضى قمامة أيضا! لا يقتصر التردّي في الوضع الاجتماعي والأخلاقي على العنف وفوضى السلاح في المدينة، التي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون إنسان، ويعادل هذا الرقم حالياً 3 محافظات هي (القنيطرة ودرعا والسويداء)، بل يتجاوز ذلك إلى كل جوانب الحياة، من الطرقات والمواصلات إلى الصرف الصحي والمياه، مرورا بالتلوث الهوائي والسمعي، وصولاً إلى القمامة التي تتراكم على شكل جبال على أطراف الطرقات وفي الساحات.مصدر في بلدية جرمانا يؤكد لـ «الأيام» أن البلدية صرفت العام الماضي وحده مليارات الليرات السورية على عقود لبناء مدارس ومشاريع حيوية مثل تأهيل طريق النسيم وغيره، ورغم ذلك لا يتوفر الحد الأدنى من الخدمات، بسبب العدد الكبير للسكان والمهجرين وتهرّب متعهدي ترحيل القمامة من مسؤولياتهم نتيجة كمياتها الكبيرة.المصدر يقول بأنه يوجد في القانون السوري للنظافة مادة تبين أن كل ألف شخص بحاجة إلى ضاغطة و6 عمال نظافة، وإذا ما طبقنا ذلك بشكل نظري على أرض الواقع في جرمانا فهذا يعني أننا بحاجة إلى 9000 عامل و1500 سيارة ضاغطة، لكن الغريب أن في هذه المدينة التي تعد أغنى بلديات ريف دمشق والتي تضم مليون ونصف شخص، هناك 31 عاملا و3 سيارات ضاغطة فقط لا غير. ويتم ترحيل القمامة مرة واحدة كل يوم وفي بعض الأماكن لا يتم ترحيلها لعدة أيام، ويتهرب المتعهدون من التعاقد على ترحيل القمامة بسبب الكميات الكبيرة، ويقول مصدر في البلدية إن بلدية جرمانا لا يمكنها شراء ضاغطات وتوظيف عمال دون الرجوع إلى محافظة ريف دمشق، حيث قامت البلدية بمراسلة المحافظة لوضعها بصورة الحدث، لكن لا حياة لمن تنادي! حيث لا يتم الرد على الكتب التي ترسل إلى المحافظة، مؤكدا أن المدينة تحتاج إلى 100 ضاغطة، وأكثر من 400 عامل نظافة جديد، كي يغطوا كل الأحياء فيها، وبعقود سنوية وليس لمدة 3 أشهر مؤقتة لا تجذب العمال، بسبب ضعف الراتب الشهري الذي لا يتجاوز 20 ألف ليرة سورية فقط.. إضافة إلى ذلك يبين المصدر في البلدية أن عدد الحاويات لا يتناسب مع الحجم الحقيقي لكمية القمامة المطلوب ترحيلها، فالقمامة خارج الحاويات يعادل أضعاف ما بداخلها، إضافة إلى أن المحافظة طالبت بعودة العمال المفرزين في جرمانا من مدن الغوطة، وبالتالي لن يبقى أحد للعمل في النظافة بجرمانا.5 عمال نظافة في جرمانا!رئيس بلدية جرمانا خلدون عفوف يرى أن الكثافة السكانية الكبيرة وتزايد سكان جرمانا خمسة أضعاف – من 300 ألف إلى مليون ونصف – خلال الأزمة السورية بحسب آخر إحصائية تقريبية قامت بها المحافظة، هو سبب ضعف وقلة الخدمات، وأن إمكانات تنظيف الشوارع وترحيل القمامة ضعيفة جدا وغير متناسبة مع عدد السكان، حيث يتم ترحيل 1000 طن قمامة يوميا من مدينة جرمانا، في حين أن مدينة دمشق كلها تنتج 3000 طن قمامة أي أن كمية القمامة التي تخرج من جرمانا تعادل ثلث كمية القمامة التي تخرج من دمشق.ويؤكد عفوف أن في دمشق مديرية خاصة بالنظافة لديها أسطول ضخم من آليات جمع ونقل القمامة، بينما في جرمانا 3 سيارات ضاغطة فقط و 31 عامل نظافة بمن فيهم السائقين الذين لا يمكن عدّهم عمال نظافة، وكذلك العمال الذين يعملون مع الضاغطة لا يمكن عدهم عمال نظافة، لأنهم لا يقومون بكنس الشوارع إضافة إلى 17 عاملا معوّق، وبالتالي يتبقى نحو 5 عمال فقط، وهؤلاء يمكن تسميتهم عمال النظافة في كامل المدينة.الايام
التاريخ - 2018-05-28 6:34 PM المشاهدات 1286

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا