شبكة سورية الحدث


بين حرم الجبلين ...والانتماء ...الجولان والريان

السويداء – معين حمد العماطوري يتربع الموقف السوري ماضياً وحاضراً على موروث انتمائي، مرتكزاً في التاريخ المعاصر على ثابت راسخ في التجذر بين الانتماء للمكان والمحافظة على الهوية والدفاع عن المبدأ، والتكوين المكون الثقافي الوطني النابع من العقل الجمعي الكلي، والفكر القيمي الأخلاقي، ورواسي صمود الواقع الجغرافي والمكاني بعمق الولاء للوطن...بحيث شكلت تلك الرؤية استحضار التاريخ وعناصره وجعله انموذجاً لواقع يحتاج لنخوتهم، وإرادة وعزيمة الحاضر بجيله المعاصر، وبثقافة واحدة ذات مرجعية متنوعة تعمل على الوحدة المتكاملة في وحدة التنوع.هناك مجموعة من الاسئلة تطرح هل ارتباط أهل الجولان بأرضهم والمحافظة على هويتهم، تكوين مكتسب أم غريزي؟وثقافة الارتباط والانتماء صفة مكتسبة أم مولودة بالفطرة؟والأهم حينما يكون الدين عامل وطني وأوامره ذات منعكس وطني، هل يصبح عامل تطور في بناء المجتمع أم يبقى متخلفاً في الايدلوجيا والتطبيق؟والحرم الديني هل يختلف بمفعوله وانعكاسه اجتماعياً وسياسياً بين مكان وآخر وأن تشابه بفكره ومصدره ومرجعه؟ أم ماذا؟لعل موقف الجولان السوري المحتل اليوم يدفعنا للحديث مطولاً عن ارتباط هؤلاء النشاما الأبطال في تاريخ وثقافة علم الجمهورية العربية السورية بصفة غريزية من الشاب والشيخ والمرأة والطفل، بحيث قدموا نموذجاً للعالم أن رجل الدين بثقافته يحمل سلاحاً فيه من القوة ما يستطيع أن يفشل مخططات الكيان الصهيوني وما يحمله من غطرسة الصهيوأمريكي، فارضاً ثبات الارتباط الوطني بعمق إيمانه وتجذره بنشيد وطني سوري خالد /حماة الديار عليكم سلام/... فهم من رفضوا ماضياً وحاضراً الهوية الاسرائيلية، والانتخابات، وهم من قدموا عمادة الأسرى في السجون الكيان المحتل "صدقي المقت" ورفاقه المناضلين الأبطال، وهم من حطموا سيارة الصهيوني الإرهابي بيريز الذي أراد فرض الهوية، وأعادوا بثباتهم وحطموا ناقلة عناصر النصرة من الإرهابين وتمسكوا بعروبتهم وهويتهم وسوريتهم... وفي جبل الريان لابد من استحضار للتاريخ حينما كانوا الثوار في القديم يهزجون من أجل الوطن ويقولون / بالروح نفدي وطنا/ يذهبون إلى الموت مؤمنين أنهم مشاريع شهادة من أجل الهوية والدفاع عن الأرض والعرض، واستطاعوا رجال الدين في الماضي أن يكونوا القدوة في الإيمان وساحة الحرب والقتال، وقرأنا في التاريخ معارك عديدة أبطالها كانوا أتقياء أنقياء، وانتزعوا من الليل الحالك النور الساطع، رامحين على الشمس، بروابط المحبة والإخاء والتواضع والنقاء، ناقلين مفهوم العقل الديني من حالته التقليدية الثابتة الى حالة الوطنية مشكلين ثقافة جمعية قيمية متنوعة قائمة بركائزها المتغيرة المحافظة على الأرض والعرض والانتماء، متسلحين بسلاح الأنجع والأبضع في الحياة الاجتماعية والسياسية والإنسانية هو الحرم الديني الذي يطلقه المرجع الحاذق الواثق، والمجتمع له طائعون دون إكراه ولا إجبار يقيناً ان قرار الحرم نابع من عقل رشيد ورأي سديد...إن الفطرة في الدفاع عن الأرض وحماية العرض دفعت المجتمع الأهلي أن يعيد إرادة النصر في وقت قريب بخوض معركة الثعلة ضد الإرهاب والإرهابيين، ودحر منظمة داعش الإرهابية في معارك الكرامة والشرف في الخامس والعشرين من تموز 2018 على ارض القرى الشرقية من جبل العرب، بعد أن تداعت النخوات وحداء المجد ورفع الكاهل عصيه وشاب بندقيته وحققت المرأة بإيمانها بطولات والأطفال ببراءتهم مشاهد مقاومة تجعل من تلك الاحداث امتداد بين الحاضر والماضي...وفي جولاننا العربي السوري المحتل رأينا موقفاً دينياً يحمل في مضمونه الانتماء الفطري للوطن بمكانه الجغرافي، والتمسك بالهوية السورية الوطنية، بوصفها دلالة الشخصية، والدفاع عن الموقف الثابت برفض الانتخابات الاسرائيلية جملة وتفصيلاً، والاستجابة للحرم الديني النابع من المرجعيات الدينية الوطنية الشريفة، المدافعة في تطبيقه كافة فئات المجتمع لا بل من كافة الفئات العمرية، ضاربة عرض الحائط قرارات الكيان الصهيوني وما يترتب عنه من اعتقالات واضطهاد وعقوبات وجرحى...وبالفعل شمخوا بجبل الشيخ المكلل بالبياض الرباني والمعمم بالبياض العقلاني الإنساني، ولأن إرادة موقف تحمل مصداقية المرجع الثابت....تحقق نصر الله والفتح...وباتوا مشاعل علم الجمهورية العربية السورية...وكتبوا اسم الوطن براية الحق وهم يرددون أهازيج الماضي بالحاضر /بالروح نفدي وطنا/...وعلى عتبة الواقع المرير لما يجري وبعد أن تراجعت المفاهيم والقيم في الدلالة والمضمون، وبين الفضاء الأرحب لجبلين يلتقيان في المبدأ والتاريخ والهدف والمصير، إذ في حرم الجولان استطاعوا أهلنا ان يسطروا ملاحم الفداء في كسر إرادة الكيان ويفشلوا مخططاته، والسؤال الذي يطرح هل الحرم في جبل الريان يستطيع أن يقضي على مظاهر التخلف والشواذ من أعمال الشغب والتخريب والسرقة وغيرها من الأفعال المخلة في التاريخ والانتماء من زبائنة الداخل؟... والاهم بالمشروع ما الفارق بين حرم جبل الريان والجولان في العقيدة أم بالمرجعية ؟...إن ما قدمه أهلنا في الجولان السوري المحتل يشكل ثقافة وطنية تتغنى بها الأجيال القادمة أنهم لم يكونوا في يوم إلا مدافعين مرابضين حماة الثغور، واثقين بحرمهم أنه السلاح الناجع في مواجهة الكيان الصهيوني رغم تبعيات الموقف...مشكلين حافزاً وطنياً ومشاعراً انتمائية وروابط إنسانية أن الدفاع عن الوطن إيمان عرفاني والمحافظة على الهوية صلاة مقدسة، والارتباط بسورية أم سمو وارتقاء روحي....بوركتم يا أهلنا في الجولان وبوركت مواقفكم ولابد للذاكرة الوطنية والسجل الوطني أن يكتب بحبره الذهبي أنكم رفضتم مطالب الكيان الصهيوني واسقطتم انتخاباتهم المزورة، وحققتم بحرمكم الديني الوطني أن حرم الجولان لحماية الأوطان.
التاريخ - 2018-10-31 12:00 AM المشاهدات 1757

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا