شبكة سورية الحدث


النقل البحري في سورية، مشكلات وعقبات؟

أمام تزايد لجوء الناقل البحري، إلى شروط الإعفاء من المسؤولية وحتى في حالة إهماله الشخصي بالإضافة إلى أخطاء تابعيه، كان لا بد من تدخل المشرّع لتأمين الحماية القانونية الإلزامية للطرف الضعيف في عقد النقل البحري وهو الشاحن ، وقد شاركه في هذه المطالبة كل من شركات التأمين والمصارف، نظراً للأضرار التي كانت تلحق بهم من جراء شروط الإعفاء من المسؤولية.وهذا ما دفع المجتمع الدولي إلى التدخل عبر معاهدة بروكســـل في 25/آب/ 1924، وقواعد ويسبي في 27/شباط/1968 ومن ثم قواعد هامبورغ في العام 1978، فما هي الطبيعة القانونية لمسؤولية الناقل البحري في ظل القوانين والمعاهدات الدولية؟إنّ مسؤولية الناقل البحري بموجب القواعد العامة للمسؤولية، هي مسؤولية تعاقدية أساسها الالتزام التعاقدي للناقل البحري بتحقيق نتيجة في إيصال البضائع إلى الميناء المقصود وتسليمها إلى المرسل إليه سليمة كاملة في الميعاد المتفق عليه. لذلك فإنه يكون مسؤولاً عن أي هلاك أو تلف أو نقصان أو تأخير في تسليم البضائع. ولا يمكن للناقل البحري أن يدفع عنه هذه المسؤولية إلا بإثباته أن سبب عدم قيامه بتنفيذ التزاماته إنما يعود إلى سبب أجنبي، لا يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطأ الشاحن أو العيب في البضاعة(الفقرة1من المادة212 من القانون المدني السوري).في حين توسّع المشّرع السوري في ضمان مسؤولية الناقل عن هلاك البضائع وتلفها(خلافا ًللمادة 4 من قواعد هامبورغ لعام1978) لتشمل الهلاك أو التلف خلال المدة الواقعة بين تسلم الناقل البضائع في مرفأ الشحن وبين قيامه في مرفأ التفريغ بتسليمها إلى صاحب الحق في تسلمها أو إيداعها لدى حارس قضائي في حال عدم حضور صاحب الحق في تسلم البضائع(الفقرة1من المادة240من قانون التجارة البحرية السوري). كذلك فقد حمّلت المادة (56) من قانون الجمارك رقم (38) لعام 2006، كلا ًمن ربان الســـــفينة والناقل والوكيل البحري، المسؤولية عن النقص في القطع أو الطرود أو في محتوياتها أو في مقدار البضائـع المنفرطة إلىحين استلام البضائع في المخازن الجمركية أو في المستودعات أو من قبل أصحابها عندمايُسمح لهم.وقد حدّدت المادة (79) من قانون الجمارك المسؤولية، على النحو التالي:1- إذا كانت الطرود قد أدخلت المخازن الجمركية أو المستودعات بحالة ظاهرية سليمةيتأكد معها حدوث النقص في بلد المصدر قبل الشحن تنتفي المسؤولية. 2- إذا كانتالطرود الداخلة إلى المخازن الجمركية أو المستودعات بحالة ظاهرية غير سليمة ، وجبعلى الهيئة المستثمرة لهذه المخازن الجمركية أو المستودعات أن تقوم مع دائرةالجمارك والشركة الناقلة بإثبات هذه الحالة في محضر الاستلام والتحقق من وزنهاومحتوياتها وعلـى الهيئة المستثمرة أن تتخذ التدابير اللازمة لسلامة حفظها .ويكون الناقل مسؤولاً ما لم يبرز مستندات ثابتة الدلالة على أنه تسلم الطرودومحتوياتها على النحو الذي شوهدت عليه عند إدخالها المخازن أو المستودعات. 3- إذا أدخلت الطرود بحالة ظاهرية سليمة ثم أصبحت موضع شبهة بعد إدخالها المخازن أوالمستودعات فتكون الهيئة المستثمرة في حال التحقق من وجود نقص أو تبديل مسؤولة عنذلك.إنّ المشّـــرع الســـــوري قد كبّل الناقل البحري وأثقله بالقواعد القانونية التي تجعل منه مذنبا ًفي معظم الأحوال، وذلك من خلال نصوص ومواد قانون التجارة البحري وقانون الجمارك، في حين حاولت معظم التشريعات العالمية إعفاءهُ من المسؤولية ضمن شروط تحمي من خلالها الطرف الضعيف في عقد النقل البحري وهو الشاحن و تؤمن للمرسل إليه حقه في وصول بضائع سليمة دون ضرر، فكيف تمكن المشّرع الغربي من تشكيل تلك المعادلة التي أصبح جميع الأطراف بموجبها متعادلين؟اعتمد المشّرع على حسن نية الناقل أولا ً، وإلى رقابة السلطات الجمركية في مرفأ الشحن، بحيث طلب من الشاحن نقل بضائعه ومراقبة تحميلها ضمن عنابر السفينة ليتأكد من سلامتها خلال هذه المرحلة، ومن ثم طلب إلى الناقل إغلاق تلك العنابر إغلاقا ً محكما ً بحيث يتم التأكد من إغلاق طبات العنابر بحضور عناصر من إدارة الجمارك وتجربة رشها بخراطيم المياه للتأكد من عدم تسرب المياه إلى داخلها، فإذا تحققت الجمارك من ذلك، طلبوا إليه إقفال العنابر برصاص له رقم يدون في وثيقة تصدرها الجمارك، وبحيث تنتفي مسؤولية الناقل عن أي نقص أو تعيب يصيب البضاعة خلال الرحلة البحرية، فيما إذا وصلت السفينة إلى مرفأ التفريغ وكانت عنابرها مغلقة وبذات الرصاص، لنكون أمام وضع مشابه لوضع الحاويات التي تصل إلى مرفأ التفريغ سالمة الرصاص و بالتالي تنتفي مسؤولية الناقل عن النقص أو الزيادة أو التلف أو التعيب الحاصل للبضاعة الموجودة داخلها.فهل أنصفنا الناقل البحري، أم نحتاج إلى التشريع الذي يحقق المساواة لأطراف عقد النقل البحري؟ إنّ المشّرع المصري وضع القاعدة القانونية التي تحقق تلك المعادلة، فجاء في المادة (38) من قانون الجمارك المصري :" تنتفي المسئولية عن مخالفة الحكم الوارد فى المادة(37) من هذا القانون في الأحوال الآتية: 1- إذا كانت البضائع أو الطرود الناقصة لم تشحن أصلا من ميناء الشحن 2- إذا شحنت البضائع أو الطرود إلا أنها لم تفرغ في البلاد أو فرغت خارجها 3- إذا كانت عنابر السفينة أختامها سليمة أو وردت الحاويات بأختام سليمة وأرقامها مطابقة لما هو مدون ببوليصة الشحن ،أو سلمت الطرود بحالة ظاهرية سليمة يرجح معها حدوث النقص قبل الشحن . ويتعين أن يكون تبرير النقص في الحالتين المنصوص عليهما في البنود الثلاثة السابقة وفقا للقواعد والشروط التي تنظمها اللائحة التنفيذية لهذا القانون .".و حتى لا نفرط بتاريخ أجدادنا الفينيقيين والكنعانيين، وحتى نجلب أكبر عدد ممكن من الناقلين وأصحاب السفن إلى الموانئ السورية، ينبغي علينا النظر إلى قوانيننا البحرية ومقارنتها مع نظرائها في الدول المجاورة والدول التي سبقتنا في تطويرها، لأن تطور عمليات النقل البحري كان منذ الأزل سببا ً في تطور الشعوب والحضارات التي عملت على ذلك .المحامي سليم السابق
التاريخ - 2018-12-01 11:28 AM المشاهدات 1484

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا