شبكة سورية الحدث


فراغ بقلم الكاتبة رهام سكاف

فراغ بقلم الكاتبة رهام سكاف

الآن وبينما البدرُ يحتلُ عرشَ السماء، والليلُ يأتي بنسمةٍ باردةٍ تنعشني، أشعرُ وكأنني بألفِ رأسٍ وكلُّ رأسٍ يناقشُ ألفَ قضيةٍ .. لأجدَ نفسي فجأةً أكتبُ دونَ إدراكِ ماهيةِ ما أكتبْ، لكنني ببساطةٍ أحاولُ النجاة بالطريقةِ المعتمدةِ لديّ منذ زمنٍ ..

...
فراغ ...

فراغ ...

 ...

وفراغ ..

...

بعدَ ساعاتٍ من المحاولة أجدُ ما من شيء يعكرُ بياضَ صفحتي سوى الفراغ .. وبعض الخربشات ...
فلمَ ؟
لمَ العجز أمام الكم الهائل من الكلمات المتثائبة داخلي ؟
لمَ العجز والعناوين واضحة أمامي وضوح الألم فينا ؟
أهو الخوفُ أم الخجلُ ؟
أتراها الحيرةُ ؟

وإذا بدأتُ بماذا أبدأ ... بوطني 
بسنواتِ حربٍ ما أنجبتْ إلا الدمارَ والدماء والظلمَ والظلام ؟

بوطني 
وبعدَ أعوامٍ منَ الصراعِ للبقاء، ها هو الأن يستهينُ بوباءٍ دمرّ الألاف ؟

بوطني 
وهذا التناقصُ اللامنطقي برغبةِ الحياة من جهةٍ واليأسِ منها بالجهة المقابلة ؟

حينَ قتلّني اللامعقول قررتُ تركَ وطني باكياً على قارعةِ الطريقِ واتجهتُ للعالمٍ من حولي حيثُ بيروت تتألمُ ... فقررتُ كتابتها ..
وسألتُ نفسي أكتبُ بيروت ( ست الدنيا )، أم لبنان ككل ! 
أم ببساطةٍ أكتبُ أحبّةً أسعدتني نجاتهم ليلةَ أمس ( حيثُ أن الأوطان تقاس بأحبتنا فيها .. ف آهٍ يا وطني يا لبنان )

وإنْ تركتُ الأمسَ بحالهِ واتجهتُ لهذهِ الليلة بالذات فهل أكتب حريقَ الأمارات !!
( ليلة كالأمس ببطل جديد ... بجرحٍ جديد )

أم أختصرُ آلامَ العرب بالعودةِ لجرحٍ ماضٍ ... بالعودة لفلسطين المنسية والمنكوبة - منذ زمن ونيف - في صدورِنا ...

...

هكذا هي حالتي ... حيرةٌ تنجبٌ حيرة ... 
فأختصرتُ أوجاع البشرية جمعاء بالكتابةٍ عن طفلٍ ينامُ دون حذاءٍ أمامَ عتبةِ محلٍ للأحذية الأوربية - حيث أن الأحذية الوطنية لم تعدّ مرغوبة منذ زمن -  ..!!
وكتبتُ حمامةَ سلامٍ قُتِلتْ صدفةً بيدٍ رجلٍ اتخذ الصيدَ تسليةً له ... وكأن دماءَ البشرِ من حولنا لم تعدّ كافية !!! 
كتبتُ حلمي بإيجاد وظيفةٍ تليق بشهادتي الجامعة ( يا لسذاجتي !! )
كتبتُ رغبتي بشراءِ هديةٍ صغيرةٍ لأمي ... إلا أن الغلاء دمرّ الرغبة والهدية ...

كتبتُ ..
وكتبتُ ...
وكتبتُ ...
وأخيرا مزقتُ دون شفقةٍ ما كتبتْ ... وبكيت 
بكيتُ بحرقةٍ الألمَ المتجدد فينا منذُ أعوامِ 
بكيتُ ألاف الشهداء، شهداء وطني وكأنني أعرفهم شهيدا شهيد ... 

ف وأسفاه .. أيُّ زمنٍ هذا الذي نحيا ... !!!
أي زمن !!!

#رهام_سكاف  

5 _ 8 _ 2020
23 : 45

التاريخ - 2020-09-01 2:24 AM المشاهدات 1338

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: لبنان هدية الرغبة
الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم