شبكة سورية الحدث


ذاكرة الثورة من كوثر الحياة إلى جمال الأدب

ذاكرة الثورة من كوثر الحياة إلى جمال الأدب


سورية الحدث الإخبارية _  السويداء- معين حمد العماطوري 

 
نال العمل التاريخي التوثيقي /ذاكرة الثورة/ بجزأين الذي أعده الباحث المهندس "سميح متعب الجباعي" اهتماماً ملحوظاً لدى المتلقي الحصيف، إذ يعتبر التوثيق عملاً إبداعياً يحمل بين طياته لغة أدبية تأريخية ووثائق واقعية تقترب من قلوب وعقول المجتمع وأفراده بعيداً عن الفئوية والمحلية والنزاعات النرجسية التي تفقد أي عمل رونقه وجماله، ولكتاب /ذاكرة الثورة/ قيمة مضافة بين دفتيه حقائق ووقائع ووثائق ذات مصداقية ووثوق بمرجعياتها العلمية، والأهم وضوح الرؤية في عمل الباحث وجهده بالتعب والتنقيب والمقارنة والمقاربة بين أروقة التاريخ ماضياً وحاضراً، وصعوبة الحصول على المعلومة الموثقة أصولاً، كي تدون في صفحات منجز بحثي، الأمر الذي احتاج لسنين طوال في القراءة والإصرار والإرادة وتذليل العديد من صعوبات في الطريق الوعر والوصول إلى القناعة البحثية لباحث أراد أن يكتب التاريخ الناصع للأجيال مدوناً أهم الأحداث التي جرت خلال حقبة زمنية محددة، هي قصيرة بعمر الزمن ولكنها مليئة بالمعلومات الثرة، ولان العمل الجمالي سواء أن كان فناً أم إبداعاً أم تاريخا فهو يخضع إلى الذائقة الإبداعية المانحة عطر ياسمينها عالم الوجود الإنساني، وربما ما ينتزع من الآخر الإعجاب والتعبير بالوصف والانزياح بدلالات متنوعة ووحدة متكاملة في الوصول إلى قناعة إنسانية واجتماعية، تنتزع الوصف الجمالي باقتناص الحيز التفكيري من المتلقي، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بعد إثبات معاناة كاتب استطاع الدمج بين العلوم التطبيقية والتجريبية وبين اللغة البحثية القائمة على المعلومات والمصادر والمراجع ذي المصداقية، وهذا ما جعل الباحثة الدكتورة كوثر العمري من المملكة الأردنية الهاشمية، أن تحمل قلماً دون التفكير في النزوع الفردي بل الشعور بالحالة القومية والوطنية الانتمائية إلى دماء العرب الأقحاح لتعبر بين حالة الوعي الفكري والعلمي واللاوعي الإبداعي، بعد أن نال العمل منها أهات اليقين بجمال العمل وثماره اليانعة في وضع علامات فارقة في التاريخ المعاصر وتصحيح مسارات عبر المدونات والمصفوفات العلمية والمعلوماتية لتقف على حقائق شكلت لها وحدة التنوع بكلمات عنونت ما أرادت التعبير عنه، وللأمانة آثرنا تدوين ما باحت بحروف كلماتها قائلة: 
سطور في كتاب ذاكرة الثورة
فائزون لم يحظًوا بالكؤوس، وأبطال لم تزين صدورهم الميداليات الذهبية، أُمراؤهم خدمٌ للقضية الكبرى، وأفرادهم طيور الأبابيل، يرمون أعداءهم لينتزعوا من بين مخالبه أرضهم وحقوقهم المُغتَصبة، فتراهم ينهزمون حينًا وينتصرون أحيانًا، ويُقتَلون زمنًا ويَقتُلون أزمانًا، ولم يكن فرُّهم إلا تمهيدًا لكرٍّ جديد، وإن سألتَ: "أنّى لهم هذا؟" فاعلم أنهم أخذوا من "خالد" حِنكتَه، ومن "عمر" شجاعته، ومن "أبي بكر" رحمته، ومن القرآن العظيم شِرعةً ومنهاجًا، فهم جمعٌ اعتصم بحبل الله!
في ذاكرة الثورة السورية أخبار لا يلوثها الغبار، ولا يطفئ بريقها قِدَم ولا زمن، وقصص شامخة لا يثني شموخها أساطير أو شائعات، كل تفصيل فيها يحمل الفخر مع ما يصحبُه من ألم، ويحمل الفرح مع ما يسبقه من حزن، لتعلم في النهاية أن ثمن الحرية شهداء مخضَّبون بالدماء.
في هذا الكتاب تتوالى السطور لتؤرِّخ للثورة السورية الكبرى أحداثها، وتكشف بعض خفاياها التي ضاعت في متاهات الكلام، لتعيد ترتيب الزمن، وتعطي كل ساعة حقها من المشاعر، وكل مكان روحه ولَونه، وكل شخص موضعه الذي يستحق.. فما إن تبدأ القراءة حتى تستدرجك الحروف إلى التي تليها، فتغرق في الأحداث وتعيش فيها؛ فتسمع صوت البنادق وهدير المدافع، وترى رمال الصحراء والسهول المُعشبة، وتشعر برجفة البرد وحرارة الشمس، ويأخذك الحماس لنداء الثوار: "الله أكبر"،(الدين لله والوطن للجميع ) وكلما رأيت جثث الفرنسيين تقول: "لعن الله الظالمين".. وهكذا، يسرقك الزمن حتى تنتهي، فتشتعل فيك الرغبة لأن تقلِّد الضباط الفرنسيين في موقف واحد فقط؛ فتقف لتؤدي لهؤلاء الأبطال تحيَّتك العسكرية!......الأردن الدكتورة: كوثر العمري...
لعل السؤال الهام والذي يفرض نفسه إذا كانت الباحثة الدكتور العمري قد اختزلت ما أرادت في تكثيف لغوي وجمل لها في المضمر الثقافي والأدبي أبعاداً متنوعة ذات الجمال الواقعي والمتخيل معاً وانزياح متعدد في بحر الأدب، كيف لنا لو تم تدوين العمل وفق مراحله الزمنية بشكل منهجي موثق، فهو جدير حقاً بالمتابعة في معرفة كمون هذا العمل الهام للقادم من السنين.

التاريخ - 2021-05-17 5:14 PM المشاهدات 1855

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا