شبكة سورية الحدث


الملك وهواجس جبهتي الرياض.. ودمشق!

خليل حرب ـ سورية الحدث" لا تكفّ المملكة السعودية عن إطلاق المفاجأة تلو الاخرى وفي فترة زمنية قصيرة. الاوامر الملكية التي اعلنها الملك عبدالله بن عبد العزيز امس، لم يسبق لها مثيل في اتساعها ومراميها منذ توليه الحكم قبل نحو عشرة اعوام، اذ طالت العديد من المناصب السياسية والعسكرية... والعائلية. وإذا كان عبدالله بن عبد العزيز بسلسلة الأوامر الملكية التي اعلنها، قد عزز تقدم ابنائه في المشهد السعودي، من خلال تعيين نجله الامير تركي أميراً لمنطقة الرياض، في خطوة يقول مراقبون إنها قد تثير بلبلة في صفوف العائلة الحاكمة، فإنه في الوقت ذاته استكمل التخلص من الارث «البندري» باخراج الامير سلمان بن سلطان، الاخ غير الشقيق للامير المخلوع بندر بن سلطان، من منصبه كنائب لوزير الدفاع، بعد شهر واحد فقط على إبعاد بندر نفسه من منصب رئيس الاستخبارات. وبينما يقول مصدر خليجي مطلع لـ«السفير» إن قرارات الملك السعودي تندرج في جانب منها، في سياق اعادة ترتيب البيت الداخلي المضطرب، خصوصاً في ما يتعلق بأبنائه، فانها في جوانبها الاخرى، تشكل مفاجآت سعودية مدوية، خصوصاً على الصعيد العسكري، من خلال التعديلات في رئاسة الاركان العامة وقيادة القوات الجوية والبحرية. وكان من اللافت ان هذه التعديلات العسكرية جاءت بعد نحو اسبوعين على الاعلان عن اختتام المناورات العسكرية الأكبر من جانب القوات المسلحة السعودية، في حين صدرت اوامر الملك بالتزامن مع الزيارة المطولة نسبياً التي قام بها وزير الدفاع الاميركي تشاك هايغل الى المملكة. ويتساءل مراقبون عما اذا كانت هناك سوابق لإجراء تغييرات واسعة في القيادات العسكرية في دولة ما مع وجود وزير دفاع دولة كبرى كالولايات المتحدة، خصوصاً انه كان يشارك في اجتماع مع وزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي في مدينة جدة. لكن مفاجأة الملك السعودي ليست داخلية بحتة. إبعاد الامير سلمان، نجل ولي العهد الاسبق الراحل الامير سلطان (وهو من السديريين السبعة)، عن منصبه الحساس كنائب لوزير الدفاع، يعني ايضاً في ما يعنيه إقليمياً، إبعاده عن ملف الحرب السورية التي كان مكلفاً به من مقره في غرفة العمليات السعودية في المملكة الأردنية، بعد شهر فقط على ابعاد الامير بندر بن سلطان رسمياً عن منصبه في الاستخبارات، وهو اقصاء كان بدأ قبلها بشهور قليلة بنقل مسؤوليات الملف السوري الى وزير الداخلية الامير محمد بن نايف، بعدما تبين للمملكة ان «الارهاب» في سوريا، يتحول، ربما بفضل السياسات «البندرية» المنفلتة، الى مشكلة سعودية داخلية قد لا يمكن التحكم بها. لم يأت بديل حتى الآن للامير بندر بن سلطان في قيادة الاستخبارات السعودية، ومازال يوسف بن علي الادريسي يدير الجهاز كمرحلة انتقالية منذ شهر. لكن المؤكد بحسب مراقبين ان الفشل الذي ضرب غرفة العمليات العسكرية السعودية على الاراضي الاردنية، ساهم في التعجيل ايضاً في نهاية أخيه غير الشقيق الامير سلمان بن سلطان، حيث يبدو ان مئات ملايين الدولارات التي أنفقها على فصائل مسلحي المعارضة السورية، خصوصاً في الجنوب السوري، لم تؤت أكلها، وتلقت ضربتها القوية في الهجوم الشامل على الغوطة الشرقية في اواخر العام 2013، حيث يمكن ان تسجل نهاية طموح الامير سلمان بن سلطان، على اراضي العتيبة الاستراتيجية التي منع الجيش السوري و«حزب الله» سقوطها، وعززا بذلك حماية العاصمة السورية ومطارها. «تعديل موازين القوى». كانت هذه هي العبارة السحرية الغربية طوال العام الماضي وبدايات العام 2014. وكان الاخوان بندر وسلمان يعرفان أن كلمة السر هذه تقتضي منهما تعديل موازين القوى على الارض، والتي كان واضحاً انها لم تعد تميل الى مصلحة عشرات الفصائل المسلحة الممولة سعودياً وغربياً، على امل فرض تنازلات سياسية على النظام خلال مفاوضات الربيع الماضي في «جنيف 2». وكان الامير سلمان يسير على خطى أخيه الاكبر بندر الذي، بعد سنوات العسل الطويلة مع الاميركيين، أثار حنقهم في شهوره الاخيرة. فهو حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية من كلية الملك عبدالعزيز الحربية، وعيّن بعدها ملازماً في قوات الدفاع الجوي في وزارة الدفاع والطيران، ثم عمل قائداً لفصيل في مجموعة الدفاع الجوي الرابعة في قاعدة خميس مشيط، قبل أن يلتحق بالسفارة السعودية في واشنطن كملحق عسكري، ثم يعين في مجلس الأمن الوطني مساعداً للأمين العام لمجلس الشؤون الأمنية والاستخباراتية. ويقول مراقبون إن إبعاد سلمان بن سلطان (بعد إقصاء بندر)، يثير تساؤلات عما اذا كانت السعودية في صدد إجراء تحول جذري في سياستها السورية ام انها ستعمد فقط الى ادخال تعديلات تأخذ بالاعتبار المتطلبات الامنية المتزايدة للمملكة القلقة من انتشار نيران الاضطرابات حولها، وتأخذ ايضاً بالاعتبار المصالح الاميركية المستجدة والتي عبر عنها قرار السعودية بإصدار لوائح الارهاب التي تطال فيمن تطال، تنظيمات ارهابية في سوريا، قبل الزيارة الحاسمة للرئيس الاميركي باراك اوباما الى الرياض في آذار الماضي. ومهما يكن فإن المفاجآت السعودية لم تقتصر على ذلك. بالامس اعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل فجأة «انفتاحاً» للحوار مع ايران. الملك السعودي اقدم على خطوة مهمة في نهاية آذار الماضي عندما اعلن تعيين نجله الامير مقرن ولياً لولي العهد. وبذلك اصبح ابناؤه في مواقع مهمة في هيكلية السلطة. فالآن جرى تعيين الامير تركي اميراً على الرياض بمرتبة وزير، وهي خطوة قد لا يتقبلها كثيرون بالنظر الى صغر سنه نسبياً (43 سنة). وكان الملك قد عين نجله الآخر مشعل أميراً على مكة قبل شهور عدة. والى جانبهم، يتولى نجل الملك الامير متعب رئاسة الحرس الوطني برتبة وزير ايضاً. كما يتولى نجله الآخر عبد العزيز بن عبدالله منصب نائب وزير الخارجية، وهو يُعرف بديبلوماسيته الهادئة وانفتاحه الاقليمي، ويعتبر كثيرون أنه المرشح الاوفر حظاً لتولى منصب وزير الخارجية خلفاً لسعود الفيصل. السفير
التاريخ - 2014-05-16 11:32 AM المشاهدات 1372

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا