شبكة سورية الحدث


الطوفان الفاضح ـ بقلم: محمود موسى مصطفى

الطوفان الفاضح ـ بقلم: محمود موسى مصطفى

سورية الحدث _ خاص 

اهتزت موازين القوى العالمية السياسية والاقتصادية والعسكرية وأصبحت قضية فلسطين والتي هي محور الصراع العربي ـ الصهيوني في الواجهة وعلى طاولة المحافل الدولية، بعد عملية طوفان الأقصى المباركة في يوم السابع من تشرين الأول من العام الجاري ٢٠٢٣م.
 لقد فضحت عملية طوفان الأقصى ضعف قدرة وبنية الكيان الصهيوني الهشة وخاصة في مؤسسته العسكرية، والتي تعتبر جيشها من أقوى جيوش المنطقة والعالم "الجيش الذي لا يقهر" بقوته وجبروته عدة وعتاداً، وذلك بعد أن تعرض الكيان الصهيوني لمجموعة إخفاقات تبدأ بالجانب الأمني والاستخباراتي ثم العسكري والسياسي والاقتصادي وانهيار أجهزة الدولة والمجتمع الصهيوني، ومع انعدام الأمن والأمن وحالة الرعب والفزع التي يعيشها الكيان الصهيوني هذه الأيام سحبت أكثر الدول بعثاتها الدبلوماسية ورعاياها من عاصمة الكيان الصهيوني، وبدأ قرابة أكثر من نصف مليون صهيوني بالهرب إلى الدول التي جاءوا منها بعد التسهيلات التي قدمتها تلك الدول لهم من ناحية إلغاء تأشيرة الدخول لأراضيها.
لقد فضحت عملية طوفان الأقصى النظريات التي وضعها الآباء المؤسسون لدولة الكيان الصهيوني ومنهم: ديفيد بن غوريون وحاييم وايزمان وايهو ماخيس وموشيه شاريت وغيرهم بعد أكثر من سبعين عاماً، فنظرية التفوق الأمني والعسكري للكيان الصهيوني على الدول العربية والمنطقة فشلت، ونظرية تزاوج الهوية العلمانية مع الدينية فشلت أيضاً، فاليهود المتدينون يتملصون من الصهيونية هذه الأيام وهم بالأصل يعتبرونها حركة من مجموعة كفار ولا تتوافق مع ديانتهم فالصراع  الداخلي في ذروته، ونظرية النزعة القومية الصهيونية والتي حاول قادة الكيان الصهيوني تفاديها واللعب على شعاراتها من خلال تجميع قوميات مختلفة تحت القومية الصهيونية فشلت أيضاً، وأما التطبيع الذي كان يعول عليه الكيان الصهيوني بمساعدة وضغط الولايات المتحدة الأمريكية على الأنظمة العربية، فهو مختصر على مجموعة صغيرة من العملاء والخونة والأنظمة الرجعية العميلة التي ستتلاشى مع الزمن.
الطوفان الفاضح، فضح كل أكاذيب أيديولوجية الحركة الصهيونية منذ تأسيسها حتى يومنا هذا، حيث تكونت القناعة الراسخة لدى كل مستوطن يهودي وصهيوني ومسيحي متصهين في داخل فلسطين المحتلة وخارجها، بأن أرض فلسطين لها أصحابها الأصليين وليست أرضاً بلا شعب كما روجت لها الدعاية الصهيونية، ولا مستقبل لهم فيها، وأرض الميعاد والهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى وأساطير أخرى وردت في كتبهم القديمة، ما هي إلا مجموعة أكاذيب ابتدعتها الحركة الصهيونية العالمية.
الطوفان الفاضح للوبي المسيحي المتطرف في أوروبا، والذي ساهم في تشكيل الحركة الصهيونية العالمية من بدايتها في مؤتمر بازل بسويسرا عام ١٨٩٧م، بزعامة تيودوز هرتسل ورعاها ودعمها بمشروع رئيس الوزراء البريطاني السابق من حزب المحافظين هنري كامبل بنرمان المنبثق عن مؤتمر 1907م، وما تبعه من مخططات ومشاريع استعمارية وصهيونية، والتي كانت نتيجتها ارتكاب آلاف المجازر وسقوط الملايين من الضحايا والشهداء العرب والمسلمين هذا من جهة، ومن جهة أخرى مازال اللوبي المسيحي المتصهين يدفع بالمزيد من الجرائم والمجازر في فلسطين المحتلة، على أمل أن تراق دماء الملايين من سكان الأمة العربية، ليظهر بعدها المسيح المنتظر ويقود العالم  للسلام، هذا حسب معتقداتهم الدينية المتطرفة والتي يتبناها الأكثرية من زعماء الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد سقطت الأقنعة عن وجوه الحكومات الأوروبية التي كانت تتشدق بالحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان، واليوم تمارس أنظمتها أبشع أشكال القمع والعنف ضد المظاهرات المؤيدة لغزة، والتي تدين العمليات الإجرامية الصهيونية وممارسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وترحيله من أرضه، وتدمير البنية التحتية، اليوم قادة الدول الأوروبية هم شركاء بالمجازر في فلسطين المحتلة والمنطقة العربية، بعد أن حشدوا أساطيلهم البحرية والجوية في البحر المتوسط مقابل سواحل فلسطين المحتلة وفي البحر الأحمر دعماً للكيان الصهيوني الغاصب والمتغطرس، ولكن عملية طوفان الأقصى والحرب الحالية أسقطت كل المشاريع الأوروبية ـ الصهيونية منذ بدايتها حتى يومنا هذا، ومع نهاية الكيان الصهيوني ستنتهي أوروبا الاستعمارية إلى الأبد.
الطوفان الفاضح اسقط القناع عن وجوه بعض قادة التنظيمات الفلسطينية التي كانت تتاجر بدماء الشعب الفلسطيني وتدعي التحرير والمقاومة، ولا يمكن أن ننسى أصحاب الوصاية على بيت المقدس من الدول العربية والإسلامية، وتصريحاتهم وخطاباتهم الحماسية على وسائل الإعلام وفي الخفاء يدعمون الكيان الصهيوني بفتح مجالهم الجوي وأراضيهم وتعمل مصانعهم على تقدم السلاح والعتاد للعدو الصهيوني، وتشاركهم بذلك بعض الأنظمة العربية الرجعية التي لها مصالح اقتصادية ومخططات ومشاريع مستقبلية مع حكومة الكيان الصهيوني بالإضافة لشخصيات سياسية ودبلوماسية.

يدور الحديث والحوار اليوم في أروقة المحافل الدولية عن حل الدولتين، والذي نسف مشروعه قادة العدو الصهيوني من بدايته، ويروج له البيت الأبيض والعواصم الغربية بعد الهزيمة العسكرية والنفسية التي ألمت بهم جميعاً وبمشاركة قوات المارينز دلتا وقوات من جيوش الدول الغربية في القتال مع جيش العدو الصهيوني ضد المقاومة العربية في فلسطين. 
أما اليوم الوضع الفلسطيني مختلف عما كان عليه سابقاً، فإن زمام المبادرة واستنزاف القوة العسكرية لدى العدو وجره إلى ساحة القتال في غزة وإدارة العمليات القتالية بيد المقاومة العربية وهي تتحكم بإستراتيجية عسكرية فريد من نوعها بالقتال داخل فلسطين المحتلة وخارجها، فالنصر قريب بإذن الله تعالى، والدعم الشعبي العربي والدولي تتصاعد وتيرته دعماً لشعب الفلسطيني والقضية العربية العادلة، وهناك جبهات جديدة داخل فلسطين وخارجها على فوهة بركان قد تشتعل في أي لحظة وتدخل الحرب ضد العدو الصهيوني وحلفاءه بالمنطقة العربية، لذلك لم يعد مقبولاً الحديث عن حل الدولتين حيث  أصبح هذا الحل لا طعم له ولا رائحة، بعد أن قدم الشعب العربي الفلسطيني والشعوب العربية كل هذه التضحيات، وزوال العدو الصهيوني ورحيله من جميع الأراضي العربية المحتلة أصبح أمراً واقعياً وليس خيالياً، فالصراع العربي ـ الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود، وفلسطين حدودها معروفة من البحر إلى النهر حقيقة لا يمكن نكرانها ولا يمكن أن يغيرها الزمن.
كاتب وباحث سوري

التاريخ - 2023-11-12 8:28 PM المشاهدات 3227

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا