شبكة سورية الحدث


اللواء سليمان: دعوت إلى العمليات الاستشهادية بسبب؟

اللواء سليمان: لهذا دعوت إلى العمليات الاستشهاديةقال السفير السوري اللواء بهجت سليمان أنه لا زال يصر على رأيه في الدعوة إلى عمليات استشهادية ضد المسلحين، مضيفاً أن سبب الحرب الحالية هو أن سورية رفضت أن يرتفع العلم الإسرائيلي في دمشق، وأن تضع سفارة في فلسطين المحتلة. فيما يلي كامل الحوار الذي أجراه اللواء سليمان مع قناة "سما"س ١: سعادة السفير هل تعتقد بأن الأحداث في سورية وصلت إلى مرحلة لاعودة فيها، لا رجعة فيها إل الماضي؟.ج: مياه النهر لا تجري مرتين، بل تجري مرة واحدة، وإ ذا كان هناك عودة إلى الماضي، فالمقصود بالعودة هو الحفاظ على وحدة الوطن، الحفاظ على الخط التقدمي للوطن، الحفاظ على نهج المقاومة والممانعة، الحفاظ على عروبة الوطن، الحفاظ على أن تبقى فلسطين هي البوصلة لكي لا نضيّع الهدف، ولا نضيّع السمت، ولا نضيع الاتجاه، فهذا ما سنحافظ عليه.. لكن بعد كل حرب في العالم تعود الأمور بأفضل مما كانت عليه قبل الحرب، على عكس ما يعتقد الكثيرون، لماذا؟ لأن الحروب تجارب مستفادة، رغم الخراب والدمار والقتل والموت الذي يحدث، وتجارب التاريخ ماثلة أمامنا في ذلك، فالاتحاد السوفيتي العظيم في ذلك الحين، قُتِل منه أثناء الحرب ثلاثون مليون إنسان من الجيش والمدنيين، وكان هذا العدد يعادل خمس أو سدس الاتحاد السوفيتي، لكنه خرج بعد الحرب الدولة الثانية في العالم، وقف نداً بند مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكان شريكاً في قيادة وإدارة العالم... ولذلك أنا واثق بأنّ سورية لا بل ستخرج سورية الأسد بعد هذه الحرب بأفضل مما كانت عليه قبل الحرب، رغم الأثمان والتضحيات الكبرى التي دفعناها وسندفعها.س ٢: هنالك مَن يقول بأنّ القرار لم يعد سورياً بامتياز، فالقرار هو دولي، وبجزئه الذي يخص سورية، هو إيراني وروسي؟. ج: فليقولوا ما يريدون، فليس المهم ما يقال بل المهم ماذا يجري على أرض الواقع، نحن لم نكن ولن نكون يوماً كما هم الآخرون، لأن الآخرين في المنطقة – عربياً وإقليمياً – تدار سياساتهم من الخارج، تُدار سياساتهم من البيت الأبيض، تدار سياساتهم من لدن العم سام، لكننا أيام الصداقة مع الاتحاد السوفيتي، كانت سياستنا تصنع في دمشق، والفرق بيننا وبين الآخرين، بأنهم تابعون وأننا مستقلون، لأننا مستقلون في قرارنا، شنّت الحرب علينا، أمّا بأن يقال بأن الصديق يصادر قرارك، فهذا الكلام ليس المقصود منه الصديق، بل نحن المقصودون منه، فالمقصود هو إبعادنا عن هذا الصديق وإبعاده عنّا، لكي يجري الاستفراد بنا، ولكي نخوض الحرب وحيدين في مواجهة هذا العالم الذي يشنّ هذه الحرب علينا، والغاية الأساسية هي أن نصل إلى مرحلة الاستسلام والخنوع لما يُراد منّا منذ بداية الحرب.س ٣: ماذا لو كان ذلك؟ أي ماذا لو لم تكن إيران بهذا الموقف، أو لم تكن روسيا بهذا الموقف؟ كيف ستكون جرت الأحداث في سورية؟.ج: في اللغة العربية هناك (لو) وهناك (لولا) فلولا هي حرف امتناع لوجود، بينما ( لو ) هي حرف امتناع لامتناع، لذا لا نقول أو( لولا ) في السياسة، وهذه اللولا ايضاً لا داعي لها، فالمهم هو الواقع، والواقع الآن هو وجود روسيا وإيران، فلماذا سنفترض فرضيات لا وجود لها.س ٤: إن سؤالي هذا متصل بسؤالي الأول بأن الموقف السوري لم يعد موقفاً سورياً بامتياز، بل أصبح هناك دلالات أخرى تعبّر عنها إيران وروسيا، أي بمعنى الآن لا تقف روسيا ولا إيران مع سوريا بدون مصالح سياسية، فما هي التنازلات التي قدّمت؟ أين تتقاطع المصالح؟ وأين لا تتقاطع؟ج: هل تعلمي بأن من يتكلمون كذلك هم ليسوا فقط جهلة في السياسة بل هم أمّيون أو خبثاء في السياسة، لأن الحياة هي مصالح مشتركة حتى بين الأخ وأخيه وبين الأب وابنه وبين الأم وابنها، ولكن هناك فرق شاسع بين مصالح مشروعة و أخلاقية وبين مصالح غير مشروعة وغير أخلاقية، فمصالحنا مع روسيا ومع إيران هي مصالح مشروعة وأخلاقية وإنسانية.. نحن لا نعتدي على أحد وإيران لا تعتدي على أحد وروسيا لا تعتدي على أحد، بل إننا الآن في سورية في موقع الدفاع، وإيران مضى على حصارها ستة وثلاثون عاماً، وروسيا بشكل أو بآخر فقد سقط الاتحاد السوفيتي، وقال الرئيس بوتين: ( مَن لا يحنّ للاتحاد السوفيتي ويغضب لسقوطه فهو بلا قلب... ومَن يتصور عودته فهو بلا عقل. ) إذا هم قاموا بمعاداة الاتحاد السوفيتي ليس كاتحاد سوفيتي فقد كانوا على عداء مع روسيا القيصرية ثم مع روسيا الشيوعية ثم مع روسيا البوتينية ، لأنهم لا يريدون بلداً في هذا العالم إلا تابعاً لهم ويُدار من خلالهم، ولذلك يهاجمون روسيا ويهاجمون إيران.س ٥: قبل قليل ذكرت الدروس المستفادة وبأن الحرب تعطي تجارب غنية ويستفاد من هذه التجارب.. لذا دعنا سعادة السفير نفتح على كل ما يقوله الشارع السوري منذ بداية هذه الحرب وحتى هذه اللحظة وتحديداً في السياسة الخارجية للدولة، فعندما كان هناك انفتاح كامل على تركيا، وعندما كانت هناك علاقات مع الخليج وقطر تحديداً.. فما هي الدروس المستفادة؟؟ هل من الممكن أن نقول بأن بعضاً من السياسة الخارجية للدولة السورية كان يشوبها بعض المطبات وأخطاء؟.ج: الحقيقة هناك تياران داخل سورية، تيار يقول بأننا ذهبنا أكثر مما يجب مع تركيا ومع قطر، وهناك تيّار – وأنا من هذا التيار – يقول: أننا كنّا نعرف الأمور على حقيقتها، وكان لا بد لنا أن نتخلّص من هذا العداء التاريخي المستفحل ما بين العرب وما بين الأتراك عبر أربع مائة عام من استعمارهم لنا، ومن إخراجنا خارج التاريخ، فكان علينا بأن نضع الماضي خلفنا وأن نبني مستقبلاً مشتركاً جديداً، وكانت غايتنا من التقارب مع تركيا هي أن يفهموا بأن لا مستقبل لهم مع الاتحاد الأوربي، فأوربا وأمريكا يضمونهم إلى الحلف الأطلسي، ولكن لا يضمونهم إلى الاتحاد الأوربي، أي ( يُدَفعِّونهم الغرم، دون أن يجعلوهم يأخذوا الغرم ) لذلك لا مستقبل لهم في الاتحاد الأوربي، حتى أنّ جيسكار ديستان الرئيس الفرنسي السابق قال: على الأتراك أن يعرفوا بأنّ أوربا هي نادٍ مسيحي، عليهم أن يعرفوا بأنه لا يمكن أن نقبل سبعين مليون مسلم في الاتحاد الأوربي (طبعاً هو ليس نادياً مسيحياً إنما هم يتمسحون بالمسيحية لكي يمرروا أطماعهم الاستعمارية).. إذاً كان الباب الأوربي مقفل أمامهم، لذا كان من دواعي السياسة الراقية أن نشد هذه التركيا، وخاصة عندما جاء حزب العدالة والتنمية وطرح بأنه يفهم الإسلام فهما حضارياً فهماً معتدلاً فهمنا متنوراً فهماً غير متعصّب، ومدّ يده لنا فكان من الطبيعي أن نمد يدنا له، لكي نزيل هذه التراكمات عبر التاريخ، ولكي يفهموا بأنّ بوابتهم لهذه المنطقة هي سوريا، وبالتالي قدّمنا بعض التنازلات الاقتصادية، نعم، وتأثرت الكثير من القطاعات الاقتصادية لدينا، نعم، لكن على أرضية ومن منطلق بأنّنا سوف نحقق بدلاً منها مكاسب إستراتيجية مشتركة لسورية ولتركيا، وكنّا نعتقد بأنّ أردوغان وحزبه يهمهم مصلحة تركيا أولاً، لكن تبين بأنّ مصلحة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذين هم جزء منه، هي بالنسبة لهم أولاً، وأنّ تبعيتهم للولايات المتحدة الأمريكية هي أولاً، وأنّ صداقتهم العضوية غير المعلنة مع إسرائيل هي أولاً، وبالتالي تلك الحركات البهلوانية الاستعراضية المسرحية الكرنفالية التي قام بها أردوغان عندما وقف بوجه شمعون بيرز وقال له one minute في دافوس، في ذلك الحين أصبح وكأنه صلاح الدين جديد لمجرد كلمة واحدة ، أو لمجرد أنه أرسل إحدى البواخر عندما قالوا أنهم سيفكون الحصار عن غزة، وقتل تسعة أشخاص، علماً أنّ هؤلاء التسعة لا علاقة لحزب العدالة والتنمية بهم، ومع ذلك اعِتُبر وكأنه خاض حرب التحرير.. إذاً استطاع أن يُخْرِج هذه العملية بشكل دقيق جداً، وبالتالي ليس الإخراج من عنده وحده فقط، ولكن هناك مدارس هوليودية ومدارس مخابراتية صهيونية وأمريكية ساهمت معه في هذا الإخراج، ومن المعروف جيداً بأنّ أردوغان حاول قبل الحرب الإرهابية على سورية، بشكل أو بأخر، أن يبلّعنا الإخوان المسلمين، وأن يجعلنا نشرك الإخوان المسلمين في الحكم، فمثلاً كان يسأل الرئيس الأسد عندما تخرج دفعة ممن يجري الإعفاء عنهم في السجون بأنه كم عدد الإخوان المسلمين الذين خرجوا، وهذه قالها الرئيس الأسد في أكثر من مرة، إذاً هو بالأساس مهتم فقط بالإخوان المسلمين، ولكن عندما تبيّن بأنه لم يستطع بشكل أو بآخر أن يخترقنا من الداخل، فعمد إلى أن يكون رأس الحربة في هذا الهجوم على سورية في تلك الحرب التي بدأت علينا عام ٢٠١١.س٦: من الملاحظ أنهم يهتمون بالرأي العام الداخلي، فأردوغان يهتم بالرأي العام الداخلي ودول الخليج كذلك أميركا وأوربا، فنحن نتحدث هنا عن صناعة الرأي العام الداخلي في سورية، فلماذا لا يكون هنالك شرح لما يجري بالتفصيل من صنّاع القرار السوري للداخل السوري وللرأي العام السوري؟ فلماذا يكون هناك ضبابية إن جاز التعبير أو تغييب للشرح المباشر أو للظهور المباشر مع الإعلام للحديث بشفافية مع الرأي العام السوري؟.ج: هل تعتقدين أن مثل هذا السؤال يجب أن يوجه لي؟ أم أنه يجب أن يوجه للإعلام السوري وإلى الدبلوماسية السورية، وإلى المؤسسة الحزبية السورية وإلى الحكومة السورية، فهذا السؤال يجب أن يوجه لهم، مع قناعتي بأنهم ليسوا مقصرين جداً، هم مقصرون لكن ليس كثيراً في هذا الاتجاه، لأن هناك ظروفاً حربية بالغة الشدة وبالغة القسوة يعيشون فيها، وبالتالي هناك أولويات، وهذه الأولويات تفرض عليهم أحياناً أن يكون هناك تسلسل، ويكون هناك تقصير في التوضيح لبعض الأمور، أو في التأخر بإيضاح بعض الأمور، وأنا معكِ فأنا لا أبرئ مَن كان مسؤولاً عن إيضاح مثل هذه الأمور للشارع السوري.. لكن اسمحي لي بأن أختلف معك بأنّ أردوغان يهمه الشارع التركي، فهو أبداً غير مهتم بالشارع التركي، وأردوغان وحزبه لديهم (٤٠% هم بلوك قالب) من الناخبين، أينما ذهب يذهبون معه، وللأسف من منطلق طائفي إخونجي، بما معناه أنّ أردوغان سرق عشرات الملايين من الدولارات – أردوغان سجن القضاة – أردوغان منع الفيس بوك – أردوغان دمّر وقتل، ومع ذلك هذا البلوك لم ينقص ناخباً واحداً، فالناخبون الذين تركوا أردوغان ولم يصوتوا له هم من خارج هذا البلوك الإسلامي المتعاطف مع الإخوان المسلمين، وبالتالي أنا لا أرى هناك اهتماماً بالرأي العام الداخلي وإن كانوا قد توجهوا له، واعتقد أننا عندما نقول بأنهم توجهوا إلى الرأي العام، لأن الإعلام لديهم متأثر بشكل أو بآخر وبشكل نسبي ببلدان أوربا الغربية، وإن كان لم يصل إلى مرحلة أو درجة من التطور إلى الدرجة التي وصل إليها الإعلام الغربي، أمّا في الخليج فلا إعلام لديهم، هناك إعلان فقط في الحقيقة.س ٧: ما هي وجهة نظرك في الحلول القادمة، هل الحل عسكري في الداخل، أم الحل سياسي؟ وهل يتماشى الحل العسكري مع السياسي؟.ج: أتمنى أن لا ننزلق إلى المطبات والأفخاخ التي يحاول أعداؤنا وخصومنا والإعلام المعادي أن يجرّنا إليها، ويقولوا هناك حل عسكري وهناك حل سياسي، فالحقيقة هناك حرب إرهابية صهيو-وهّابية – إخونجية – عثمانية – أطلسية، تشنّ على سورية منذ أربع سنوات ونصف، ونحن في حالة دفاعية مقدسة، وبالتالي لايمكن أن تشنّ الحرب ثم نشبك أيدينا ولا ندافع عن أنفسنا، فإذاً عندما تشن الحرب عليك فمن الطبيعي أن تدافع عن نفسك، لكن بماذا تدافع؟ هل تدافع بالورود والزهور أم بالسلاح، وهذا ما يسمونه مرة حلاً أمنياً ومرةً حلاً عسكريا، فهم الذين فرضوا الحل العسكري علينا، فلو لم يستخدموا القوة لما استخدمنا القوة للدفاع عن أنفسنا، أمّا الحل السياسي فنحن من نريد الحل السياسي، لكن لكي يجري الحل السياسي أو يتحقق يجب أن تتوقف هذه الحرب، ولكي تتوقف هذه الحرب، يجب أن يتوقف السعوديون والأتراك عن حشد وتمويل وتدريب وإرسال عشرات آلاف الإرهابيين إلى سورية، ويجب أن تتوقف الأردن عن تدريب واحتضان وإرسال آلاف الإرهابيين إلى سورية، وكذلك يجب أن تتوقف قطر عن تمويل كل من هبّ ودبّ وترسله إلى سورية، ويجب أن تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية عن اللعب بين الحبال، فمرة تقول هكذا ومرة تقول عكسه، وأن تتوقف بريطانيا وفرنسا ويتوقف الحلف الأطلسي عن هذه الحرب العدوانية على سورية، حينئذٍ حكما سوف يجري الحل السياسي.س ٨: هل الحل العسكري أو العمليات العسكرية مرتبطة بصانع القرار السياسي؟ بمعنى هل القيادة العسكرية تقوم بما تقوم به في الداخل السوري بعيدا عن الأفق السياسي، بعيداً عما يجري في جنيف، بعيداً عما يجري في موسكو، بعيداً عن التحركات السياسية القائمة الآن؟.ج: الإستراتيجي العسكري الأكبر كلاوزفيتز قال: الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، فالحرب ليست مسألة منقطعة عن السياسة، بل هي استمرار لها وتكثيف لها، كما أنّ السياسة هي تكثيف للاقتصاد، أيضاً الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، فهذه الحرب هي مرحلة من مراحل السياسة الاستعمارية التي يحاولون فرضها علينا، لماذا؟ لأن سورية مستهدفة، لماذا؟ لأن سورية رفضت التبعية رفضت العبودية رفضت الذل رفضت الخنوع رفضت الاستسلام رفضت أن يرتفع العلم الإسرائيلي في دمشق، رفضت أن نضع سفارة سورية في فلسطين المحتلة، لذلك جرت هذه الحرب علينا، جرت هذه الحرب علينا ليس على النظام أولاً، بل على الشعب السوري أولاً، وعلى النظام السياسي ثانياً، ولأنّ الرئيس بشّار الأسد هو الذي يجسد طموحات وتطلعات هذا الشعب ولأنه هو رأس هذا النظام السياسي، فجرى شيطنته وأبلسته، لأنّهم يريدون أن يبدؤوا من الرأس ثم ينتقلوا إلى الجسد، فالمطلوب هو الانتهاء من الشعب السوري وإخراجه خارج التاريخ لعشرات العقود القادمة، لأن هذا الشعب دائماً يوجع لهم رأسهم، لذلك كانت (فرصة تاريخية لهم) لكي ينتهوا من الشعب السوري إلى عشرات السنين القادمة، من خلال تفكيكه وتفتيته وإدخاله في حروب دموية داخلية، ومن خلال استجلاب واستيراد عشرات آلاف الإرهابيين باسم الإسلام، وتمويلهم بعشرات مليارات الدولارات النفطية، لكي يجري تحطيم وتهشيم هذا البلد، ولكن بشّار الأسد هو عنوان، وهو اسْتُهْدِفَ لأنه عنوان سورية وعنوان الشعب السوري ورأس هذا النظام، وليس لشخصه.س ٩: هناك الكثير من الأسئلة التي أود أن أسألها لكن أتمنى أن يكون هناك متسع من الوقت لها، وخاصة أنك سعادة السفير الأكثر جدلاً عند البحث عن الكثير من المقالات التي كتبت ضدك أو معك.. ولكن دعنا نتحدث عن مسؤولية الدولة السورية في حماية مواطنيها، فهناك عشرات القذائف التي تسقط سواء في دمشق أو اللاذقية وباقي المناطق، وتودي بكثير من الضحايا والشهداء، فهناك الكثير من الأصوات التي تطالب الدولة بحمايتها، وتطالب الدولة بحل نهائي لهذه القذائف أيّاً كان هذه الحل، أليس من واجب الدولة السورية أن تحمي مواطنيها ضمن هذه الظروف؟.ج: نعم، من واجب الدولة السورية أن تحمي مواطنيها، ومن حق الشعب السوري على الدولة أن تحميه، ولكن كيف تكون الحماية؟ ففي الحرب العالمية الثانية دمّرت عشرات المدن الروسية، ولم يبقَ فيها حجر على حجر، فقد دُمّرت ستالين غراد ودمرت لندن ووو، ومع ذلك لم يقل الشعب الروسي ولا الشعب البريطاني أيتها الحكومة الروسية وأيتها الحكومة البريطانية كيف تسمحوا للقذائف أن تنزل علينا!!! هذه حرب وفي الحرب لابد أن تنزل القذائف، فالشعب السوري يعرف الحقيقة ويعرف أنّ هناك حرباً عالمية تشّن علينا، وأن في هذه الحرب هناك الأصيل وهناك الوكيل أو الوكلاء وهناك وكلاء الوكلاء أو أجراء الوكلاء، فالأصيل هو المحور الصهيو-أطلسي حصراً، الأصيل هو إسرائيل أولاً ومعها أمريكا وفرنسا وبريطانيا، أما الوكيل فهو تركيا الأردوغانية والسعودية الوهّابية والأردن الحالية وقطر الغازية، أمّا وكلاء الوكلاء فهم عشرات آلاف الإرهابيين المتأسلمين وغير المتأسلمين الذين يعيثون فساداُ في هذا البلد.. فكيف يمكن لنا أن ننتظر عدم سقوط قذائف علينا، وقد دمّرت البنية التحتية في سورية، وقد احتلت الكثير من المناطق السورية، وقد استشهد لنا عشرات الآلاف، فهل هذا لا نراه ونرى سقوط قذائف هي مؤلمة حقاً، ومن حق المواطن أن يطلب من الدولة حمايته، والدولة تحميه، ولو لم تكن الدولة تحميه لكان الأمر غير ما هو عليه الآن، ولاستبيحت بيوت واستبيحت حرمات وانتهكت أعراض، فالدولة تحمي دمشق وتحمي المدن السورية بكل ما لديها من قوة، وبالتالي لا تستطيع دولة في العالم أن تحقق الحماية التي تحققها الدولة السورية لمواطنيها فيماهي بمواجهة حرب تخوضها مئة دولة في العالم ضدها.س١٠: أريد أن أسأل عن مدى دقة وصحة عما دعوت أليه بأن يكون هناك عمليات استشهادية ضد من يقوم بالعمليات الانغماسية، بغض النظر عن التفسير الديني لهذا الموضوع لكن بالنهاية هذا يؤدي إلى قتل، فالتالي هل دقيق أنك دعوت إلى عمليات استشهادية ضد الانغماسيين؟ج: في الحقيقة ليس فقط دعوت إلهيا إنما أصررت عليها ولا أزال أصر، وتحدثت عنها عندما كنت في الأردن، وتحدثت في ذلك الحين عن النزعة الكربلائية، وخرجت حينها الأبواق المسمومة الغازية والكازية، لتقول بأنك تتكلم طائفياً، فقلت لهم أيها الأخوة إن ( الحسين بن علي ) ليس مُلْكاً للشيعة وليس حتى ملكاً للإسلام، فالحسين بن علي هو ملك للإنسانية، فهو رمز للتضحية في سبيل قضية في ظروف اختلال موازين القوى، فعندما يذهب ومعه سبعون شخصاً ليواجه عشرات الآلاف، فإذاً هو أراد أن يسجل للتاريخ سابقةً، هذه السابقة تقول أن مَن لا يعادل عدوه وخصمه بميزان القوى لا يعني أنه يستسلم، بل عليه أن يترك الشعلة مُضَاءَةً ومشتعلة لكي تأتي الأجيال اللاحقة ومن ثم تكمل رسالتها، والحسين بن علي ليس هو أول كربلائي، فأول كربلائي كان هوالسيد المسيح، يوسف العظمة أيضاً كان كربلائياً وكل من يضحي في سبيل وطنه هو كربلائي, هنا وأمّا في سورية فلم أتكلم عن الكربلائيين بل تكلمت عن الاستشهاديين.س ١١: هناك سعادة السفير بعض المؤيدين والوطنيين السوريين الذين علّقوا وقالوا بأنّ مكان المواطن العادي هو في وظيفته وعمله والجندي في أن يحمل بندقية ليدافع، لا أن يذهب ليقتل نفسه.. فما ردكم عليهم؟ح: أتمنى أن تعطيني الفرصة الكافية لأوضح هذه المسألة وأشكرك لأنك خضتِ فيها، لأنها لم توضح بما فيه الكفاية.. فأنا أقول بأن هؤلاء الإرهابيين القتلة، يجب أن نواجههم بالنزعة الاستشهادية، فإذا لم نرتق بآلاف الشباب الموجودين لدينا إلى مستوى الاستعداد للتضحية بالنفس وهُمْ سعداء، فإننا لن ننتصر على عشرات لابل مئات آلاف الإرهابيين الذين يفرخّون يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر وسنة بعد سنة في سبعة وخمسين دولة إسلامية وفي عشرات الدول الأوربية وأمريكا اللاتينية، فهؤلاء يجب أن نواجههم بعقلية الكاميكاز، فالكاميكازيون اليابانيون ليسوا كربلائيين وليسوا مسلمين ومع ذلك ضحوا، فنحن يجب أن نضحي، وأنا أطرح مثالاً هنا، قيل أنه في تدمر قتل المئات، وأنا اعتقد بأن نصف لابل ربع من قتل هناك بيد هؤلاء الإرهابيين الظلاميين التكفيريين، لو أنهم قاموا بعمليات استشهادية لما احتلت تدمر، سواء كان من قاموا بهذه العمليات الاستشهادية ،من أهل تدمر أو من أنصارهم أو مؤيديهم أو من أي كان، فالعمليات الاستشهادية هي واجب على العسكري وعلى كل مواطن شريف ، لكن هذا لا يعني أن يذهب الجميع، فحزب الله كيف انتصر، علينا أن نفرّق بين العمليات الاستشهادية والعمليات الانتحارية، فالعملية الاستشهادية هي أن تحمل قضية وتذهب للدفاع عنها، وأنت سعيدٌ لأنك تكتب للأجيال القادمة ملحمة وأسطورة، وهذه الملحمة سوف تكون منارة لهم.س ١٢: ولكن قد يذهب بها مدنيون أبرياء؟.ج: من الطبيعي في كل حرب أن يذهب مدنيون أبرياء، لكن هؤلاء سوف يكونون قلة، فالمهم أن نكون حريصين كما كان حزب الله دائماً حريصاً ألا يذهب في العمليات الاستشهادية مدنيوّن أبرياء, ولكن أنت عندما تواجه هؤلاء الإرهابيين بشكل أو بأخر من الطبيعي ، وهم لا يحسبون حساب المدنيين الأبرياء ولا حساب أحد، أن تحسب أنت حساب هؤلاء الأبرياء، فعندما يذهب حينها بالخطأ وبنسب قليلة ، بعضُ الأبرياء فهذا أمر الله وهذا لا يعني أننا نريد ذلك.. فالانغماسيون هم انتحاريون أما الاستشهاديون فهؤلاء أصحاب قضية ، وأولئك يريدون الحور العين أما الاستشهاديون لا يريدون الحور العين بل يريدون الجنة وبعضهم يريد الوطن وبعضهم يريد منارة للمستقبل ومنهم من هو ديّن ومنهم من هو غير ديّن لا بل منهم من هو ملحد، وبالتالي الاستشهاد لا يعني الانتحار ابداً فهو عكسه تماماً، فالانتحاري ليس لديه قضية فقضيته متعته الشخصية و يريد أن يذهب بسرعة إلى الحور العين، أما الاستشهادي فقضيته هي في أن يدافع عن وطنه وأن يضحي بنفسه لكي يحيا الآخرون.س ١٣: يقال بأن الدكتور بهجت سليمان يتحدث بما لاتستطيع الدولة السورية أن تتحدث به بشكل رسمي ؟.ج: لماذا؟ لا أدري لماذا لا تستطيع الدولة السورية أن تتحدث به بشكل رسمي، ولماذا نشمل ونقول الدولة السورية، فعلينا أن لا نعمم.س ١٤: إذاً فلنقل صانع القرار السوري؟ج: صانع القرار السوري يتكلم بكل جرأة، فقد تكلم في الفترة الأخيرة في خطابه كلاماً جريئاً جداً جداً، وعلينا أن نفهمه ونتعلم منه جيداً، فصانع القرار السوري جريءٌ جداً، لكن يبدو أننا أحياناً نفهم الأمور بشكل مجتزاً.س ١٥:هل القرار السياسي في سورية يتخذ بشكل شخصي، أم أنه هناك مؤسسة تسمى المؤسسة الرسمية؟ج: هناك كما تعرفين لدينا قيادة عامة للجيش والقوات المسلحة، وهناك لدينا قيادة حزب طالما أن الحزب هو الحزب الحاكم، فصحيح أنه لم يَعُدْ الحزب القائد، فالحزب الذي يأخذ الأغلبية في مجلس الشعب يكون هو الحزب الحاكم، وبالتالي لدينا مؤسسة حكومية ولدينا مكتب امن وطني ولدينا مؤسسة رئاسة، فجميع هذه المؤسسات بشكل أو بآخر هي تتضافر وتتعاون كما في جميع بلدان العالم وتقدم المعطيات لصاحب القرار، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية تقدم المعطيات لصاحب القرار، وتقدم له الخيارات وهو يختار الخيار المناسب منها، فماذا عدا مما بدا لكي يعتبر عندنا فقط بأنه قرار فردي، ولكن عند غيرنا عندما يضع الرئيس الأمريكي أو الفرنسي يده على القرار يصبح قراره فلا يقال بأنه قرار فردي ولكن لدينا يقال بأنه قرار فردي.س ١٦: هنالك اليوم الكثير من المطبات في السياسة الخارجية لبعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وحتى أوربا، ونحن نحلل ما يطرح فيما يتعلق برئيس الجمهورية، فلماذا نرى اليوم اللهجة قد تغيرت فيما يتعلق بالسيد رئيس الجمهورية العربية السورية ؟. فقد كانوا يتحدثون عن أنه لن يكون هناك حل مستقبلي إلا برحيل الرئيس بشار الأسد، بينما الآن ربما يكون هناك مبادرات جديد بوجود الرئيس الأسد، فلماذا تغيرت هذه اللهجة السياسية تجاه رأس الهرم في سورية؟ج: أنا اعتقد أن كل مواطن سوري يشعر بالخزي والعار عندما يسمع دولة أخرى تقول أنني أسمح أو لا أسمح للرئيس السوري أن يبقى، فمن الذي منحهم هذا الحق؟ متى فوضهم الشعب السوري لكي يحددوا له من يكون له رئيسه ومن لا يكون رئيسه، وكيف يمنحون أنفسهم مثل هذا الحق؟! ومن هو العثماني المتخلف الأحمق وكذلك السعودي الأمّي وكذلك القطري البدائي، من هؤلاء لكي يحددوا لنا إن كان رئيسنا سيبقى أم سيبقى؟! نسوا هؤلاء أن دمشق هي عاصمة التاريخ، نسوا أن دمشق هي أقدم مدينة مأهولة في العالم، نَسِيَ أن الأبجدية خرجت من هنا، نسوا أن الدولة الإسلامية العربية الأولى خرجت من هنا، نسوا أن سورية الأسد هي مركز المنطقة، ونسوا أن هناك رئيسين أمريكيين جاءوا إلى دمشق، ونسوا أن هناك رئيسين آخرين التقيا مع الرئيس حافظ الأسد في منتصف الطريق في جنيف، ونسوا أنّ حافظ الأسد مات ولم يلوّث يديه ولا قدميه، لم يلوث يديه بمصافحة الإسرائيلي، ولم يلوث قديمه بزيارة للأرض الأمريكية، بينما الزعماء العرب يأمرهم موظف سكرتير ثاني أو ثالث في السفارة الأمريكية وبالتالي بأي حق يمنحون أنفسهم مثل هذا الكلام، هذه إهانة لنا فليقوا ما يريدون ، فهذا كلام أحمق من أصحابه، وطالما بقيت السياسة تمارس بالنسبة للأتراك وغيرهم – والحقيقة الأتراك لا يمارسون سياسة، بل يمارسون حماقة سياسية – والسعوديون كما قلت يمارسون أميّة سياسية، والقطريون يمارسون سرطنة سياسية، والأردنيون يمارسون منغولية سياسية، وهذه المنغولية السياسية تدفعهم إلى أن يقولوا ثم يتراجعوا ثم يُقْدِمون ثم يحجمون، يحجمون ثم يقدمون وهكذا.س ١٧: لنتحدث إلى أقصى الأبعاد في الشأن الداخلي السوري، والانقسام الحاصل في الآراء، بمعنى أنّ المسلح بالنهاية يكون لديه مصالحة أو شيء اسمه تسوية،وبالتالي ينخرط بالمجتمع، وما يشوب هذه العملية، وهناك مجموعات أخرى تحمل السلاح وهي مع الدولة، فهل تعتقد بأن هذا يسمى فوضى سلاح؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى الخطوات المتكاملة فيما يتعلق بالتسويات المتعلقة بهؤلاء الذين كانوا يحملون السلاح، هل هذه الحلول ناجعة في المرحلة الحالية؟.ج: كما هو معروف بأن الصلح هو سيّد الأحكام، والصلح عادة لا يكون بين الأصدقاء إلا عندما يتخاصمون ، إنما يكون بين الأعداء والخصوم، وهنا في سورية أعداؤنا على درجات، فالعدو الأول هو من خرج على الوطن وخرج على الشعب وحمل السلاح وارتكب جرائم دموية بحق الشعب وبحق الوطن، فهذا لا مكان له بيننا إلا قوس العدالة، أما أولئك الذين خرجوا على الدولة وحملوا السلاح ولكنهم لم يرتكبوا جرائم فهؤلاء من الطبيعي أن يعود الوطن لاحتضانهم فهم أبناؤه، وأمّا أولئك الذين يحملون السلاح وجاءونا من الشيشان وأفغانستان وباكستان والسعودية وغيرها.. إلخ، فهؤلاء لا مكان لهم إلا بطن الأرض على الرغم من أنّهم سيلوثون بطن الأرض، لكن لا مكان آخر لهم.س ١٨: أي دور حقيقي يقوم به الأردن هو محور حديثنا في القسم الثاني، لنتحدث الآن إن كنّا نسميها بالسياسة أو بالدبلوماسية، ما الذي يمكن أن يطلق عليها بين سورية والأردن، هل هي منقطعة تماماً؟ هل هي تسير ببطء أم هنالك تعقيد وتشبيك في العلاقة؟ ما الذي يجري؟.ج: لا ، العلاقات الدبلوماسية ليست منقطعة، ومنذ أسابيع قليلة ذهب لدينا قائم بالأعمال جديد، دكتور دبلوماسي حصيف ولديه خبرة عالية في العمل الدبلوماسي، هو الدكتور أيمن علوش. المشكلة ليست هنا بل هي في الدور الوظيفي للأردن، فالأردن منذ عام ١٩٢١ أنشئت إمارة شرق الأردن وجلب لها أمير من خارج الأردن هو عبدالله الأول بن الحسين وكان للاثنان دور وظيفي أي للكيان وللأمير، وهذا الدور الوظيفي كان مطلوباً من الأردن أن تشكل حاجز بشرياً كبيراً أمام إسرائيل التي ستنشأ في العقود القادمة وبين أكبر مساحة جغرافية عربية، ولذلك هم يتباهون الآن بأنها أكبرحدود مع العدو الإسرائيلي، وهي حقيقةً حدود محروسة من خلال الأردن.س ١٩: ما هو الدور الحقيقي، فالأردن مثلاً عضو بالتحالف الأمريكي لضرب داعش ومحاربة الإرهاب، ويقول الأردن أنه خائف من تمدد إيران في المنطقة، ويقول بأن لديه مبررات من دخول مسلحين سوريين أو حتى أجانب بالعودة إلى أراضيه، كل هذه مبررات يقولها الأردن، وهو بالتالي موقفه واضح تجاه ما يجري في سورية، وتجاه ما يجري في المنطقة كلها، فهل لديه مبررات لما يقوم به؟.ج: حتى الطفل الصغير عندما يقوم بأي عمل كأن يكسر كأساً أو صحناً فيبرر ما يقوم به، فبالتالي علينا أن لا نقف طويلاً عند المبررات، بل يجب أن نبحث عن الأسباب الحقيقة، إن الأردن قراره مصادر و ليس بيده، فقرار الأردن هو قرار أمريكي وقرار إسرائيلي وقرار سعودي، فالأردن يختلف في عهد الملك الحالي عن عهد والده،ذلك أنه في عهد والده عندما كان يطلب منه تنفيذ خمسة أمور، كان الملك حسين ينفذ ثلاثة منها ثم يتباطأ في الرابع ثم يحاول أن يتأنى في الخامس، لكنه ينفذه بعدئذ، أما في النظام الحالي فإنه إذا ما طلب منه تنفيذ خمسة أمور، فإنه يقوم بتنفيذ عشرة مباشرة.س ٢٠: تتحدث عن الملك شخصياً أم عن المؤسسات؟ج: عن الدوائر الأردنية الحاكمة، فالملك هو رأس النظام الأردني، هو ليس وحده حقيقة في الحكم، إلا أنه رأس النظام، ولكن نتحدث عن الدوائر الأردنية الحاكمة والملك على رأسها، وهو المسؤول الأول طبعا في الأردن فهو ملك الأردن، وبالتالي فهو صاحب القرار التنفيذي، فصحيح أنّ القرار خارجي ولكن عندما يصدر القرار باسمه يصبح قراره، فإذاً هو ينفذ ضِعْف ما يطلب منه لكي يبدي حسن نية، وبالتالي يسرع في تنفيذ ما يريدونه فيستخفّون به أكثر مما كانوا استخفوا بأبيه، لأنه بالنسبة لهم ينفذ فقط، أما الأردن كنظام أو كدوائر حاكمة لا يعنيها مصلحة شعبها بقدر ما يعنيها دورها الوظيفي التي وجدت من أجله، وبالتالي ليس من السهل لا بل من الصعب إن لم يكن من المستحيل على النظام الأردني أن يخرج خارج هذا القميص الذي أُلْبِسه منذ أن أنشئ الكيان الأردني لأنه يعرف أنه في اليوم اللاحق أو في الأسبوع اللاحق أو في الشهر اللاحق سوف يجري الاستغناء عنه أو استبداله.س ٢١: كيف تجري الأمور اليوم في الجنوب السوري في درعا وفي المناطق المحيطة، لا سيما أن هنالك إصرار (ما خرجت به عاصفة الجنوب) هنالك إصرار بأن تكون درعا جزء من الأردن، أو إقامة هذا الشريط العازل بما فيها القنيطرة بما فيها الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، فكيف تبدو الأمور وإلى أين تسير؟.ج: كما تعرفين هناك غرفة عمليات اسمها غرفة ( موك ) في الأردن، هذه الغرفة أطلسية بما معناه أوربية وأمريكية، وسعودية وإسرائيلية وبخدمات الاستخبارات العسكرية الأردنية، فهي التي تقوم بالخدمات لهذه الغرفة.. تنفيذا لما قررته غرفة الموك، جرت محاولات عديدة وصلت إلى خمس أو ست محاولات لاحتلال درعا، ما الغاية من ذلك؟ الغاية من ذلك هو تنفيذ للضغط السعودي والإلحاح السعودي والإملاء السعودي لاحتلال درعا، حتى أنه في المرة الأخيرة أعطت الاستخبارات العسكرية الأردنية للعصابات الإرهابية المتأسلمة المسلحة مدة أسبوع ابتدأ في ٧ آب وانتهت هذه المهلة في ١٣ آب حيث كان مطلوباً منهم أن يحتلوا درعا، وفشلوا في ذلك، وحتى النظام الأردني يريد أن يحتل درعا عبر هذه العصابات الإرهابية المسلحة لأنه واهِمْ بأنه يستطيع لا أن يتحكم فقط، بل أن يحكم جنوب سورية من خلال اصطناع منطقة عازلة تسيطر عليها هذه العصابات الإرهابية، فيقول كعادته أنا لا علاقة لي بالأمر، وتأكيداً على ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تكون بعيدة عما يجري، فهي تدرّب منذ شهور عديدة ثلاث مئة آبق ممن هربوا أو فرّوا من المنطقة الجنوبية وموجودين في الأردن ومعظمهم إأن لم يكن جميعهم من حملة الشهادة الجامعية، تدربهم على الإدارة الذاتية المحلية، مطلوب منهم بأن يقوموا بالإدارة الذاتية للمنطقة الجنوبية، وهذه الإدارة الذاتية سوف تكون تابعة للأردن، هذا ما يخطط له النظام الأردني دون أن يكون هناك قرار دولي بإقامة منطقة عازلة، وبالتالي هو يعتقد بأنه يستطيع أن يفرض هذه المنطقة العازلة كأمر واقع من خلال العصابات الإرهابية المسلحة، لكن حتى اليوم فشلوا في ، ذلك وسيفشلون.س ٢٢: إذ ا ما قارنّا ما تقوم به تركيا في الشمال، وبين ما يقوم به الأردن في الجنوب، فهل الأردن أفلت الحدود بالقدر الذي أفلتت الحدود في الشمال السوري؟.ج: كنت أقول لهم دائما في الأردن بأن الدوائر الحاكمة في الأردن غرقت في الحرب الإرهابية على سورية حتى الركبة، بينما المطلوب منها أن تغرق حتى الرقبة، لكنها لم تغرق حتى الرقبة، لأنّها تعرف في قرارة نفسها بأن الخطر القادم هو عليها، لكنها تنتحر دون أن تستطيع أن منع نفسها من الانتحار، و كما ذكرت سابقاً دورها دور وظيفي، وبالتالي هي مجبرة (مكره أخوك لا بطل) مع أن عواطفها ليست مع هذه العصابات الإرهابية المسلحة وهي على عداء شديد وحقد كبير مع داعش وهي على حقد مع الجماعات الإسلامية، ولكنها مع ذلك تتعاون معها وتحتضنها وتسهل لها أمورها، لأن المعلم boss الأمريكي والإسرائيلي والسعودي يريد ذلك.س ٢٣: أريد أن أسأل سؤال أخير فيما يتعلق بالإستراتيجية الكاملة أو الإستراتيجية في المنطقة والإقليم، فالملك الأردني بما يمثل يتخوف من الامتداد (الشيعي) والإيراني وكان سابقاً قد تحدث عن الهلال الخصيب، والآن دعا لأن يكون هناك تسليح للعشائر السورية سواء في المنطقة الجنوبية أو حتى على الحدود السورية مع العراق، فهل تعتقد بأن هذه الفكرة القديمة الجديدة سوف تنفذ في الفترة القادمة؟ أو ممكن أن تلقى أذاناً صاغية لدى بعض العشائر سواء في سورية أو الأن؟.ج: كتبت مرة أقول بأن الدوائر الأردنية الحاكمة إذا ما استمرت بالمكابرة بتكبير الأردن، فسوف يجري تصغير الأردن وبالتالي هذه المغامرة غير معلومة العواقب، أما القول بالهلال الشيعي، فقد قالها الملك عام ٢٠٠٤ ثم تبرأ منها فيما بعد... ماذا يعني الهلال الشيعي، هو مصطلح صهيو – أمريكي – ليكودي لمحور المقاومة والممانعة فلا يقولون محور المقاومة والممانعة بل يقولون الهلال الشيعي، لماذا؟ لأنهم لا يريدون أن يصبغوا عليه صبغة نضالية وطنية، وإنما يريدون أن يصبغوا عليه صبغة طائفية مذهبية لكي يشحذوا أكبر عدد ممكن من هؤلاء الناس الذين تحركهم غرائزهم سواء عبر الوهابية أو جماعة خُوّان المسلمين.. لذلك يجب علينا ألا نردد مثل هذه المقولات، لأنها مقولات مسمومة وساقطة.. صحيح أنه قالها ولكن عاد وتراجع عنها ثم عاد وتبناها.س ٢٤: سؤالي الأخير إلى أين تذهب المنطقة في ظل المعطيات التي تراها على الأرض (حرب – تصعيد – تسويات كبرى) ما هو القادم؟.ج: الحقيقة أنا لست بمنجم لأقول ماذا يمكن أن يحدث في المستقبل، لكن إذا أردنا أن نقرأ المستقبل فهو مفتوح على كل الاحتمالات، لكن اعتقد بأن هذه الحرب علينا قد وصلت إلى ذروتها وليس لديهم إلا المزيد من الشيء نفسه، والمزيد من الشيء نفسه لن يهزمنا بل سيزيدنا صلابة، والمزيد من الشيء نفسه سوف ينعكس عليهم، ولذلك هم الآن مكرهون في الأشهر القادمة وما بعدها أن يعيدوا النظر بما يجري لأنهم لم يستطيعوا إسقاط الدولة الوطنية السورية، لم يستطيعوا كسر منظومة المقاومة والممانعة، لم يستطيعوا زعزعة أسد بلاد الشام وهو موجود في عرينه في قاسيون، لم يستطيعوا أن يضعوا يدهم على سورية، لم يستطيعوا أن يصادروا القرار السوري.
التاريخ - 2015-08-25 2:24 PM المشاهدات 1356

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا