شبكة سورية الحدث


التجارة الداخلية.. كل سنة وزير !

تلاحق لعنة الفشل، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إذ لم يتمكن وزراء (التموين) من إحداث فرق في الأداء، ولا من معالجة ملفات صعبة ومعقدة تتعلق بالضبوط التموينية، ومتابعة الأسعار المنفلتة من عقالها، والمحافظة على درجة حرارة معقولة في الأسواق. يبرز ملف حماية المستهلك نظراً للصعوبات المعيشية التي تواجه السوريين، إذ خلقت حالة الفوضى العامة في البلاد، حالة مطابقة في الأسواق، يتحكم بها (هوامير) يصعب مقارعتهم. وما يدلل على الفشل الكبير في ملف التجارة الداخلية وحماية المستهلك، هو التبديل المتواتر للوزراء الذين تعاقبوا على حمل هذه الحقيبة، التي يبدو أنها من أهم الحقائب الوزارية وأعقدها.   وتبدو هذه الوزارة دريئة يصوب عليها المواطنون صباحاً ومساءً، فكل المشكلات المتعلقة بالأسعار والغلاء الكبير، ومدى توفر السلع والمنتجات لا سيما الأساسية منها، تديره هذه الوزارة التي تقف بين مستهلك، دخله متدنٍّ، وقدرته الشرائية متراجعة جداً، وتاجر يتميز بالشطارة ويقتنص الفرص، ويستثمر غياب الرقابة، ويضرب عرض الحائط بكل القوانين والأنظمة ذات الصلة، فيصعب أمام هذا الواقع المُهشم والمتناقض، موازنة المواقف والمحافظة على صلة وصل بين مختلف الفرقاء، والوقوف على مسافة أقرب إلى المستهلك. في التغيير الوزاري الأخير الخميس الماضي، أعفي وزير التجارة الداخلية حسان صفية، وقبل ذلك بعام أعفي سمير قاضي أمين، وقبله قدري جميل (كان يجمع منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التجارة الداخلية)، ما يعكس بأحد الأشكال أن أداء الوزراء لم يلبي الطموح، ولم يخلق حالة إيجابية تسمح بالحفاظ على وزير بمنصبه نظراً لأدائه المميز، وحضوره المهم، وتعاطيه الصارم في ملف يحتاج إلى الحزم بالدرجة الأولى. وفي المقلب الآخر، قد يكون للقضية صلة بالصلاحيات الممنوحة، ومدى القدرة على اختراق جدران صماء من الروتين والبيروقراطية، والتدخلات التي تأتي كل لحظة وتعرقل العمل، فهناك أيضاً عدد من الأسباب الموضوعية التي لابد من الإشارة إليها.تتبّع أداء الوزير صفية، يكشف لنا حجم الابتعاد عن هموم الناس، وعدم قراءة تفاصيل الحياة المعيشية اليومية للمواطنين الذين لم يتبقّ لديهم أي فسحة أمل ينتظرونها. كما يتبين لنا مدى عدم الصدق وغياب الشفافية في التعامل مع القضايا الحساسة، الخبز أنموذجاً. وبلاشك يتذكر معظمنا، رمي الوزير صفية لرفع أسعار عدد من المواد الأساسية في ملعب مطالبات الناس والنقابات وأعضاء مجلس الشعب، فكانت تلك التصريحات مثار سخرية عارمة، وتندّر هائل على مستوى الشارع السوري، فضلاً عن أنها مجافية للمنطق، ومخالفة للموضوعية، وتعكس بدقة حالة انفصال عن الواقع، والقناعة بأن الشفافية لا محل لها في الأجندة الحكومية.ليست المشكلة في الإعفاء، أو الإقالة، هذه نتيجة طبيعية لضعف الأداء، وترهّله، وعدم تحقيق منجزات معينة، مهما كانت الأسباب، ذاتية أو موضوعية، أو في الحد الأدنى الفشل في وضع برامج ابتكارية، وخطط إبداعية حقيقية، لا الاعتماد على طرائق عفا عليها الزمن، وباتت مملة والفشل حليفها. القضية الآن في سؤال جوهري يردده كل الناس مفاده: هل البديل أفضل من المُقال؟ هل القادم أفضل من السابق؟ على مرّ السنوات السابقة كانت الإجابة عن تساؤل كهذا سلبية بالمطلق، بدليل التغيير السريع، بعد استهلاك الفرص الممكنة، وإثبات العجز عن إجراء تغيير في الأداء، أو ممارسة فاعلة حقيقية. في الملفات المعقدة والصعبة، تظهر الحاجة إلى رجالات حقيقيين، قادرين على العمل، لايهابون ضغوطاً تمارسها قوى الفساد، ولا يرضخون لتدخلات غير قانونية، ولايهتمون بالشكليات التي يغرق فيها البعض، ويركزون عملهم وبرامجهم على القضايا النافعة. هذا يتطلب معايير واضحة، تحدد اشتراطات معينة، يخضع لها أي من المراد تعيينهم في المناصب العليا، والتأكد من قدراتهم وإمكاناتهم، وغير ذلك تبقى العملية ضربة حظ، أو شراء وهم. الجدوى من التغيير، مسألة غاية في الأهمية، ويبحث عنها صناّع التغيير أنفسهم، ويحاولون تحقيقها. والسرعة الكبيرة في إقالة أو إعفاء مسؤول ما، أحد جوانب عملية التغيير المهمة، مادامت قضية محاسبة المقصرين والفاشلين في عملهم متوقفة، وغائبة. إلا أنه من الواضح تماماً، أن التغيير في سورية، يأتي بالإقالة أو الإعفاء من المنصب، لا بالمحاسبة على الفشل وضعف الأداء، تلك هي طريقة تبويس اللحى التي لا تبني وطناً، ولا تفعّل عمل المؤسسات. الحدث - جريدة النور
التاريخ - 2015-09-07 1:21 AM المشاهدات 956

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا