شبكة سورية الحدث


مع اقتراب شهر رمضان.. مؤسسات التدخل الإيجابي مجرد «شعارات» !!

سورية الحدث  عدم تأقلم ذهنية عمل هذه المؤسسات مع ظروف الأزمة التي تفرض آلية وثقافة عمل مغايرةفي ظل الارتفاع الكبير بأسعار السلع في الأسواق المحلية مع غياب المنافسة في أسواقنا، ومع اقتراب شهر رمضان، بات المستهلك متخوفا أكثر من ارتفاع جديد يطول الأسعار، ورغم ما ينشر حول الدعم الحكومي وتعزيز صمود الشعب إلا أن المستهلك لا يلمس ذلك على أرض الواقع، فكثيرة هي التصريحات الصادرة عن مديري مؤسسات التدخل الإيجابي (الاستهلاكية والخزن والتسويق) وغيرها من المؤسسات الحكومية التي كانت الغاية من إحداثها توفير المواد الغذائية والأساسية وغيرها بأسعار تقل عن السوق (أي أسعار منافسة ومناسبة لذوي الدخل المحدود)..كما تعتبر مؤسسات ربحية في الوقت نفسه، ورغم التغني كثيراً بإنجازات هذه المؤسسات إلا أنها لا تزال قاصرة على تنفيذ هدفها الذي أحدثت لأجله، فحالياً نجد أن هذه المؤسسات تغيب عن الأرياف، كما أنها لا توفر كل السلع بسعر مدعوم ومنافس، عدا حالات الفساد التي شابت بعض صالاتها والمتاجرة بالمواد المدعومة، كما أنها وفق الكثير من المواطنين لم يلمسوا فيها أي تدخل حقيقي في الأسواق لكسر أسعار السوق أو إحداث منافسة حقيقية، ويلاحظون غالباً نقص المواد التي تعرضها، فمثلاً أحد المواطنين ذكر أنه بمجمع الأمويين الاستهلاكي سعر لتر الزيت الوحيد المتوفر هو 1200 ليرة وهو زيت ذرة، أما السمنة فأيضاً نوع واحد هو الغوطة والكيلو 2500 ليرة أما الرز فغائب تماماً والسكر غير متوفر، أي ان هذه الصالات لا توفر السلع مرتفعة الثمن في السوق بأسعار مناسبة داخلها، فأين السكر وأين الأرز وأين السمون على اختلاف أنواعها والزيوت؟ وأين هي الأسعار التدخلية باعتبارها مؤسسات تدخلية؟!نقاط القصور والضعفالباحث الاقتصادي الدكتور نضال طالب بيّن) أن مؤسسات التدخل الايجابي تعتبر من أهم الأذرع الأساسية لعمل الحكومة بتأمين المستلزمات الأساسية للمواطن وبأسعار مناسبة، وهي لا يجري استثمارها بالشكل الأمثل في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد. ولفت إلى أنه لا يمكن أن ننكر أن هذه المؤسسات قامت بدور إيجابي إلى حد ما في السوق لكن دورها لم يكن مكتملاً أو كما يجب أن يكون في ظل ظروف الأزمة، وبالطبع الأسباب عديدة منها :– وجود الوسيط في عمل هذه المؤسسات مما يرفع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية، وبالتالي تذهب الفروق لجيوب التجار بدلاً من أن تنعكس على المواطن بشكل إيجابي. والمثال الأقرب على ذلك قيام مؤسسات التدخل الإيجابي مؤخراً بتأمين مستلزمات عمل بعض جهات القطاع العام، وهي في معظمها أصول رأسمالية ومواد أولية وكأن هذه المؤسسات قد قامت بواجباتها المطلوبة منها في تأمين السلع الغذائية وغير الغذائية الأساسية لتفتح جبهات عمل جديدة.– عدم تأقلم ذهنية عمل هذه المؤسسات مع ظروف الأزمة التي تفرض آلية وثقافة عمل مغايرة، وهنا لابد أن نكون واقعيين، فالمواطن لم يلحظ خططاً إنقاذية لتأمين السلع الأساسية بأسعار مناسبة لدخله في ظل التقلبات بسعر الصرف التي أدت إلى ارتفاع كبير بالأسعار وتحكم بعض التجار بلقمة عيش المواطن، وخاصة مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتحديداً المازوت الذي ترتفع معه مباشرة سلع أساسية تمس الحياة المعيشية اليومية للمواطن، ودورها لا يزال قاصراً وبعيداً عن المنافسة في جودة الخدمة والأداء، حتى آليات التعامل والتعاطي مع الزبائن تفتقر لأبسط الخدمات المؤتمتة.. والأساليب الحديثة في إرضاء الزبائن، والسبب هنا يكمن بأن هذه المؤسسات لم تضع في حساباتها الوصول إلى رضا الزبائن وكسبهم، مؤسسات لا تزال تهتم أولاً بالربحية العاجلة قبل أي شيء، وإلا ما هو مبرر قيام هذه المؤسسات بشراء كميات من منتجات لا تعتبر من الأولويات حالياً كصفقات شراء مكدوس أو غير ذلك.– للأسف مؤسسات التدخل الإيجابي هي مؤسسات اقتصادية تبتغي الربح ولا تهتم بالدور الاجتماعي، وكل ما فعلته هو البيع بأسعار متقاربة جداً مع أسعار القطاع الخاص، وبالتالي لم يشعر المواطن بأي تغيير قد طرأ. وإلا ما هو مبرر رفع أسعار سلع أساسية لدى هذه المؤسسات تم استيرادها عبر خط الائتمان الإيراني أي متفق عليها مسبقاً ويجب أن لا تتأثر بتغيرات سعر الصرف.– السبب الأهم هو حالات الفساد والتواطؤ وغياب الرقابة على عمليات وآليات تأمين السلع المعروضة من جهة، وعملية بيع هذه السلع للمواطن من خلال منافذ البيع من جهة أخرى.ما هو المطلوب؟وقال الباحث الاقتصادي طالب: المطلوب من مؤسسات التدخل الإيجابي اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تكون ذراع الحكومة الاقتصادي الاجتماعي، أي أن تسهم هذه المؤسسات بخطة عمل الحكومة في معالجة المشاكل الاقتصادية المحلية من خلال استثمارها بالشكل الأمثل في زيادة المعروض من السلع والخدمات، لتحقيق توازن سلعي ونقدي في السوق السورية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لتكون هذه المؤسسات الذراع الاجتماعي للحكومة في معالجة الواقع المعيشي السيئ الذي وصلت إليه شريحة كبيرة من المواطنين الذين تتحمل الحكومة مسؤولية رعايتهم.أي بمعنى آخر زيادة التدخل الحكومي السلعي عوضاً عن الاكتفاء بالتدخل النقدي الجاري من خلال جلسات التدخل من قبل المصرف المركزي. والسؤال هنا: لماذا لا تستثمر تلك الكمية من القطع الأجنبي المباعة خلال جلسات التدخل في قيام الدولة بتوريد كميات من السلع الأساسية وبشكل مباشر من الدول الصديقة لتحقق توازناً إلى حد ما بين العرض والطلب… لاسيما أن من أهم العوامل التي تسبب التضخم في الاقتصاد السوري هو ارتفاع المعروض النقدي على حساب انخفاض المعروض السلعي.المطلوب أيضاً من هذه المؤسسات في ظل عدم وصولها لتحقيق رضا الزبائن وأصحاب الدخول الضعيفة، أن تغير من أنشطتها وأساليب بيعها للسلع والمنتجات وأن تستخدم أساليب حديثة أكثر حداثة وتطوراً.. فالدخول الحالية لم تعد كافية أبداً أمام ارتفاعات الأسعار المتواصلة، والمستهلك لم يعد قادراً على تحمل الضغوط، ويبقى في حالة بحث دائمة عن البدائل الإسعافية، ولا بد هنا من زيادة انتشارها أفقياً وشاقولياً، وزيادة الرأسمال العامل فيها لتأمين الحاجات الأساسية بالأسعار والجودة المناسبين.ونبه إلى أنه يجب التركيز على الدور الرقابي على هذه المؤسسات، وتوافر مقومات ضبط الأسواق ومكافحة المخالفات الجسيمة المرتكبة من قبل بعض التجار الذين وجدوا في ظروف الأزمة فرصة لزيادة رأس مالهم على حساب الوطن والمواطن.كما رأى أنه من الضروري تشكيل فريق عمل مشترك من مؤسسات التدخل الإيجابي ووزارة التجارة الداخلية وجمعية حماية المستهلك والجهات الرقابية لتتولى مهمة إبرام عقود الشراء مع الدول المصدرة أو مع المنتجين المحليين للحصول على أسعار تفضيلية تنعكس إيجاباً على المستهلك، وبذلك تتحقق غايات تلك المؤسسات في توفير السلع بأسعار منافسة مقارنة مع السوق.قانون خاص..وأن تلعب دوراً احتكارياًوأشار إلى أنه من الضروري إيجاد قانون استثنائي لمؤسسات التدخل الايجابي له شروط إدارية ومالية تتناسب مع ظروف الأزمة وفيه الكثير من المرونة بعيداً عن البيروقراطية، تتولى تلك المؤسسات على أساسه استيراد ما تحتاجه مباشرة من بلد المنشأ أو الدول المجاورة دون المرور بالحلقات التجارية، وتكون هذه المؤسسات من خلاله أقرب إلى الصبغة الاحتكارية التي تفرض أسعارها في السوق، وذلك بهدف معالجة مؤقتة لمشاكل الاقتصاد الوطني التي فرضتها الأزمة، وترسم من خلال ذلك سياسة البيع لديها وفق أسس اجتماعية بهامش ربح بسيط يغطي نفقاتها الأساسية ويخلق جواً من التنافس في السوق.كما لا بد من أن تتدخل مؤسسات التدخل الايجابي وبسرعة، تدخلاً حقيقياً اجتماعياً، لا تدخلاً نظرياً وتجارياً، ويكون تدخلها بإعلان أسعار منطقية تراعي القوة الشرائية للمستهلك، وتأخذ في الحسبان ارتفاعات أسعار القطاع الخاص، وبذلك تحقق هدفها الاجتماعي التدخلي.“جريدة النور”
التاريخ - 2016-06-03 10:36 PM المشاهدات 1589

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا