شبكة سورية الحدث


قمة عسكرية في طهران: خطوات حازمة في سوريا؟

التصريحات الصادرة عن القمة العسكرية لوزراء دفاع كل من روسيا وسوريا وإيران في طهران، لا تقول الكثير بشأن ما تعتزمه الدول الثلاث في المرحلة المقبلة. أكثر الإشارات خطورة تلك التي صدرت عن الإيرانيين بالحديث عن «عواقب خطيرة على حكام السعودية» بسبب تنامي تعاونهم مع إسرائيل، والإعلان عن تأييد إيراني لهدنة شاملة في سوريا، مرتبطة بشروط ضرب التنظيمات الإرهابية ومنعها من استغلالها، فيما سيتحتم الانتظار لترجمة أقوال الوزير السوري بشأن الاتفاق على «مجموعة إجراءات ستحقق نتائج مستقبلية أفضل».اللقاء الثلاثي بحد ذاته وبمثل هذا التوقيت، أوحى بأن تحولا قويا سيعلن بشأن التطورات العسكرية على الساحة السورية، وربما تحديدا في حلب والرقة. الوزير الإيراني العميد حسين دهقان لمَّح صراحة إلى ضرورة إغلاق منافذ تسليح الإرهابيين وتمويلهم، في إشارة إلى الحدود التركية والدعم السعودي. لكن الاجتماع تزامن مع تصعيد من جانب فصائل «جيش الفتح» الذي تقوده «جبهة النصرة» في الجبهات الجنوبية والشمالية لحلب.وكان الجيش السوري تمكن، بعد تمهيد ناري كثيف من التقدم في منطقة الملاح والسيطرة على بعض النقاط، قبل أن تقوم الفصائل بهجوم مضاد، وتحاول انتزاع هذه النقاط، وسط تصاعد معارك الكر والفر في المنطقة. وقد قتل جراء الاشتباكات القائد العسكري في «نور الدين الزنكي» طه سلامة.أما في ريف حلب الجنوبي، فقد تمكَّن الجيش السوري، صباحا، من التقدم في المنطقة، واستعادة السيطرة على تلال القراصي والحميرة وأجزاء من قرية الحميرة، قاطعاً غالبية خطوط إمداد الفصائل المسلحة في المنطقة. فلجأت «جبهة النصرة» إلى سلاح المفخخات بكثافة، حيث نفذت ثلاث عمليات انتحارية في قرية خلصة الإستراتيجية التي تعد الهدف الرئيسي للفصائل في هذه المرحلة، لأن السيطرة عليها تجعل كلا من زيتان وبرنة بحكم الساقطتين.وقد استفتح المفخخات أبو عمير الأنصاري قبل موعد الإفطار بوقت قصير، لتدور في المنطقة معارك عنيفة كانت لا تزال مستمرة حتى ساعة متأخرة من الليل. وبالرغم من أن الصفحات الإعلامية لـ «جيش الفتح» أعلنت السيطرة على كل من خلصة وزيتان، إلا أن مصدراً ميدانياً من الجيش السوري أكد لـ «السفير» أنه على الرغم من شراسة المعارك وكثافة المفخخات، إلا أن الجيش بقي محافظاً على مواقعه في كل من خلصة وزيتان، نافياً صحة الأنباء التي تتحدث عكس ذلك.من جهة أخرى، أعلن تنظيم «داعش» أنه تمكن خلال هجوم مضاد من استعادة السيطرة على بعض القرى في ريف منبج الجنوبي الغربي، أهمها طحنة كبيرة وطحنة صغيرة وبرج ومزارع أم ميال، فيما يبدو أنه محاولة لمنع «قوات سوريا الديموقراطية» من تطويق المدينة من الجهات كافة، وبالتالي قطع جميع خطوط إمداد التنظيم.لقاء طهرانعقد وزراء دفاع إيران العميد حسين دهقان وسوريا العماد فهد جاسم الفريج وروسيا الجنرال سيرغي شويغو اجتماعاً في طهران، يهدف للتوصل إلى إجراءات حازمة وسريعة وشاملة ومنسجمة ضد الإرهاب.وقال دهقان، خلال الاجتماع، إن «إيران باعتبارها مصدر استقرار وأمن في المنطقة، وأحد أكبر ضحايا الإرهاب خلال عمرها السياسي المتسم بالعزة، قد واجهت دوماً الاعتداء والاحتلال والإرهاب بشكل جاد وشامل، وتعتبر اليوم أيضاً المواجهة الجادة والشاملة مع التيارات الإرهابية والتكفيرية والصهيونية بأنها واجب ومهمة ورسالة إنسانية، بهدف إرساء الاستقرار والأمن على صعيد المنطقة والعالم».وأضاف إن «إيران ترى أن معالجة الأزمة في سوريا والعراق واليمن، وسائر الدول والمناطق التي تواجه نزاعات وصراعات، تتم عبر المكافحة الحازمة ضد الإرهابيين من دون استثناء وقطع الدعم المالي والسياسي عنهم بشكل كامل، حتى الوصول، من جهة إلى مرحلة اجتثاث جذور الإرهاب، ومن جهة أخرى إيجاد أجواء آمنة وهادئة لتقرير المصير السياسي لهذه الدول من قبل شعوبها».وتابع دهقان: «إننا نعتبر أن وقف إطلاق نار شاملا، وتوفير إمكانية تقديم الإغاثة والإجراءات الإنسانية، بالتزامن مع الحيلولة دون تزويد التيارات الإرهابية ودعمها لوجستيا، والقيام بإجراءات عسكرية حازمة ضد الإرهابيين، خطوة أولى في عودة الاستقرار والأمن إلى المنطقة».وأعلن أن «تبرير دعم أميركا والسعودية وبعض الدول الأخرى في المنطقة للإرهابيين الذي يجري تحت غطاء دعم المعارضة المعتدلة، يثبت كذب مزاعم نظام الهيمنة حول مكافحته للإرهاب». ودان «التواطؤ بين الكيان الصهيوني والنظام السعودي، وعملياتهما المشتركة في دعم الإرهاب»، معتبراً أن «التحالف مع عدو المسلمين والبشرية، أي الكيان الإسرائيلي المصطنع، سيأتي بعواقب خطيرة جدا على حكام السعودية، وأن الشعوب المسلمة في المنطقة والعالم لن تتحمل هذا الخطأ الاستراتيجي».وأكد دهقان «ضرورة القيام بإجراءات حازمة وسريعة وشاملة ومنسجمة ضد الإرهاب»، موضحاً أن «الاجتماع الثلاثي في طهران عُقد لتحقيق هذا الهدف».وقال: «إننا ندعو المجموعات والتيارات الداخلية في سوريا لأن تجري مفاوضات مع الحكومة الشرعية في هذا البلد، من خلال اعتماد العقلانية وانتهاج أساليب سلمية في إطار مطلب وإرادة الشعب السوري، وأن تمضي خطوات من خلال المساعي المشتركة في إطار إرساء السلام والهدوء وإزالة خطر الإرهاب». وأضاف: «نأمل أن نستطيع إفشال وإحباط المؤامرة الخطرة التي تهدف إلى إثارة انعدام الأمن والتقسيم والمساس بسيادة الأراضي، والعبث بالسيادة الوطنية لدول المنطقة، من خلال تبادل وجهات النظر وبذل مساع مشتركة واتخاذ قرارات إستراتيجية».وقال الفريج، خلال الاجتماع: «إننا مستمرون في مواجهة الإرهاب والتصدي له في كل مكان في سوريا بكل إرادة وشجاعة، وذلك بدعم أصدقائنا وأشقائنا، السياسي والاقتصادي والعسكري»، مؤكداً أن «هزيمة الإرهاب في سوريا تعني هزيمة الإرهاب في المنطقة».وأضاف أن «سوريا تواجه الإرهاب التكفيري منذ أكثر من خمس سنوات، بزعامة أميركا التي زجت إمكانياتها الكبيرة لمحاربة سوريا، الأمر الذي تطلب منا مواجهة الإرهاب وأدواته، فمنذ اليوم الأول للأزمة قرر الرئيس بشار الأسد مواجهة الإرهاب وقَدَّمنا تضحيات كبيرة»، موضحاً أن «الدول التي قدمت لنا كل شيء طلبناه هي إيران الشقيقة وروسيا الصديقة، ونحن في القوات المسلحة نقدر عالياً كل ما قدمته إيران وروسيا وسننتصر في مواجهة الإرهاب».وأشار الفريج إلى أنه «التقى مع نظيره الروسي وكانت النتائج ممتازة، وهناك مجموعة إجراءات ستحقق نتائج مستقبلية أفضل»، موجها الشكر لإيران على الجهد الذي بذلته لعقد هذا الاجتماع. كما شكر وزير الدفاع الروسي، مضيفاً: «إننا نعلم جميعاً أن التضحيات في سوريا كبيرة، ونقدر عالياً ما قدمتموه، وهذا سيكون طريقنا إلى النصر».وقال شويغو، من جهته، إن «الإرهاب مشكلة على مستوى العالم، ونحن مقتنعون بأن التنسيق على المستوى العالي مهم بهذا الشأن»، مضيفا: «كانت لدينا لقاءات مكثفة مع الجانب السوري وحددنا الأهداف والخطط المستقبلية، وأنا على ثقة بتكرار هذه اللقاءات». واعتبر أن «تشكيل لجنة دائمة لتحقيق المهام العادية والإستراتيجية لمحاربة الإرهاب مهم على الصعيد العالمي وفي سوريا، وهذا الأمر يتطلب التنسيق مع العراق والدول الأخرى، ونحن ندعم العراق في محاربة الإرهاب».وأضاف شويغو: «نأمل بالتعاون البناء والمثمر، ونؤكد أن مسيرتنا في مكافحة الإرهاب مستمرة ومن دون تراجع، ونؤيد جهود الدول الأخرى التي تكافح الإرهاب».وكانت وزارة الدفاع الروسية أوضحت، في بيان، أن الاجتماع الثلاثي سيركز على الإجراءات ذات الأولوية لتعزيز التعاون بين وزارات الدفاع في الدول الثلاث في محاربة تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة».إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة في موسكو: «إننا نولي اهتماماً خاصاً في المرحلة الحالية لضمان الالتزام الكامل والمطلق بنظام وقف الأعمال القتالية، انطلاقاً من تفهم واضح لضرورة استثناء داعش وجبهة النصرة، وأولئك الذين يتعاونون مع التنظيمين، بالإضافة إلى ضرورة وضع حد لتسلل الإرهابيين والأسلحة من تركيا».وحذر لافروف من أن «التباطؤ في ضرب الإرهابيين، وتأجيل العمل العسكري بذريعة إعطاء مزيد من الوقت للمعارضة السورية المسلحة لكي تتنصل من مواقع داعش والنصرة، أصبحا أمراً ضاراً»، مذكراً بأن «أشهرا عدة مرت على تبني مجلس الأمن الدولي لقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا كأساس للتسوية في هذا البلد»، ومعتبراً أن «هذا الوقت كان كافياً لأي فصيل مسلح لكي يختار ما إذا كان سينضم إلى نظام وقف الأعمال القتالية أم لا، ولذلك طرحنا هذه الفكرة أمام شركائنا الأميركيين، كونهم يتزعمون التحالف الدولي المعروف، وذكرنا لهم بأن مواصلة الانتظار سيكون أمراً ضاراً في ما يخص مهماتنا المشتركة في مجال محاربة الإرهاب».وأكد لافروف أنه «بالإضافة إلى جبهة النصرة وداعش يجب أن تتحمل الجماعات كافة التي لم تنضم للهدنة، أو تخترق نظام وقف الأعمال القتالية رغم انضمامها له، كامل المسؤولية عن قرارها»، موضحاً «إنني أعول على أن ينضم شركاؤنا الأميركيون الذين وافقوا على هذا، إلى إجراءاتنا العملية لكي لا نسمح للإرهابيين باستغلال الوضع الراهن لتعزيز مواقعهم على الأرض».(«السفير»، «إرنا»، «فارس»، «سانا»، «سبوتنيك»، ا ف ب)
التاريخ - 2016-06-10 6:27 AM المشاهدات 696

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا