في 23 آذار الماضي، فاجأ الرئيس الأميركي باراك أوباما العالم أجمع، حين أمضى ليلةً خلال زيارته الرسمية للأرجنتين، وهو يتمايل مع راقصةٍ سمراء على أنغام موسيقى «التانغو» الشهيرة في البلاد، على بُعد يومين من تفجيرات مطار بروكسل الدموية. صور أوباما أغضبت الأوروبيين، الذين تعبث «الذئاب المنفردة» لـ «داعش» في بلادهم بين فترة وأخرى. قبلها، كان الرئيس الأميركي قد أكد في آخر خطاب له أن تنظيم «داعش» لا يشكل «خطراً وجودياً» على بلاده، في رسالة وُجِّهت خصوصاً إلى المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي شن حملةً عنصرية على المسلمين في الولايات المتحدة، مهدداً كذلك بمنع دخولهم إلى البلاد.اليوم، بات بإمكان ترامب أن يشعر بالنشوة، وكذلك التنظيم المتطرف الذي كان حث أنصاره على استهداف أميركا وأوروبا في شهر رمضان. وبعد هجوم سان برناردينو الدموي في ولاية كاليفورنيا في كانون الأول الماضي، والذي نُفِّذ من قبل كل من تاشفين مالك الباكستانية التي أقامت في السعودية، وخطيبها سيد فاروق واستهدف مصحاً عقلياً، لم يعد بإمكان الإدارة الأميركية إبقاء قدميها في «الماء البارد»، بعدما شهدت الولايات المتحدة، وولاية فلوريدا تحديدا، فجر أمس أكبر هجوم بسلاح منفرد في تاريخها الحديث. الضحايا هذه المرة، كانوا يرقصون في ملهى ليلي للمثليين في مدينة أورلاندو. أما المنفذ الذي أعلن مبايعته لـ «داعش» قبل ساعات من تنفيذه الهجوم، فهو أميركي من أصول أفغانية يشير ملفه إلى تعاطفه مع «الإسلاميين».وكان مطلق النار الذي ذكرت وسائل الإعلام الأميركية أن إسمه عمر صديق متين، وهو أميركي من أصل أفغاني في التاسعة والعشرين من عمره، قد أعلن مبايعته لـ «داعش» في اتصال بخدمات الطوارئ على الرقم 911، قبل لحظات من تنفيذه جريمته، علماً بأنه معروف سابقاً لدى مكتب التحقيقات الفدرالي بـ «تعاطفه» مع الإسلاميين، بحسب شبكتي «ان بي سي» و»سي ان ان»، رغم أن سجله كان نظيفاً.وسارعت وكالة «أعماق» القريبة من التنظيم المتطرف لإعلان أن «مقاتلاً» من «الدولة الإسلامية» ارتكب المجزرة الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة.ونقلت الوكالة عن «مصدر» قوله إن «الهجوم المسلح الذي استهدف نادِياً ليليا للشواذ في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا الأميركية والذي خَلَّف أكثر من مئة قتيل ومصاب نفذه مقاتل من الدولة الإسلامية».وخلّفت المجزرة، التي سبقها احتجاز رهائن لساعات عدة، 50 قتيلاً على الأقل، و53 جريحاً، وهي الحصيلة الأكثر دموية في التاريخ الأميركي الحديث، وانتهت بمقتل منفذها في تبادل للنار مع قوات الأمن.وبعد 12 ساعة من وقوع المجزرة، تحدث الرئيس الأميركي، مندداً بـ «عمل إرهاب وكراهية»، ومشيداً بفتح الـ «أف بي آي» تحقيقاً في عمل إرهابي».وقال أوباما في كلمة مقتضبة مباشرة من البيت الأبيض رفض فيها الإجابة على أسئلة الصحافيين إن «اي عمل إرهاب وكراهية لا يمكن أن يغير ما نحن عليه»، مُصْدِراً أمراً بتنكيس جميع الأعلام على المباني الفدرالية حداداً على الضحايا.من جهته، شكر مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب عبر موقع «تويتر» الأشخاص الذين «هنأوه بأنه كان على حق في شأن الإرهاب الإسلامي المتطرف»، لكنه أضاف: «لا أريد التهاني، بل أريد الحذر والحزم. لا بد لنا من أن نكون أذكياء». أما المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، فدانت «عملاً مأساوياً».وروى شهود في أورلاندو مشاهد رعب وسقوط قتلى ودماء في كل أنحاء الملهى المستهدف.وقال أحد مرتادي ملهى «ذي بالس» ريكاردو نيغرون لشبكة «سكاي نيوز» الإخبارية إن «أحدهم بدأ بإطلاق النار وارتمى الناس أرضاً»، مضيفاً: «توقف إطلاق النار لفترة قصيرة، وتمكن كثيرون منا من النهوض والخروج من الباب الخلفي»، فيما أوضح شاهد آخر أنه «سمع إطلاق نار متواصل» لأقل من دقيقة.وفي بيان لها، أعلنت الشرطة المحلية أن ما حصل بدأ بـ «احتجاز رهائن» قرابة الساعة الثانية فجرا بالتوقيت المحلي. وبعد ثلاث ساعات، «تدخلت وحدات النخبة في الشرطة».وأورد الإعلام أن المشتبه به الذي تحرك بمفرده كان يقيم على بعد مئتي كيلومتر جنوب شرق أورلاندو في مدينة بورت سانت لوسي.وسارع والد منفذ الهجوم، مير صديق، للتأكيد بأن الهجوم «ليس له أي علاقة بالدين»، ويبدو أنه يستهدف المجموعة المثلية.وقال: «كنا في وسط مدينة ميامي، وقد شاهد (إبنه) رجلين يتبادلان القبل على مرأى من زوجته وإبنه وانتابه غضب شديد». لكنه أضاف: «نحن مصدومون مثل جميع سكان البلاد».وفيما أكدت السلطات في أورلاندو أن «لا تهديد آخر»، أجازت لإمام مسجد محلي التحدث خلال مؤتمر صحافي، حيث دعا إلى «الهدوء»، طالباً من السكان ووسائل الإعلام عدم التسرع في تحديد دوافع مطلق النار.وأورلاندو الواقعة في منطقة أورانج، يقطنها نحو 250 ألف نسمة، وهي معروفة بمراكز الترفيه فيها وخصوصاً مجمع «ديزني وورلد».(«السفير»، أ ف ب، أ ب، رويترز)
التاريخ - 2016-06-13 6:46 AM المشاهدات 915
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا