شبكة سورية الحدث


«أحرار الشام» والمناورة التركية: «كانتون إسلامي» لمواجهة «الكردي»!

من الاقتراحات السرّية التي تجري مناقشتها ضمن حلقةٍ ضيّقة من قيادة «أحرار الشام» في إطار المراجعات التي تجريها على استراتيجيتها السياسية، اقتراحٌ يتعلق بمحاولة فرض كانتون إسلامي على أي مشروع فدرالي يُطرح كحلّ للأزمة السورية.رغم أن مجرد التداول داخل القيادات العليا في «أحرار الشام» حول موضوع الكانتون الإسلامي يُعدّ تراجعاً عن مبادئ الحركة التي تنص على إقامة مشروعها الإسلامي الخاص على كامل التراب السوري، إلا أن طرحَ هذا الموضوع في هذا التوقيت يدلّ على وجود أصابع تركية وراءه. وذلك لأن أنقرة التي تدخلت عسكرياً في شمال سوريا لإفشال الجهود الكردية في استكمال الوصل الجغرافي بين كانتونات الادارة الذاتية، لن تكتفي بذلك، بل ستحاول إجهاض مشروع الفدرالية ووأده قبل أن يرى النور سواء في شرق الفرات أو غربه.وقد تكون إحدى الأدوات التي يجري تحضيرها لمواجهة الفدرالية الكردية هي محاولة وضع واشنطن وغيرها من العواصم المعنية أمام الأمر الواقع من خلال تبني كانتون إسلامي تكون مهمته إحراج بعض الأطراف الدولية ومنعها من السير خلف الأجندة الكردية، وإلا فسيكون هذا الكانتون المدعوم تركياً عاملَ تفجيرٍ للفدرالية في حال إقامتها بسبب التناقضات الجوهرية بينه وبين الكانتون الكردي.وتنطلق «أحرار الشام» في مراجعاتها من أنها ستكون هي قطب الرحى في أيّ حل، وأنه لن يكون ممكناً لأي طرف أو مجموعة أطراف إقليمية ودولية تمرير الحلول من دون موافقتها وأخذ مصالحها بعين الاعتبار، كما تعتقد الحركة أنها تمتلك من الوسائل والأدوات ما يمكنها من عرقلة أي خطة لا تحظى بموافقتها. وهي تستند في ذلك على وزنها العسكري والشعبي وشرعيتها «الجهادية» التي تزايدت بعد اضطرار «جبهة النصرة» إلى التخلي عن غطاء «القاعدة» الذي كان يمنحها شرعية متفوقة.وقد تكون «أحرار الشام»، بخلاف الفصائل المرتبطة عضوياً مع غرف العمليات الدولية، لا تزال تتمتع بقدر مُعين من الاستقلالية في اتخاذ قراراتها السياسية والعسكرية. لكن هذا لا يصدق على القضايا السياسية والعسكرية التي تكون لها أبعاد إقليمية ودولية، إذ أن الحركة مضطرة في هذه الحالات لمراعاة مصالح الدول الداعمة لها، وعلى رأسها تركيا. بل في بعض الحالات، بدت الحركة وكأنها تتقمص السياسة التركية، وهو ما ظهر جلياً عندما دعمت الحركة مشروع المنطقة الآمنة بالرغم من مناهضة «جبهة النصرة» له ووصفها المشروع بأنها «في خدمة الأمن القومي التركي» أي بعبارة أخرى كأن «النصرة» تقول إن «أحرار الشام» تخدم الأمن القومي التركي ومستعدة للقتال من أجله.هذا التماهي بين مواقف «أحرار الشام» وبين السياسة التركية ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج سنوات من العمل والتخطيط تداخلت فيه الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية، بدءاً من تسليم المعابر الحدودية لحركة «أحرار الشام»، مروراً بافتتاح مراكز ومكاتب لقادتها ضمن المدن التركية والسماح لهم بالعمل بحرية تامة، بل وتأمين ما يلزمهم من دعم لوجستي، وصولاً إلى الدعم الكثيف بالسلاح، بالإضافة إلى فرز بعض الضباط الأتراك لتدريب عناصر الحركة، وكذلك لوضع خطط لبعض المعارك الصعبة، وأحياناً الدعم المباشر بالقصف المدفعي والجوي في بعض المعارك القريبة من الشريط الحدودي.وفي غمرة العمل العسكري المحتدم على الجبهات كافة، كانت «أحرار الشام» تشترط في أي اتحاد يجري بينها وبين الفصائل الأخرى أن يكون «المكتب السياسي» من حصتها، متخليةً ببساطة عن القيادة العسكرية التي كانت في السنوات الأولى من الأزمة السورية تنطوي على إغراء كبير وقع في فخه قادة الفصائل الأخرى ممن لم يكن لديهم رؤية مستقبلية.هذا كان شرط «أحرار الشام» عند تأسيس «الجبهة الاسلامية» في العام 2013، حيث احتفظ قائدها السابق حسان عبود برئاسة المكتب السياسي، بينما كانت القيادة العسكرية لزهران علوش القائد السابق لـ «جيش الاسلام»، ورئاسة مجلس الشورى لأبي عيسى الشيخ، قائد «صقور الشام» الذي انفصل مؤخراً عن «أحرار الشام». واليوم، في خضم المحادثات التي تجري بين الفصائل بهدف التوحد والاندماج ضمن كيان واحد، تسرّب ايضاً عبر إعلاميين مقربين من محمد أيمن أبو التوت، أبو العباس الشامي، الأب الروحي للحركة وأحد أبرز مؤسسيها والمؤثرين فيها، أن الحركة اشترطت في بعض الاجتماعات أن يكون المكتب السياسي للكيان الجديد من حصّتها وترك القيادة العسكرية لـ «جبهة النصرة».لكن الأهم، والذي قد يكون على صلة مباشرة بموضوع الكانتون الاسلامي الذي ناقشته الحركة سراً ضمن حلقة ضيقة من قيادتها العليا، هو أن الحركة بدأت في الاجتماعات الأخيرة مع الفصائل، تعمل على حرف موضوع النقاش من فرضية الاندماج التي هي الأساس الذي بدأت الاجتماعات بهدف دراسته والعمل على تحقيقه، إلى فرضية إنشاء «حكومة إسلامية» ضمن المناطق التي تسيطر عليها الفصائل.ويقوم اقتراح «أحرار الشام» على محاولة إقناع الفصائل بضرورة العمل على إنشاء «إدارة ذاتية» تطبق الشريعة الاسلامية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المشاركة في الاجتماعات، وأن التنسيق حول هذه «الادارة الذاتية» سيؤدي تلقائياً إلى تقريب الفصائل من بعضها، وبالتالي يكون الاندماج قد أصبح أسهل وأكثر قدرة على الصمود في وجه التحديات التي واجهت تجارب اندماج سابقة.لكن الحركة أو أياً من أعضائها لم يُلمّح مجرد تلميح أمام قادة الفصائل الأخرى إلى أن «الادارة الذاتية الاسلامية» يُمكن أن تطرح كأحد مكونات مشروع الفدرالية السورية لمواجهة «الإدارة الذاتية العلمانية» التي يمثلها الأكراد، وذلك مخافة أن يؤدي ذلك إلى إجهاض جهود الحركة التي تبذلها للالتفاف على ضغوط «جبهة النصرة» بخصوص تسريع الاندماج.السفير
التاريخ - 2016-09-07 6:22 AM المشاهدات 586

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا