شبكة سورية الحدث


روسيا تنوي إقامة قاعدة بحرية دائمة في طرطوس

في نهايات آذار من العام الماضي، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد عن ترحيبه بأي خطط روسية لتوسيع وجود الروس العسكري في سوريا، لا سيما في طرطوس حيث تمتلك البحرية الروسية رصيف خدمة وصيانة سفن حربية منذ سبعينيات القرن الماضي، طوّرته أخيراً لتأمين احتياجات القاعدة الجوية في حميميم.وجاءت الاستجابة أخيراً، بإعلان وزارة الدفاع الروسية رغبتها إنشاء قاعدة بحرية دائمة في المدينة، وذلك استجابة لعوامل عدة بينها الرغبة السورية، والحاجة اللوجستية، وآفاق الاستراتيجية العسكرية الروسية، التي تؤكد أن مستقبل المنطقة عموماً وليس سوريا فقط، بات أكثر غموضاً من أي وقت مضى.وجاء الاعلان الروسي من وزارة الدفاع الروسية أمس. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن نائب وزير الدفاع الروسي نيقولاي بانكوف قوله، خلال اجتماع للجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ (الاتحاد) الروسي أمس، «ستكون لدينا في سوريا قاعدة عسكرية بحرية دائمة في طرطوس. ولقد تم إعداد وثائق بهذا الشأن، ويتم التنسيق بشأنها حالياً بين مختلف الهيئات».وتوقّع بانكوف بأن تطلب وزارة الدفاع الروسية قريباً من البرلمان المُصادقة على الوثائق بهذا الشأن.وكان الرئيس الأسد، في نهاية آذار من العام الماضي وفي لقاء مع مجموعة من الإعلاميين الروس، قال رداً على سؤال بهذا الخصوص بأن سوريا تُرحّب «بكل تأكيد، بأي توسّع للتواجد الروسي في شرق المتوسط، وتحديداً على الشواطئ وفي المرافئ السورية».ورأى الأسد أن «التواجد الروسي في أماكن مختلفة من العالم، بما فيها شرق البحر الأبيض المتوسط، ومرفأ طرطوس السوري، ضروري جداً، لخلق نوع من التوازن الذي فقده العالم بعد تفكك الاتحاد السوفياتي منذ أكثر من 20 عاماً».ورحّب الرئيس السوري حينها بالتواجد الروسي في بلاده والمنطقة، قائلاً: «بالنسبة لنا، كلما تعزّز هذا التواجد في منطقتنا، كلما كان أفضل بالنسبة إلى الاستقرار في هذه المنطقة، لأن روسيا تلعب دوراً مهماً في استقرار العالم».وكتبت «السفير» حينها، (1 نيسان 2015) عن «المد والجزر» في العلاقة بين موسكو ودمشق من هذه الناحية.فبينما كان الرئيس الراحل حافظ الاسد أكثر ميلاً للحفاظ على مسافة «مرنة» في التحالف بين البلدين، و ل اسيما في ما يخصّ القواعد الدائمة على الطريقة الأميركية، وذلك حتى سقوط الاتحاد السوفياتي في التسعينيات، بات الميل لـ «جذب الروس عسكرياً إلى المنطقة في دمشق أقوى» لاحقاً، وتحديداً بعد الاحتلال الأميركي للعراق.ومع دخول الأزمة السورية نفق الحرب المُعقّدة التركيب الأعوام الماضية، وتحوّل سوريا إلى مسرح حروب بالوكالة، أكد ديبلوماسيون ومسؤولون سوريون لـ «السفير»، أن سوريا أبدت رغبتها في توسيع التواجد الروسي في منطقة شرق المتوسط، وتحديداً عبر طرطوس، بحيث يتحوّل إلى تواجد عسكري محدود المعايير».والآن، مع دخول هذه العلاقة طوراً جديداً، من التحالف العسكري والسياسي، توصّل الطرفان للنتيجة المحتمة بأنه لا بدّ من تحويل الرصيف البحري المتلاصق مع مرفأ طرطوس التجاري إلى قاعدة حقيقية.ومعروف أن الرصيف لم يكن يتمتع بقوة عسكرية، وكان نشاطه يقتصر على عمليات الصيانة الفنية لسفن الأسطول الروسي خلال عبورها المتوسط كل أشهر عدة، في زيارات، بينها ما هو روتيني وما هو زيارات عمل.ويعود تاريخ بناء الرصيف إلى العام 1971، وخضع لعمليات تجديد في العام 2009، فاستُبدلت «قطع صدئة، وتم رفع وتبديل 16 مرساة (تزن كل واحدة 50 طناً)، ومدت خطوط أنابيب للمياه العذبة، وغيرها من أعمال الصيانة والتحديث» وفق ما ذكرت وسائل إعلام روسية حينها.إلا أن الحديث توقّف، حتى العامين الأخيرين، حينما بانت الحاجة الفعلية لتعزيز الوجود الروسي في المتوسط في ظلّ استيقاظ الحرب الباردة. وفي آذار العام 2013، اكتشفت قوى الأمن السورية بالصدفة البحتة، أجهزة رصد وتجسّس إسرائيلية متطوّرة للغاية على إحدى الجزر الصخرية المهجورة، على مسافة لا تبعد سوى مئات الأمتار عن شاطئ طرطوس، وكيلومترات معدودة عن الرصيف البحري الروسي.وترك هذا الحادث اسئلة كبيرة حول أمن القوات الروسية مستقبلاً، الأمر الذي دفع إلى اتخاذ إجراءات عسكرية مشدّدة على الشواطئ السورية وفي المرفأ. وهي اجراءات ستزيد مستقبلاً، كما يبدو، وربما تُقلّص من نشاط المرفأ التجاري أيضاً.وتزامن هذا الأمر مع قيام الجانبين نهاية العام ذاته بتوقيع صفقة هي الكبرى من نوعها بينهما، للتنقيب عن النفط في مياه الساحل السوري، بمساحة تغطي 2190 كيلومتراً مربعاً، وبطموحات اقتصادية، لاستخراج 2,5 مليار برميل نفط ونحو 8,5 تريليون قدم مكعب من احتياطات الغاز المثبتة، وفقاً لما نشرته مجلة «اويل اند غاز» حينها.وحين نُقل عن الأسد رغبته هذه، في ربيع العام الماضي، علّق مسؤول عسكري روسي في هيئة الأركان الروسية أن هذا الموضوع يحتاج إلى قرار من القيادة العليا.نقلت مواقع روسية عن المصدر السابق في القوات البحرية الروسية قوله إن «أي قرار لتحديث البنية التحتية لمركز الإمداد المادي والتقني الروسي في طرطوس، لا يُمكن أن يتمّ إلا بعد اتخاذ قرار سياسي بهذا الخصوص يجري بالتنسيق مع الجانب السوري»، موضحاً أن أي تحديث يجب أن يجري «بمراعاة الموقف السياسي والعسكري في منطقة البحر المتوسط»، وبالتالي «سيشمل تعزيز جميع أنواع حماية المشروع بما في ذلك الدفاع المضاد للجو وضدّ المُخرّبين، وسيجري بالتنسيق مع الجانب السوري». ويبدو أن شروط الأمس باتت تحكم أحوال اليوم وربما مستقبل الغد.
التاريخ - 2016-10-11 8:11 PM المشاهدات 674

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا