شبكة سورية الحدث


لمياء عاصي تكتب...ظواهر اقتصاد العنف !!!

الكثير من التقارير الصحفية والبحثية حول سورية تصدر عن مؤسسات شتى , وكلها تتحدث عن ظروف الحرب اللعينة والخسائر التي بلغت مليارات الدولارات , حيث ارتفعت نسب البطالة و الفقر، وحصل انكماش في الناتج الإجمالي المحلي، وبات أكثر من 80% من الشعب السوري على قارعة الفقر المدقع , وبعد سنوات من الحرب ولأول مرة في المجتمع السوري بتنا نشاهد ظواهر اقتصاد العنف من سرقة وسلب وتشليح وخطف ... , وبرغم كل التصريحات الحكومية عن مكافحة الفساد , فقد أصبح وباء غير قابل للمعالجة أو الاجتثاث. أن تقوم الحكومات بالاعتراف بوجود الفساد والتوعّد بمكافحته لا يكفي إطلاقا ًلإحداث أي فرق , يجب أن يدرك صناع القرار الأسباب الحقيقية للفساد ويسعون لمكافحته، انطلاقاً من العوامل الحقيقية المسببة له, والتي يأتي تدني معدل دخل موظفي الدولة في مقدمتها , كما يعرف الجميع أنه عالمياً هناك جملة من الظواهر تأتي على شكل حزمة وتدور في حلقات مفرغة , مثلاً الفقر يؤدي إلى تدني التنمية البشرية وخصوصاً التعليم و الصحة، وهذا بدوره يؤدي للجهل والأمراض وبالتالي الفقر من جديد، وكل ذلك يؤدي إلى المزيد من الفقر والفساد من جديد , يروى عن رئيس وزراء سنغافورة "لي كوان يو" أنه وفي زيارة إلى روسيا في التسعينات، وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي، سأل "بوريس يلتسين" الرئيس الروسي آنذاك ..كيف حال الحكومة لديكم ..؟؟ فقال يلتسين : المشكلة هي الفساد الذي ينتشر بشكل كبير .. فردّ رئيس وزراء سنغافورة لي كوان يو , لا بدّ أنها حكومة رخيصة (بمعنى أن رواتب الموظفين قليلة ) . هل يعتبر الفقر العامل الوحيد المسبب للفساد في البلد , أم أن الموضوع له علاقة بعوامل أخرى , مثل وجود القوانين والفرص الاقتصادية وتساوي الناس أمامها , وعدم الشعور بأن هناك أناس لهم أفضلية معينة , منذ أيام التقى وزراء كل من المالية والاقتصاد ومدير عام الجمارك مع الفعاليات التجارية في دمشق , وتحدث رئيس غرفة التجارة وقال : " شعارنا في الغرفة أن سورية لجميع أبنائها، وكل فرد لديه حصة مساوية للآخر ، ولا أحد له حصة أكثر من الثاني" .. وأضاف " لا يحق لأحد أن يأكل البيضة والتقشيرة لوحده.. فهذا أمر غير مقبول " . الشعار بحدّ ذاته يعكس اتهاماً للحكومة بأنها تحابي البعض على حساب الآخرين، والناس غير متساوين أمام الفرص الاقتصادية .   في سورية وبسبب حالة الحرب , هناك حالة مختلطة بين تفهّم الأسباب الحقيقية للبؤس الاقتصادي، وعدم الرضا عن الأداء الحكومي بشكل عام . مؤشر البؤس الاقتصادي عالمياً , من أهم المؤشرات لقياس مستوى التنمية في الدول , وهو يحسب عادة من حاصل جمع نسب البطالة والتضخم والفوائد المصرفية، والفرق في نمو الناتج المحلي الإجمالي عن النمو المتوقع . في سورية , يجب أن يضاف لمؤشر البؤس ... نسبة السخط الشعبي على التصريحات الحكومية المنفصلة عن الواقع , حيث لا تعكس هذه التصريحات أي نوع من التواصل بين الناس والحكومة , مثلاً وزير يصرح بأن هناك عدالة وشفافية في منح إجازات الاستيراد, ومعروف للناس أن إجازات الاستيراد تمنح لأشخاص معينين، أو وكلائهم الذين يحتكرون المواد التي يستوردونها , مسؤول اقتصادي آخر يصرح بأن زيادة الرواتب أصبحت سياسة عفا عنها الزمن ...وأن الأولوية هي لزيادة الإنتاج وتنمية الصناعات , الحقيقة هو أكثر تصريح محبط لأنه لا يعترف بالواقع المزري للناس، وخصوصاً موظفي الدولة الذين أصبحوا من فقراء البلد بامتياز مالم يكونوا مرتشين وفاسدين , حيث يصبح الفساد هو الطريق الوحيد لتأمين احتياجات الناس الضرورية . إن واقع الحال الذي تعيشه سورية منذ ست سنوات يمكن تلخيصه بثلاث نقاط كما يلي : 1- تدنّي الموارد المتاحة لتلبية الاحتياجات وتقديم الخدمات العامة والموارد القليلة، سواء تلك المتأتية من البترول والثروات الباطنية الأخرى، أو الفوائض الاقتصادية للمؤسسات المملوكة للدولة، أو من الضرائب والرسوم الجمركية في البلد. 2- عدم الكفاءة في اتخاذ القرارات الحكومية بما ينجم عنه زيادة في الإحباط العام للناس , وخصوصا أن القرار المتّخذ لا يأخذ حقه من الدراسة وجمع التأييد والمناصرة له , مثل " قرار تقسيم جامعة دمشق غير معروف وغير مفهوم، أو على الأقل لا أحد يدرك الحكمة من تقسيم جامعة عريقة تأسست في بداية القرن الماضي وقاربت المئة عام من عمرها " . 3- عدم البحث في جذور المشاكل التي يعاني منها الناس بدلاً عن اتخاذ القرارات التي تعالج بعض المظاهر فقط، مثل محاولة ضبط الأسعار عن طريق النزول إلى المحلات بدلاً من البحث عن الأسباب الرئيسية لارتفاع الأسعار، مثل الاحتكار والعراقيل التي تعترض عمليات الإنتاج أو الاستيراد، يضاف إليها الكلف المخفية من رشاوى وغيرها . كل النقاط السابقة تؤدي إلى حالات من الفشل المتتابع في الكثير من مناحي الدولة , وفي استعراض أهم القواسم المشتركة لتلك الدول نجد : • عدم القدرة على تنفيذ القانون بشكل متساو على جميع المواطنين . • الفشل في تقديم الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم .. أو تقديمهما بجودة متدنية تجعل الناس يلجؤون إلى القطاع الخاص أو السفر إلى الخارج . • عدم توفر الفرص الاقتصادية للناس بشكل متكافئ، مما يوفر مناخاً جيداً للفساد . عدد من العوامل التي تشترك بها الدول غير القادرة على تحقيق التنمية والنهوض الاقتصادي , فهل ستتحول سورية إذا ما استمرت بهذا الشكل ...إلى دولة دائمة التواجد في ذيل القوائم العالمية .. للشفافية والنزاهة ..والنمو ..والرفاهية ..والإنتاج ...ومعدل دخل الفرد وصحته ونصيبه من التعليم ؟؟؟
التاريخ - 2017-03-16 10:44 PM المشاهدات 847

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم