سورية الحدث ... بقلم محمد الحلبي لا أعتقد أن الغرب عبر العصور كلها وفي رحلة بحثهم عن كيفية السيطرة على العقل الشرقي كانوا يطمحون أن يصلوا إلى نصف ما وصلوا إليه عبر اختراعهم للهواتف النقالة (الموبايلات)، سواء حاولوا السيطرة على عقولنا بالرياضة أو عبر المسلسلات الفاضحة، أو حتى عبر أفلام الجنس وغيرها، فكل ذلك ربما يسلبنا عقولنا لساعاتٍ لا أكثر، وقد نتأثر بشخصية لاعب كرة قدم أو ممثل أو ممثلةٍ ما ونحاول تقليدهم ليس بلباسهم وبطريقة عيشهم فحسب، بل في طريقة تفكيرهم واعتقاداتهم أيضاَ، وفي كل مرة يأتي من يردعنا، سواء الدين أو الأخلاق أو العقل، ليعيدنا إلى جادة الصواب، لكننا اليوم بتنا سجناء لذلك الجهاز الذي يماثل حجمه حجم كف اليد، وأصبحت عقولنا أسيرة لتلك البرامج والتطبيقات.. صار عالمنا كله مختزل ببضع (سيمات) ووجوه.. أصبحنا مجرد أرقام في موبايلات معارفنا وأصدقائنا، صار هذا الجهاز هو مرآتنا لهذا العالم، فلا تكاد أعيننا تبصر النور حتى تسارع أيدينا إليه.. ما إن تطلع الشمس حتى نفتح ذلك الجهاز وندخل من بابه إلى حجراته وغرفه ونغلق وراءنا الباب في سجنٍ فرضناه على أنفسنا بملك أرادتنا، ولا نرضى لأحد أن يزورنا إلا من خلاله.. نمشي في الطريق والعالم من حولنا قد سقط، فلعالم موجود في الشاشة التي تملأ كفنا فقط...أي استعمار هذا الذي جعلنا نبذل الغالي والنفيس ونجرد أنفسنا من كل متع الحياة للحصول عليه، أن نرجوه ليقبلنا سجناء بين برامجه وتطبيقاته، أن نتسول الإعجابات (واللايكات) من ذوي القربى والأصدقاء، أن نحظر كل من يخالفنا الرأي، ونغوص في مناقشاتٍ تافهة بين صدٍ ورد وأعيننا تعمى عما يدور حولنا في العالم الواقعي ونحن قد سجنَّا أنفسنا بين جدران هذا العالم الافتراضي، وشِبَاك العنكبوت تُنسج من حولنا وتُحيط بنا من كل جانب، ونحن ننتظر قدرنا ريثما يحين دورنا لنصبح في بطن العنكبوت...
التاريخ - 2017-06-17 11:01 AM المشاهدات 1011
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا