شبكة سورية الحدث


عيدٌ بأية حال عدت يا عيدُ

سورية الحدث  طويلة هي الفترة التي قضاها أبو الطيب المتنبي في صحبة أمير حلب سيف الدولة الحمداني، عاش خلالها مكرما عزيزا، حتى كانت جفوة بينهما قرر عندها الشاعر الكبير أن يرحل إلى "أم الدنيا" آملا أن يجد فيها "من يحنو عليه". استقبله حاكمها كافور الإخشيدي بالوعود البراقة فاستبشر المتنبي خيرا وهو المتطلع إلى الغنى والمجد والسؤدد، فأخذ يمدحه زمنا بما فيه وبما ليس فيه على عادة الشعراء المتطلعين إلى ما في يد الحكام، غير أنه كلما مر الوقت لم يجد صدى للوعد الذي يتكرر حينا بعد حين، حتى إذا استيأس المتنبي قرر نهائيا أن يغادر مصر في يوم "العيد" وأنشأ عند خروجه في نحو ثلاثين بيتا قصيدته المشهورة التي مطلعها:عيدٌ بأية حال عدت يا عيدُ / بما مضى أم لأمر فيك تجديدُأما الأحبة فالبيداء دونهمُ / فليت دونك بيدًا دونها بيدُلم يترك الدهرُ من قلبي ولا كبدي / شيئا تُتَيِّمُه عينٌ ولا جِيدُيا ساقيَيَّ أخمرٌ في كئوسكما / أم في كئوسكما همٌّ وتسهيدُأصخرةٌ أنا؟! ما لي لا تُحرّكني /هذي المُدامُ ولا هذي الأغاريدُإذا أردتُ كُمَيْتَ اللون صافية / وجدتَها وحبيبُ النفس مفقودُماذا لقيتُ من الدنيا وأعجَبُه / أني بما أنا شاكٍ منه محسودُأمسيت أرْوَحَ مُثْرٍ خازنا ويدا /أنا الغني وأموالي المواعيدُإني نزلت بكذابين، ضيفهمُ / عن القِرى وعن التَّرحال محدودُجود الرجال من الأيدي، وجودهمُ / من اللسان، فلا كانوا ولا الجودُنامت نواطيرُ مصر عن ثعالبها / فقد بَشِمْن وما تفنى العناقيدُوعندها لذَّ طعمَ الموت شاربُه / إن المنية عند الموت قِنديدُرحم الله المتنبي؛ فكأنه بيننا اليوم، وما أشبه الليلة بالبارحة.
التاريخ - 2017-06-29 11:58 AM المشاهدات 436

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم