شبكة سورية الحدث


زواج الأقارب..... ظاهرة اجتماعية خطرة ... تورث مشكلات صحية

زواج الأقارب..... ظاهرة اجتماعية خطرة  ...  تورث مشكلات صحية لاشك أن الزواج أسمى روابط إنسانية التي سنتها الأديان السماوية ,وصدقت عليها الأعراف ونظمتها لتتفق مع الفطرة ,وكغيره من أمور الحياة , يحتاج الزواج إلى التدقيق والتفكير , ووضع الأسس السليمة التي تستقيم بها هذه الشركة حتى لا تشكل مصدر تعاسة أو ضرر لأطرافها , ومن هنا يكون الاهتمام أولاً بالاختيار المناسب الذي يتطلب مراعاة عدة نقاط منها : الدين والخلق, والتكافؤ الاجتماعي وأخيراً التوافق الطبي الذي لم يكن هناك اهتمام كبير به.                                                                                                                 فيما مضى مع أنه يؤثر في استقرار الحياة الزوجية وسلامة الأطفال الذين يولدون وتتضاعف أهمية هذا الجانب خصوصاً مع العادات والتقاليد العربية التي تحبذ زواج الأقارب لما ثبت علمياً من وجود احتمالات لولادة أطفال مصابين بأمراض وراثية . مما يستدعي إجراء الفحوصات الطبية اللازمة التي ستحدد القرار إما المجازفة بإتمام الزواج أو الانفصال بسبب إنذار طبي لابد من أخذه في الحسبان كونه ينبئ عن وجود نسبة كبيرة من الخطر.                                                                                                                       يعتبر زواج الأقارب نمط الزواج المفضل الذي حظي بقيمة مهمة في الثقافة العربية فالزواج المثالي في هذا السياق ذو النسب الخطي الأبوي هو القران الذي يجمع بين ولدي أخوين ( ابن أحدهما يتزوج بنت الأخر ) ويمثل هذا الارتباط نمط الزواج الذي فضلته الثقافة منذ قرون , حتى وإن كان لا يمارس بكثرة وهو في تناقض متواصل بدون شك , وإذا لم ينجح البحث الأنتروبولوجي إلى اليوم في العثور على تفسير له في إطار نظرية القرابة فإن من السهل استخلاص أساسه الإستبهامي من الحكايات , والأساطير الذي يرمز إليه بالوحدة الوثيقة بين الأب والبنت والأم والابن , وقد كثر الحديث عن علاقة زواج الأقارب بالأمراض الوراثية في الذرية . وذلك نتيجة للتقدم العلمي في علوم الوراثة في عصرنا الحاضر , وما صاحب هذا التقدم من اكتشاف كثير من الحقائق العلمية تكن مفهومة في العصور الماضية , وترجع أهمية هذا الموضوع إلى أن زواج الأقارب مفضل في بعض المجتمعات وخاصة الشرقية منها , وذلك لأسباب كثيرة منها الرغبة في الاحتفاظ بالثروة داخل الأسرة .                                                                                                                     وصغر السن عند الزواج وما يصاحبه من عدم النضج العاطفي , وانفراد الآباء بالقرار , كما تحتم التقاليد في بعض القبائل العربية , ألا تتزوج البنت إلا ابن عمها, فضلاً عن عوامل أخرى ترتبط بنشوء هذه الظاهرة , كالعوامل الإقصادية والاجتماعية والثقافية مثل تعزيز الأمان والروابط العائلية وسهولة التفاوض على أمور الزواج وتوابعه , واعتباره جزءاً لا يتجزأ من تقاليد العائلات والمحافظة على ممتلكات العائلة والميراث, وبهذا يعتبر زواج الأقارب من الظواهر الاجتماعية ذات الارتباط الجذري بالعادات والتقاليد التي ينظر لها على أنها مصدر أمان اجتماعي واستقرار عائلي .                                                                                                    إن قرار زواج الأقارب من أهم القرارات في حياة كل شاب وفتاة . وإذا أحسن كلاهما اتخاذ القرار يكون قد نجح في تحقيق حياة أسرية سعيدة بقية عمره , وإنجاب أطفال أصحاء يتمتعون بالعافية والذكاء , فمثلما يورث الآباء أبناءهم الصفات الوراثية العادية مثل لون العينين أو شكل شحمة الأذن , فإنهم يورثونهم أيضاً صفات مرضية تسبب إصابتهم بعيوب وعاهات وأمراض وراثية , ويساهم الزواج بين الأقارب في زيادة احتمال ظهور العاهات والأمراض الوراثية التي تحملها صفات متنحية عند الأجيال ,وذلك لأن احتمال وجود الصفة المرضية لدى كلا الأبوين وارد وكبير لصلة القرابة الموجودة بينهما ,فزواج الأقارب الشرعي هو علاقة الزواج بين اثنين تربط بينهما روابط الدم , وطبقاً لمبادئ علم الجينات , فأن احتمال حمل زوجين قريبين جينياً من نوع واحد , تكون مرتفعة مما يزيد من احتمال اكتساب المواليد جيناً وراثياً لمرض نادر ولا يعني بالضرورة حدوث هذا لكل زوجين قريبين وكل مولود .                                                       الأمراض الوراثية : وقد أثبتت الدراسات ارتفاع معدل خطر الإصابة ببعض الأمراض الوراثية بين الأطفال من أزواج أقارب من الدرجة الأولى أي أولاد وبنات العم والخال علاوة على ازدياد نسبة الوفيات بين هؤلاء الأطفال , ويرى الأطباء أن الخطورة في مثل هذا الزواج تكمن في الأمراض الوراثية التي يحمل جيناتها الزوج والزوجة , ومع أن الأمراض من الممكن أن لا تظهر عليهما , فإنها تورث بعد الزواج الأطفال والأحفاد منها التخلف العقلي والعالكستوسيسيا ومرض الكبد ( ويلسون ) إلى جانب أمراض الدم الوراثية التي تشمل فقر الدم النجلي , وفقر الدم للبحر الأبيض المتوسط   ( الثلاسيسيا ) ومرض الكلية الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي , كما يعتقد أن مرض الصرع والأمراض القلبية وأمراض الحساسية وداء السكري تزداد في بعض العائلات   وتتضاعف احتمالات توارثها بالزواج بين الأقارب .                                                                       ولتوضح الأساس العلمي لانتقال الأمراض الوراثية من الآباء إلى الذرية تتكون المنطقة في الرحم من أمشاج الذكر والأنثى ,وتحمل تلك الأمشاج العوامل الوراثية من كل من الأب والأم وهكذا تنتقل الصفات الوراثية من الآباء إلى ألأبناء والأحفاد إلى ما شاء الله , وكل ذلك في نظام متقن يدل على قدرة الخلق البارئ المصور تبارك وتعالى , ولا يتغير النظام الوراثي في الإنسان مهما حدثت من طفرات وراثية , فهي قد تغير بعض الصفات الخلقية إلا أنها لا تؤثر مطلقاً في النظام الوراثي في الخلية البشرية . وتكون العوامل الوراثية في معظمها إما سائدة أو متنحية .                                                                 فالعامل الوراثي السائد هو من له القدرة على الظهور , والتعبير عن نفسه , بينما لا يستطيع العامل الوراثي المتنحي ذلك , إلا إذا اجتمع مع عامل وراثي متنحي مماثل تماماً , حينئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معاً , بوجود العوامل الوراثية السائدة والمتنحية التي تحمل الصفات الوراثية تظهر تلك الصفات في الأبناء . فمنهم من يشبه الأم ومنهم من يشبه الأب أو العم أو الخال , ووفقاً للنظريات العلمية , فإن وجود مرض وراثي في أحد الوالدين ينقله عامل وراثي سائد, يعبر عن نفسه في نسبة معينة من الأبناء , ولا يظهر في الآخرين , أما في حالة العوامل الوراثية المتنحية فلا بد أن تكون موجودة في كل من الأب والأم معاً ليظهر المرض في نسبة معينة من الأبناء , يجتمع لديهم عاملان وراثيان متنحيان ,ولا يظهر فيمن ينقل إليه عامل وراثي متنح واحد , وهذه العوامل الوراثية السائدة أو المتنحية لا تحمل صفات غير مرغوب فيها أوأمراض فقط بل قد تحمل صفات مرغوباً فيها أيضاً .                                                                                       العوامل التنحية : وتجتمع العوامل الوراثية المتنحية في الأقارب في الجين الأول نسبة (8,1) وتقل هذه النسبة في غير الأقارب , فإذا كان هذا الجين في المجتمع بنسبة (1000) فإن احتمال وجود هذا الجين في أحد الزوجين (500) وإذا كان في المجتمع بنسبة (100) فإن احتمال وجود هذا الجين في أحد الزوجين (50) وفي كلتا الحالتين تكون نسبة وجود الجين المتنحي في الأقارب ( بنت العم أو العمة والخال والخالة) ثابتة (8) , مما يؤكد خطورة زواج الأقارب في ظهور الأمراض الوراثية وخاصة النادرة منها , فإذا استمر الزواج بالأقارب جيلاً بعد جيل , فإن العوامل الوراثية المتنحية تتجمع فيهم أكثر مما هي موجودة في المجتمع من حولهم , فعلى سبيل المثال إذا تزوج الرجل بابنة عمه أو ابنة خاله , وكان كل منهما يحمل نفس العامل الوراثي المتنحي لصفة صحية أو مرضية , فإن (25) في المائة من أبنائهما ستظهر عليهم تلك الصفة . بينما يحمل (50) في المائة منهم العامل الوراثي المتنحي في حين لا يحمله الـ (25) في المائة الباقون . أما إذا كانت درجة القرابة بعيدة , فإن احتمال وجود الجينات المماثلة أقل , وبالتالي يكون احتمال حدوث المرض في الذرية أقل من هذه النسبة , كأن يكون مثلاً ( 16 ) والعكس صحيح , إذا كانت درجة القرابة بين الزوجين أقرب كما في بعض المجتمعات الهندية التي تسمح لزواج الرجل من بنت أخيه أو أخته , فإن احتمال وجود الجينات المماثلة يكون أكثر , وهذا النوع من الزواج محرم في الإسلام . وأوضح علماء الحياة والوراثة أن كل خلية جنسية أي خلية ذكرية ( حيوان منوي ) وخلية أنثوية ( البويضة ) تحمل (23) من الصبغيات ( كروموسومات ) لكل منها شكل مميز ويحمل عدداً كبيراً من المورثات (الجينات ) لا يحملها غيره , وهو نصف عدد الكروموسومات الموجودة في الخلايا الجسدية الأخرى , وبالتحام هاتين الخليتين يتكون الجنين الذي يحمل ( 46) من هذه الصبغيات أي (23) زوجاً نصف من الأب والنصف الأخر من الأم وبالتالي عشرات الآلاف من المورثات مرتبة في أزواج مجموعة منها موروثة من الأب ومجموعة مماثلة موروثة من الأم تحدد الصفات الوراثية للجنين , ويحدث المرض الوراثي إذا كان هناك خلل في تركيب واحد أو أكثر من هذه المورثات , فإذا حدث الخلل بمورث واحد وليس بالاثنين معاً , سمي المرض سائداً , أما إذا لم يحدث المرض إلا بوجود خلل بكلا المورثين يحددان الصفة المعينة فقد سمي المرض متنحياً , أي أنه لابد أن يرث الجنين مورثاً معيباً من الأب ومثله تماماً من الأم في الأمراض المتنحية ,الأمر الذي يتزايد إذا كان الأب والأم من نفس العائلة . ويشارك كل إنسان أخاه وأخته في نصف عدد المورثات التي يحملها ويشارك أعمامه وأخواله في ربعها. ويشارك أبناء وبنات عمه أو خاله في ثمنها . وبناءاً على ذلك إذا كان هناك مورث معيب في أحد الجدود , فالاحتمال كبير أن يشارك الإنسان الوراثية من الآباء إلى الذرية أكثر مما هو في زواج الأباعد , ومن هنا نشأت قاعدتان من قواعد علم الوراثة الكثيرة تثيران مباشرة إلى معاني ا لأحاديث الشريفة عن الرسول محمد (ص) مثل الحديث القائل : ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) و ( عزبوا النكاح لاتضؤوا ) أي تزوجوا الأغراب حتى لا تضعف الذرية , تم استنباطهما من نتائج تجارب التزاوج بين الحيوانات , وكذلك من تجارب تلقيح النبات , وهما ضرورة تساعد مصدر المورثات في التزاوج قوى النتاج , وثانياً إن المرض الوراثي متنحي يظهر في النتاج باحتمال واحد من أربعة في كل مناسبة إذا حمل كل من الأب والأم نفس المورث المعيب ويتزايد احتمال أن يحمل كل من الأب والأم نفس المورث المعيب كلما زادت درجة القرابة بينهما . أهم الأمراض : تعتمد خطورة زواج الأقارب في نقل الأمراض الوراثية الناتجة من عاملين وراثيين متنحيين على نسبة انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي في المجتمع , فكلما كانت هذه النسبة أقل في المجتمع كان زواج الأقارب يسبب نسبة أعلى من تلك الأمراض الوراثية المحدودة والمعينة من زواج الأباعد . ومن أهم الأمراض الوراثية التي تنتقل من زواج الأقارب مرض الأنيميا النجلية التي تنتشر في ايطاليا وصقليا وكينيا , ومرض الفاقة البحرية التي توجد في منطقة من العالم تمتد من جنوب شرق آسيا وغرباً حتى جنوب أوروبة ,وتشمل كل جنوب شرق أسيا والهند والباكستان وإيران وأفغانستان , وشمال الجزيرة العربية . وكل حوض البحر الأبيض المتوسط . ونقص التعظيم الغضروفي ومرض الحويصلات المتعددة بالكلية , ومرض زيادة الحديد بالدم , ومرض عدم اكتمال التكون العظمي , والتليف ذي الحدبات , وتناذر ديوبين جونسون , وضمور عضلات الوجه والكتفين , وداء جبلرت وكوريا هند يخكتون أو داء الرقص . وتناذر مارفان إضافة إلى مرض التوتر العضلي الخلفي وداء الأورام العصبية الليفية , ومرض تعدد الأورام البولية بالقولون , وداء الغرفيرين الحاد المتقطع وأمراض الدم الوراثية وهناك أمراض وراثية ليس لها علاقة بزواج الأقارب , مثل الأمراض الناتجة من اختلاف العامل الرابزيس بين الزوجين وخلل الكروموسومات الذي يسبب الطفل المنغولي ومرض تيرنو وغيرها .وهناك أمراض أيضا أمراض وراثية مثل مرض النزف الدمويً ( الهيموفيليا ) ومرض عمى الألوان هي وراثية تحدث في الذرية ومرتبطة بالجنس , بمعنى أن الأم سواء كانت قريبة للزوج أو غير قريبة تحمل عامل المرض , ولكنها لا تعاني منه وتنقله إلى أولادها الذكور , فيظهر عليهم المرض . أما البنات فتحمل المرض ولا يظهر عليهن . ويمكن الوقاية من هذه الأمراض بالميز الوراثي أي الاستشارة الوراثية , قبل الزواج إضافة إلى مجموعة أخرى من الأمراض التي تظهر نتيجة تجمع مجموعة من العوامل الوراثية . ويطلق عليها اسم الأمراض المتعددة الأسباب مثل مرض السكريوارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة وتصلب الشرايين انتشار الظاهرة عربياً : ويشكل زواج الأقارب نسبة كبيرة من الزيجات من البلاد العربية والإسلامية , فقد قدرت الدراسات المحلية والإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام (1997) إن معدل انتشار هذه الظاهرة في فلسطين هو ( 49) في المائة . وتكاد تكون هي النسبة الأعلى بين الدول العربية والإسلامية المجاورة إلا أن هذه النسب تكاد تختفي في دول أخرى مثل أوروبا حيث لا تزيد النسبة فيها على (1-2) في المائة . وفي بعض الولايات الأمريكية لا يسمح بزواج أولاد العم والعمة أو الخال والخالة . وكشفت المسوحات الطبية في فلسطين أيضاً , أن نسبة الزواج المبكر لأقل من الـ (18) عاماً هي الأعلى بين الأزواج والأقارب . وأن نسبة الزواج من أقارب الدرجة الأولى وصلت إلى (60) في المائة من إجمالي زواج الأقارب ونسبة الحمل الإجمالية بين الأمهات المتزوجات لأقارب أعلى منها بين غير الأقارب . ويصعب معرفة وحصر الأمراض الوراثية المنتشرة في الوطن العربي نتيجة شح المعلومات الدقيقة والموثقة عن هذه الأمراض الوراثية كما أن نسبة انتشارها من دولة إلى أخرى . إلا أنها تقسم بشكل عام إلى أمراض الدم الوراثية كفقر الدم المنجلي وفقر دم البحر المتوسط وأنيميا الغول وأمراض الجهاز العصبي كمرض ضمور العضلات الجذعي , وأمراض ضمور العضلات باختلاف أنواعها وضمور المخ والمخيخ , وأمراض التمثيل الغذائي المعروفة بالأمراض الإستقلابية أو الأيضية التي تنتج بسبب نقص أنزيمات معينة ,وأمراض الغدد الصم خاصة أمراض الغدة الكظرية والغدة الدرقية حيث تنتقل معظم هذه الأمراض بالوراثة المتنحية التي يلعب زواج الأقارب دوراً كبيراً في زيادة أعدادها . والصعيد ذاته بنيت دراسة ميدانية لحالات الزواج بالكويت سنة (1983) إن نسبة زواج الأقارب بصفة عامة زادت على (40) في المائة . وتشكل الزيجات بين أبناء وبنات الأعمام والأخوال في السنوات الأخيرة أكثر (25) في المائة من جميع الزيجات في المجتمع . وأظهرت المسوحات أن نسبة حدوث الولادات المبكرة وظهور بعض الأمراض الوراثية كانت أعلى في زيجات الأقارب عنها في زيجات الأباعد . وكان متوسط وزن المولود في زيجات الأقارب أقل عنه في زيجات الأباعد. وبلغت عدد حالات الضعف العقلي فيما يعرف طفل منغولي الذي ينتج عن خلل في انقسام الصبغيات (14) حالة بين (3989) زيجة بين الأقارب مقابل ست حالات بين(7463) زيجة بين الأباعد مما يدل على أن هذه الحالة تتأثر بمورث متنح وعلى ذلك يزيد حدوثها بين زيجات الأقارب . وفي مصر أظهرت دراسة ميدانية أجريت عام (1983)أن زواج الأقارب يشكل (96,38) في المائة من حالات الزواج فيما أثبتت الدراسات السعودية أن (73) في المائة من حالات إستقساء الدماغ واعتلالات الجهاز العصبي في الأطفال الحديثي الولادة , ترجع إلى الزواج بين الأقارب وتعدد الحمل . وأوضح الخبراء في كلية الطب بجامعة الملك سعود في الرياض أن الاستقساء الدماغي يعد أحد أكثر اعتلالات الجهاز العصبي لحديثي الولادة كون حجم السائل المفرز من داخل تجاويف المخ والمسؤول عن تغذيته يكون أكثر من الكمية الممتصة مما يتسبب في ارتفاع ضغط داخل المخ وينتج عنه إما إصابة المولود بالتخلف العقلي أو عدم القدرة على الحركة أو الوفاة . وقد تبين بعد تشخيص (26) حالة أن (1,6) من كل ألف مولود مصاب بالمرض شكلت نسبة زواج الأقارب فيها نحو( 73) في المائة .وتراوحت الأعمار للأمهات ما بين (18) و(40) عاماً حملت (81) في المائة منهن أكثر من مرتين وكانت الحالة الاجتماعية عند الـ(45) في المائة منهن متدنية و(35) في المائة عالية و(12) في المائة يمثلن عائلات راقية , مما يشير إلى أن زواج الأقارب وتعدد الحمل من أهم أسباب الحالات المصابة . وأوضحت الدراسات المتعلقة بالموضوع أن هناك ألاف الأمراض قد تنتج عن زواج الأقارب ولا تزال هناك عادات شرقية وتقاليد تطالب بزواج الأقارب وتنتج عنه أمراض عديدة أهمها أمراض الدم الوراثية التي تشكل في بعض الدول العربية كالسعودية مثلاً مشكلة صحية واجتماعية وإرهاقا للموارد المخصصة للقطاع الصحي . إضافة إلى معاناة المصابين بهذه الأمراض حيث أن جينة الأنيميا المنجلية الموجودة لدى(20-30) في المائة من سكان المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية مما يؤدي إلى وجود مرضى يعانون من فقر الدم المنجلي بنسبة (1,5-2) في المائة من السكان . وتنبأ الباحثون أن نسبة الإصابة بهذا المرض بعد (25) سنة قد تصل إلى (50) في المائة وبعد الـ (50) سنة إلى (85) في المائة حسب الدراسات والأبحاث العلمية الخاصة بموضوع فقر الدم المنجلي وتشير التقديرات في منطقة الإحساء إلى أن هناك طفلاً مصاباً كل (16) ساعة و(16) طفلاً حاملاً للمرض كل يوم . وهذا يعني أن (548) طفلاً يصاب سنوياً تقدر نسبة علاجهم سنوياً بعشرة ملايين ريال سعودي إضافة إلى المصابين بفقر الدم المنجلي الموجودين حالياً والذين يقارب عددهم (25) ألف مصاب في المنطقة . وأفادت الإحصاءات العالمية والمحلية أن أعلى معدلات الإصابة بأنيميا البحر الأبيض المتوسط المعروفة بالتلاسيميا الوراثية تقع في الدول الواقعة في حوض البحر الأبيض المتوسط . ويزداد احتمال وفرص ظهورها بين الأطفال من أزواج الأقارب والحاملين لجينات هذا المرض . وأن أعلى نسبة للحالات المرضية المرتبطة بالحمل مثل فقر الدم وتسمم الحمل والنزف , وزيادة العمليات القيصرية كانت بين الأمهات المتزوجات من أقاربهن , وأشارت أن معدلات الوفيات بين الأطفال الأقل من خمس سنوات كانت الأعلى بين المتزوجين من أقاربهم . فضلاً عن أن نسبة المشكلات الوراثية الأمراض الخلقية مثل أمراض القلب انزلاق مفصل الحوض الخلقي , الصم , أنيميا البحر المتوسط التشنجات الغير الحرارية والسبب علاوة عن نقص وزن المولود عند الولادة . كانت أعلى بين أطفال الأزواج الأقرباء من الدرجة الأولى . وتوقعت دراسات إحصائية أن يصاب طفل واحد من بين (25) طفلاً بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض له عوامل وراثية خلال الخمس والعشرين سنة ًمن عمره , وأن يصاب طفل واحد لكل (33) حالة ولادة لطفل حي بعيب خلقي شديد . وقد يصاب نفس العدد بمشكلات تأخر في المهارات والتخلف العقلي , بحيث يتوفى تسع من هؤلاء المصابين بهذه الأمراض مبكرًا أو يحتاجون إلى البقاء في المستشفيات لمدة طويلة أو بشكل متكرر, مما ينجم عنها تبعات مادية واجتماعية ونفسية عظيمة ومعقدة في الأسرة وبقية المجتمع . ورغم خطورة الأمراض الوراثية وأثارها السلبية في الفرد والمجتمع فإن الوقاية منها وتفادي ظهورها وانتشارها ممكن , شرط الوعي بضرورة تبني الاستشارات الوراثية قبل الزواج وقبل الحمل . واعتماد التثقيف الصحي فيما يخص زواج الأقارب , كجزء من برنامج الصحة الإنجابية في المدارس الإعدادية والثانوية ودعم صناع القرار وأرباب السياسات والمؤسسات المؤثرة لبرنامج الصحة الإنجابية مع دمج هذه الخدمة ضمن خدمات تنظيم الأسرة والرعاية الأولية ويوصي الاختصاصيون جميع الشباب والفتيات المقدمين على الزواج بالحصول على استشارات أولية قبل الزواج وقبل الحمل وخصوصاً الأقارب من الدرجة الأولى بهدف بناء أسرة سعيدة متوافقة صحياً ونفسياً واجتماعياً وتتركز أفضل طرق الوقاية من الأمراض الوراثية في فحوصات ما قبل الزواج التي تساعد على التنبؤ عن احتمال إصابة الذرية بمرض وراثي إلى حد ما عن طريق فحص الرجل والمرأة وبحسب نوع المرض يمكن الحديث عن إمكانية تفادي حدوثه أم لا. وأوضح هؤلاء أن احتمال الإصابة بالأمراض الخلقية عند المتزوجين من أقاربهم أعلى منه عند المتزوجين من الغرباء . وتزداد نسبة هذه الأمراض كلما زادت درجة القرابة فوراثياً لدى كل إنسان بغض النظر عن عمره أو حالته الصحية نحو (5-10) جينات معطوبة بها طفرة . وهذه الجينات المعطوبة لا تسبب مرضاً لمن يحملها لأن الإنسان دائماً لديه نسخة أخرى سليمة من الجين , ولكن عند زواج طرفين لديها نفس الجين المعطوب . فإن أطفالهما قد يحصلون على جرعة مزدوجة من هذا الجين المعطوب . أي أن الأب يعطي جيناً معطوباً والأم أيضاً تعطي نفس الجين المعطوب وهنا تحدث مشكلة صحية على حساب نوع هذا الجين وبما أن نوع الجينات المعطوبة غالباً ما يتشابه بين الأقارب , فهناك احتمال كبير أن يكون أبناء العم والعمة والخال والخالة لديهم نفس الجينات المعطوبة , ولو تزوج أحدهما من الأخر فهناك خطر على ذريته , ولأن المجتمعات العربية بشكل عام تعد من أبرز المجتمعات التي يشيع فيها زواج الأقارب ضمن ن طاق القبيلة أو العشيرة أو العائلة أو الأسرة الواحدة . فقد أوصت جامعة الدول العربية بالفحص الطبي قبل الزواج وسمت بعض الدول العربية أنظمة تطبيق الفحص قبل الزواج , فبقيت اختيارية في كل من السعودية والبحرين والإمارات. بينما فرض في الأردن نظاماً يجبر كل من يريد الزواج بالفحص الطبي مثل عقد القران كإجراء تحذيري ووقائي . ضرورة الفحص قبل الزواج : وتؤكد جميع الدراسات والأبحاثضرورة إجراء فحص مخبري للزوجين قبل الزواج وذلك لأن الحياة الزوجية يمكن أن تؤدي إلى إصابة أحدج الطرفين بمرض معد في حالة كون الطرف الأخر يحمل مرضاً معيناً كالأمراض الجنسية أو المعدية مثلاً , فتكمن أهمية هذه الفحوصات في التأكد من عدم وجود أمراض مثل التهاب الكبد الفيروسي من نوع (B) و(C) والزهري والإيدز ولكنها لا تقف بالضرورة عائقاً أمام الزواج . إذ إن وظيفة الطبيب فقط شرح واقع المرض وإمكانية العدوى وشرح وسائل الوقاية من الإصابة بالعدوى في حالة وجود وسائل فعالة , ويرى الأطباء أن الفحوصات الوراثية لما قبل الزواج التي تتعلق بالزوجين حاملي المرض ولكن لا يعانيان من أي أعراض مرضية تحدد ضرورة العلاج الجيني في حالة رغبة الزوجين في إتمام الزواج على الرغم من وجود مخاطر في إنجاب أطفال يعانون من أمراض معينة مثل أمراض الدم الوراثية ففي حالة كون الزوجين يحملان المرض نفسه , فهناك احتمال بنسبة (25) في المائة في إنجاب أطفال يعانون من المرض , و(75) في المائة في إنجاب أطفال لا يعانون من أمراض حتى لو كانوا يحملون المرض إلى الأجيال . واستناداً إلى هذه المعلومات وانطلاقاً من التقدم العلمي في تشخيص الأمراض جينياً من الأجنة , فإن العلم يستطيع تشخيص ما إذا كان الجنين مصاباً أوحاملاً للمرض أو سليماً بنسبة مائة في المائة , وذلك في مراحل مبكرة من الحمل ويترك القرار للزوجين في إتمام الحمل أو عدمه . وتشمل فحوصات الزواج : الأمراض المعدية : بالإضافة إلى إمكانية علاجية وقائية , فيما يتعلق ببعض الأمراض , ففي حالة كون أحد الزوجين مصاباً بالتهاب الكبد الفيروسي من نوع (B) يمكن إتمام الزواج دون مشكلات وذلك بعد تطعيم الطرف الآخر ضد هذا المرض . ويساعد تطبيق نظام الفحص الوراثي في قطاعات عريضة من المجتمع . خاصة التي تعاني من هذه الأمراض في مناطق مختلفة من العالم العربي والشرق الأوسط بالذات , على معرفة وجود جينة وراثية متنحية لدى أحد الزوجين أو كليهما , وإعطاء مشورة وراثية بعد التأكد من وجود هذه الجينات المعتلة , فيما يتعلق باحتمالات نقل الصفة المرضية إلى الأطفال الذين يولدون من هذا الزواج ,كما يحدث في حالات تخثر الدم , وهو أحد أكثر الأمراض خطورة على الطفل , فإذا كان الأبوين مصابين به يزيد احتمال ترويثه للطفل بنحو (50) في المائة ويضطر الأطباء إلى نقل دماء جديدة للطفل في حال ولادته مصاباً كل ثلاثة أشهر تقريباً . ومن أهم التحاليل الطبية للمقبلين على الزواج تحليل عامل الدم الرايزيسي الذي يعتبر مهماً جداً سواء بالنسبة للأقارب أو لغير الأقارب , فتتضارب الفصائل يؤدي إلى العديد من المشكلات التي تنعكس على الأطفال كالاضطرابات الناتجة عن تضارب زمرة دم الأم مع وليدها فعندما تكون زمرة دم الأم سالبة والأب موجبة فالافتراض أن يحمل الطفل زمرة دماء والده .فيحدث عند الولادة أن تختلط بعض القطرات من دماء الطفل مع دماء الأم وتؤدي إلى ردة فعل من جسم الأم الذي يبدأ ببناء أجسام مضادة للدماء الغريبة التي تسربت إليه . ولكن لا خوف على الطفل الأول الذي ولد إلا أن الخطر يهدد الطفل الثاني حيث يستمر جسم الأم بتكوين هذه المضادات بعد الولادة وتدخل فيما بعد إلى دماء الطفل الثاني لتدمر خلايا دمه , لذا يتم إعطاء الأم مصلاً يقوم بتدمير أي خلايا حمر سالبة . دخلت إلى جسدها من دماء الطفل , وذلك قبل أن تبدأ بإنتاج الخلايا المضادة لتفادي الخطورة المحتملة على الطفل الثاني أو أن يتم تغير دم الطفل الثاني عند ولادته . غادة بقلة
التاريخ - 2014-11-17 4:06 PM المشاهدات 4779

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم