وهل الدين يصنع حضارة .. بقلم العميد الركن رجب ديب

تمهل.. توقف… أنا لست ملحداً ولا كافراً… ولكن قبل كل شيء أنا العربي السوري الإنسان ، والإنسان عرف الحضارة قبل أن يعرف الدين… ثم إذا كان الدين يصنع حضارة ، فلماذا لم تتفوق جزيرة العرب حضارياً على العالم كله على اعتبار أنها مهبط الوحي والبركة ???! ومن المفيد أن نؤكد على مفهوم المواطنة والعيش المشترك والذود عن حياض الوطن إذا ماتعرض لخطر ما ، وبأبعاد أخلاقية إنسانية ، والإنسانية مرتبة ورتبة يصل إليها الإنسان ، ولكن ليس كل إنسان بمكنته الوصول إلى هذه الرتبة ، إلا إذا عقد العزم وتخلص من تعصبه ،والتعصب هوسة تفقد صاحبها حرية المناقشة… ...إنّ مقولة الدين هو الذي أنجز الحضارة فيها الكثير من الاستخفاف بالعقل البشري ، وعندما يكون الدين في اللاحدوده للإنسانية ، عندها يكون وجهاً من وجوه الحضارة لا صانعاً لها ، ومما لاشك فيه أن الدين من صناع الأخلاق والمواعظ والإيمان باليوم الآخر ، لكن هل نستطيع القول أنّ الأخلاق كانت معدومة في المجتمع العربي الجاهلي ???!! أو في المرحلة الماركسية في الاتحاد السوفييتي السابق مثلاً ??!… حتى إنّ الرسول الكريم ( ص) يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق… وليس لأنشئ… علينا أن ندرك أننا نعيش في ظل حضارة عالمية ، هذه الحضارة لاتنتمي إلى دين من الديانات ، لأن عدداً ليس بالقليل من مختلفي الأعراق والأديان ( ونحن العرب منهم) واللادينيين أيضاً ساهموا ويساهمون في إنجازاتها… وهي بالنتيجة معطى حضاري إنساني وليست ديني… طيب أين الدين الإسلامي مثلاً من : صناعة القطار ، جهاز الجوال ، الطائرة ،التلفاز ، النت…… تحرير الأرض المغتصبة… إنّ التاريخ عرف الحضارة الاغريقية ، الرومانية ، الاوروربية ، السومرية ، المصرية ، اليونانية ، الصينية ، العربية ولم يعرف مايسمى بالحضارة اليهودية أو المسيحية أو الاسلامية أو البوذية أو الهندوسية ،أو الكونفوشيوسية…. ونحن المسلمين عندما ننسب إنجازاتنا للدين ، لايتعدى ذلك عاطفة دينية جياشة تعصبية ، ولايوجد في جميع سجلاتنا الدينية مايحدد نسبة مشاركة الملائكة فيها ولو كان الأمر كذلك لتم تحرير فلسطين من عهود ماضية… إن الظروف الموضوعية هي التي تساعد على الحضارة وبانتفائها تنتفي الحضارة… .إنّ الإيمان بمفهوم العلمانية بخصائص : وطنية ، عربية ، إنسانية ، أخلاقية ، بحيث يكون الإنسان إنساناً ، وأن يحكم ضميره ، ويحب الخير في ذاته ، ويدافع عنه هو الأساس ، والعلمانية ليست تنكراً للديانات وإنما تعني الوقوف على مسافة واحدة من كل الديانات ومنح العقل البشري حرية العمل والعطاء… ألا ترون معي أن الدين يساهم في تخريب الاوطان أكثر بكثير من تعميرها… وكم أنت رائع أيها الشاعر الكبير نزار قباني وأنت تقول :من ربع قرن وأنا امارس الركوع والسجودأمارس القيام والقعودأمارس التشخيص خلف حضرة الإماميقول : اللهم امحق دولة اليهودأقول : اللهم امحق دولة اليهوديقول : اللهم شتت شملهمأقول : اللهم شتت شملهميقول : اللهم اقطع نسلهمأقول: اللهم اقطع نسلهميقول : أغرق حرثهم وزرعهماقول : أغرق حرثهم وزرعهم……. طبعاً هنا المقصود اليهود الصهاينة….ثم أي مرجع دراسي هذا وتدريسي لطلبتنا يؤكد على سلامة الدين الإسلامي وبقية الديانات باطلة??!… دمتم أصدقائي ، بقلم العميد الركن رجب ديب