سياسة المرأة في الشرق الأدنى :نريد من السياسة إيثار مصلحة الإنسانية والأمة على كل شيء والمحافظة عليهما ودرء الأخطار عنهما والنهوض يهما إلى العمران والحضارة والسيادة والمجد. ولا ريب أن للمرأة دورهافي كل ذلك اذ هي الجناح الذي لا تستطيع الإنسانية و الأمة أن تحلق في أية ناحية إلا بمعرفته وإمداده .ونحن حين نتغلغل في أعماق القرون ونقلب أعيننا في المجتمعات الإنسانية القديمة . نشاهد أن للمرأة حظها الكبير في تصريف السياسة والملك وفي الدعوة أو العمل للحب الإنساني العام .ها نحن أولا نطل من أعلى ربوات اليمن فنشاهد ملكاًَ كبيراً وشعباً غنياً مترفاً ومجداً عامراًونرصد دولة ذات بأس وقوة وندوة حافلة بالساسة المفكرين وذوي الرأي الناضج البعيدوملكة هي ( بلقيس بنت شراحيل ) العربية.ها هي بلقيس تشرف على جلسات دار الندوة وتقدم انضج الآراء و الأفكار في شتى الشؤون الاجتماعية والسياسية والاقتصادية غير مبرمة أمراً إلا بعد الدرس والنظر وإجماع الملأ .( بلقيس) هي الملكة الحكيمة الحازمة هي المفكرة السديدة الرأي هي السياسية الماهرة , هي البليغة المؤثرة.ها نحن أولاد بادية الشام نجوب الرمال العفر والأودية السحيقة فنشرف على أرض فسيحة ونشاهد هضاباً وآكاما تشمخ على قممها الحصون والقصوراً الشامخة , وأشجار النخيل تتعالى باسقات يمنة ويسرة ونسمع أهازيج الأمجاد والمواقع المظفرة , ترنم بأصوات رخيمة ساحرة فنفهم أننا تجاه عروس الصحراء تجاه مملكة البروج وملقى التجارة بين الشرق والغرب تجاه ( تدمر .و هنا نشاهد الملكة زينب مدججة بالسلاح والفيالق بين يديها تسير طوع أمرها.وكم تطيب أنفس , حين نقدم إليهن الملكة العظيمة ( عصمة الدين ) شجرة الدر لما أثمرت من خير وأبدعت من عجائب وقد شاركت في إدارة السياسة ما يناهز العشرين عاماً حتى ضربت باسمها النقود ونودي بها ملكة على المنابر ووقفت بشجاعة وحزم ترد عن مصر عاديات هجمات ( لويس التاسع ) حتى أحرزت الانتصار في موقعه دمياط .وقد كانت شجرة الدر واعية حازمة لم يفتها الاطلاع على كل شؤون الدولة ما بعد عنها وما قرب , وما صدر أي مرسوم في دولتها يشمل على مسؤولية ذات بال إلا بتوقيعها.وقد كان لشجرة الدر عطف خاص على سلطان الحرمين الشريفين وكانت هداياها وتحفها تؤخذ في كل عام بمخمل عليه مظاهر الدولة وأبهة الملك وهي أشرف خطة فكرت فيها ملكة للاهتمام بشؤون البلاد .ولابد أن ننوه هنا بالأميرة ( جميلة بنت الحسن الحمداني ) التي نثرت بعيدها عام 366 هـ بدر الذهب في الحرمين حتى عم الرخاء والخير , كل بيت من بيوت الحجاز وقد بلغ ما نقلته من متاع وتحف حمولة أربعمائة راحلة .وهذه قطر الندى المرأة الفذة في شخصيتها وعبقريتها التي وكل إليها الوصاية على نجلها ( المقتدر العباسي ) حين وفاة زوجها ( المعتضد ) لما أوتيت من حكمة وعلم وسياسة فأخذت له البيعة وعملت على أن تدير شؤون الدولة بمعونة كبار القواد ورجال القضاء والشورى في الديوان العام ولبعد نظرها ما كانت تنفذ أمرا في الدولة الا بعد دراسته والإجماع عليه وهذا طيف ( صبيحة) الملكة الأندلسية التي كانت بارعة في معرفة كبار الساسة وبعيد نواياهم فما كادت تشرف بنفسها على أعمال الدولة من طرق الوصاية على نجلها بعد وفاة زوجها ( عبد الرحمن الناصر) حتى رأت من الحزم والنفع للأمة والدولة أن تسند رئاسة الوزارة إلى ( المنصور بن أبي عامر المعا فري اليمني ) وقد جاء ما تم على يده من الأمجاد آية على عمق معرفتها بخيرة الرجال اللامعين.))ولنشرف معاً إلى حلب في عصر الأيوبيين لنشاهد الأميرة الحازمة ( صفية خاتون ) 0 .مما جعل المؤرخون يأسفون للموت الذي عاجلها بعد ستة سنوات من تملكها ولم يفسح لها لإتمام كل إصلاحاتها .ونصل الى الملكة (هتشبوت) وملكها كان على مصر سعادة ورفاهية وخيراً , فقد شيدت معبدها الخالد في ( طيبة) أية الآيات في الروعة والجلال ولا يزال إلى اليوم هدف السائحين كما وجهت عنايتها إلى الزراعة والتجارة فعبدت الفجاج وأضفت الأمن وحفزت الشعب إلى المغامرة واقتحام الأسفار وأكثرت مجاري المياه وأحضرت أحسن أشجار العالم التي يمكن أن تعيش في مصر لقد كان لها حماسة فائقة مندفعة , في النهوض بالشعب والقيام بالمصالح العامة.)) و(هذه "سميراميس" ملكة آشور التي ظفرت بإعجاب زوجها الملك فينوس وشعبه حتى آثرها الملك والشعب بإسناد الملك إليها بعد وفاة الملكوظلت تقود المملكة وتسوسها اثنين وأربعين عاماً . وأخيراً آثرت الراحة .فأسلمت الملك لولدها وقد امتدت بالمملكة وأفاضت في سهولها حتى وطأت قدماها نهر ( الكانج) .وهذه مدائن صالح لا تزال معتزة بآثار ( جميلة ) ملكة الأنباط. وهذه صحراء سيناء لا تزال تفخر بآثار ملكتيها العظيمتين ( حبيبة وشمسية) وتلك أمة الروم قد نجت من أفدح الأخطار على يد مليكتها ( ايريني) التي عاصرت الهادي الرشيد وهادنته مما عاد على مملكتها بالسلام. خديجة بدور
التاريخ - 2017-10-31 8:34 AM المشاهدات 980
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا