اوغيت خيرالله ،وثورة الجسد في الشعر!!بقلم الكاتب : وجدان عبدالعزيز - العراققصيدة (زفاف الشوق) للشاعرة اوغيت خيرالله، كانت قصيدة ثورة عاطفية انفعالية، والانفعال صاحب الانسان على هذه الارض منذ القديم، وكلنا خبرنا بعض الانفعالات ان لم يكن قد خبرنها جميعا، فانفعال الخوف والفرح، وكثيرة هي الامور في حياتنا الانسانية التي تجعلنا نعاني من الانفعالات، وقد تكون هي سر بقاءنا، وعندما نشعر بصعوبات مع بعض الانفعالات، ينبغي البدء بالفعل الايجابي بتذكير ذواتنا، بأن الانفعالات والاحاسيس التي نجد صعوبة في التعامل معها ليست سيئة، وانما هي فقط لا تُدار بطريقة جيدة وخرجت عن نطاق سيطرتنا عليها، ويُعد الانفعال حالة وجدانية حادة وفجائية، مضطربة وغير منظمة، تختلف عن الحالة الإعتيادية للفرد، إن حياة الإنسان في تقلب مستمر وتغير دائم، فلا تمضي حياته على وتيرة واحدة، أو على نمط انفعالي واحد. فالإنسان يشعر بالحب أحياناً وبالكره أحياناً اخرى، ويشعر بالأمن والطمأنينة أحياناً وبالخوف والذعر أحياناً. وللانفعالات قيمة كبيرة في التفاعلات الاجتماعية فهي تساعد على فهم الآخرين، وبالتالي التعامل معهم، تساعد الآخرين على أن يدركوا ويفهموا ما نرمي إليه وما نريد التعبير عنه، وتزيد الانفعالات من الشحنة الوجدانية التي تساعد الفرد على مواجهة المواقف والتفاعل معها، وعلى دفعهِ للانغماس في الحياة، والحب وما تتأثر به النفس الانسانية، يُعتبر حالة انفعالية، لذا اقول ان الحضارة الانسانية توارثت الحب من أسلافها الحيوانية في سلم التطور البيولوجي وأعادت إنتاجه على نطاق واسع وبتعقيد لا مثيل له يكاد يغطي كل ثنايا الحياة الإنسانية وتفاصيلها الدقيقة، متأثرا بالثقافة واللغة في أشكال التعبير عنه, حتى باتت مفردة الحب من أكثر المفردات إلهاما في الشعر والموسيقى والغناء والأدب ومختلف الفنون, وحتى في الخطابات السياسية, وان كانت في الأخيرة غير مباشرة, بل حتى حروب الحضارات كلها كانت تحت شعارات إشاعة العدل والحق والمحبة بين الناس, وأصبح الحب شعار معلن في الحرب والسلم وكل حسب طريقته، وعلى الرغم من إن الفطرة الإنسانية مبنية في معظمها على ثلاثي الحب والجنس والعدوان, إلا إن الحب استطاع أن يهذب الجنس كفعل ميكانيكي بحت ويضيف عليه أبعادا جمالية لاحصر لها في الممارسة العملية, متجاوزا حدود الحاجة الفسيولوجية له، كمصدر للإشباع المباشر أو للإنجاب، كما استطاع الحب الاستحواذ على العدوان والتخفيف من وطأته وإعادة صياغته بواجهات مختلفة, حتى أصبح العدوان مفهوما مبتذلا في التداول، رغم حضوره المكثف والعنيف في السلوك الإنساني نظرا لارتباطه الوثيق بين مكوني الجنس والحب, لأن هذا الثلاثي يرتبط اشد الارتباط بآلية البقاء والاستمرار، لكن الطبيعة البشرية، تسعى في محطاتها النهائية لاشاعة الحب، من هذا المنطلق عشت اجواء قصيدة اوغيت بتفاصيل انفعالات الحب، فالشاعرة دعت لاجواء الشعر بقولها : (تَعالَ نعَيشُ الِشعْرَ ... وَلا نَكْتُبُهُ/تَعالَ غَوايَةَ .... قَصيدَةٍ)، لكنها بعدما يأست من دعواتها الهادئة من خلال معنى الكلمة اللامرئي، راحت تثور بانفعال الجسد ورغباته بقولها :(تعَالَ ... إحْرِقْنيمَزِّقْ ...... سَتائِريانْثُرْ على المَرايا حُطاميمَلَّتْ خُصُلاتي أمْشاطَهابلّلَتْ عُيوني دُموعُهاكُنْ قَصيدَتي الَليْلَةكُنْ سَطْراً ...على جَسَدي ولَوْ ثَوانِكُنْ ما تَشاء ...قاتِلي ... عاشِقي ...هاجِري ... ظالِمي ...)هي دعوة حسية للحب، لكنها تقدس حدوده، فحتى كلمة (قاتلي) اردفتها بكلمة (عاشقي) بمعنى انها تروم الحب لاغيره، الحب بابعاده الثلاثة مع تخفيف وتجنب البعد الثالث وهو العدوان لماذا؟؟ لانها اثبتت بقولها :(مَلَلْتُ الحُروفَكَسَّرْتُ الكُؤوسَمَزَّقْتُ ........ لَيْليأحْرَقْتُ ..... وَسائِديكَفى ...كَفى ...أعْلَنْتُ عَلى الَّصمْتِ انْتِقامي)فالحرف اعتبرته لغة الصمت، وتحرقت وانفعلت وبدأت بلغة هجومية، غير انها تحمل معنى الطلب، محاولة منها الابتعاد عن لغة العدوان .. يقول نيتشه : (إنني أرى جسد لا غير، وما الروح إلا كلمة أطلقت لتعيين جزء من هذا الجسد)، حيث رسخ نيتشة الوظيفة الحسية، وجعل بينها وبين المنظومة العقلانية علاقات تفسيرية، قد تؤدي بنا الى اكتشاف وظائف الجسد، تلك التي لها تأثير في العملية الابداعية، اي بمعنى ان الجسد شكل في مختلف الثقافات تمثلات أنتروبولوجية وإثنية وروحانية تتحكم فيها ثقافات الشعوب سواء المتقدمة أو التي في طور النمو، وقد سعى الباحثون إلى فهم الإنسان وكينونته من خلال التركيز على مفهوم الذات، والوقوف على المؤثرات في شخصيته سواء منها البيئية أو الاجتماعية، وقد اتفقت اغلب التحليلات على أن كل ثقافة تؤسس لمفهوم ديني عن الجسد، كما أن كل ثقافة تختزن مفاهيم وتصورات فلسفية عن موضوعة الجسد، ومن خلال هذا حملت قصيدة اوغيت خيرالله هذا المفهوم، لكنها حملت روح التوازن بتعرية الحلم وما تحمله القصيدة من احتمالات، ورغبات الجسد وجنوح شهواته، لتبقى تحمل راية الحب بمفهوم استمرار الحياة ...
التاريخ - 2018-01-24 12:55 PM المشاهدات 1099
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا