قد تكون انتخابات المجالس المحلية المقررة في السادس عشر من أيلول القادم الرد السياسي والاجتماعي والاقتصادي على أعداء سورية ممن سعوا لضرب بنية المجتمع السوريوتدمير مؤسسات الدولة والعودة بسورية إلى مرحلة ما قبل الحضارة، فهي الرد الإجرائي الأبرز أن مؤسسات الدولة ووزاراتها وهيئاتها مستمرة في العمل، وأن الحكومة ماضية في القيام بمهماتها في جميع الظروف، وهي قد أثبتت ذلك خلال سنوات العدوان كلها، إذ لم تتوقف الخدمات ولَم تتوقف رواتب وأجور الموظفين الحكوميين حتى في المناطق التي سيطر عليها الإرهابيون لفترة مضت.فكيف ستكون طبيعة هذه المجالس في المحافظات والمدن والبلدات والبلديات بعد فترة الصمود والمواجهة ؟ وما المواصفات التي ينبغي توفرها في الشخصيات والكوادر المرشحة لشغل هذه المهمات والمتنافسة على قرابة ثمانية عشر ألف موقع تمثل عشر سكان سورية تقريباً؟قد يعتقد البعض أن الإرهاب أخرج بعض مؤسسات الدولة من دورها ووظيفتها وخاصة الوظيفة التنفيذية وإقرار المشاريع المرتبطة بحياة المواطنين بصورة مباشرة من خلال التخطيط لاحتياجات السكان في كل منطقة وفق خصوصياتها وطبيعتها الاقتصادية والبيئية والجغرافية ما بين مدينة وريف وبادية وجبل، وما بين منطقة صناعية وأخرى زراعية خصبة كانت أو شبه قاحلة.لقد أفرزت الحرب الإرهابية على سورية وقائع وحقائق على الأرض لا يمكن تجاهلها فقد تمسك بالأرض القسم الأكبر من المواطنين ورفضوا الرضوخ لكل محاولات الإبعاد عن الوطن تحت تهديدات الإرهاب من تفجير وقتل وتدمير وممارسات وحشية وأظهروا التزاماً وطنياً أبعد الخونة والعملاء ولفظهم خارج الحدود وخارج الزمن ولَم يعد لهم مكان في ساحات الوطن وبالتالي فإن الثابتين في الأرض يمثلون الشريحة القادرة على اختيار ممثليها ممن يمتلكون قدرات التصدي للمهمات الصعبة في مرحلة إعادة البناء والإعمار ورفع مستوى المعيشة في مختلف المحافظات، وهي مهمة التشريع المحلي لكل وحدة إدارية وفق احتياجاتها وتطلعاتها وتلك احتياجات يدركها أبناء كل منطقة أكثر من غيرهم مهما امتلك المشرعون والمخططون المركزيون رؤى ومعارف ومعلومات بتلك الاحتياجات.ووفق هذه الحقيقة فإن الانتخابات المحلية القادمة تستلزم استنفاراً حقيقياً لجميع المقدرات والإمكانيات الوطنية في ميادين العمل والإنتاج والخدمات والثقافة والتربية والتعليم تخرج أفضل النتائج بما يتناسب وطبيعة ووتيرة العمل المفترضة في الأيام القادمة، إذ ستكون سريعة ودقيقة وذات جودة عالية لتعويض ما دمّره العدوان وتجاوزه لخلق بيئة عمل تعاوني أوسع يرتكز لحس المبادرة المسؤولة والعمل التطوعي الواعي تأكيداً لحقيقة المجتمع السوري المتكامل، وهنا لن يكتفي السوريون بالمرشحين المبادرين وحدهم بل يفترض بأصحاب النفوذ الاجتماعي دعوة أصحاب الكفاءات والخبرات المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والرشاد والصلاح للترشح وتقديم الدعم الاجتماعي لهم باعتبارهم خيارات مجتمعية تستطيع الاضطلاع بصورة أفضل بالمهمات المحلية المستقبلية.قد يبدو الأمر صعباً من حيث الشكل لكنه يسهل أمام إصرار ذوي الشأن في الدفع بالشخصيات الكفوءة ممن لا يحظون بدعم اجتماعي واعتبارهم مرشحين لأوسع شريحة ليس لها هم أكبر من البناء الوطني.مصطفى المقداد
التاريخ - 2018-07-23 3:16 PM المشاهدات 603
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا